أي مشهد في العراق بعد تعيين وزيريّ الدفاع والداخلية؟

لا يزال المشهد في المنطقة يزداد غموضاً حول حقيقة أهداف الحرب التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية على تنظيم الدولة الإسلامية، خصوصا بعد توالي الأخبار الميدانية التي تتحدث عن تقدم نوعي للتنظيم في محافظة الأنبار التي تكاد تسقط بكاملها تحت سيطرة التنظيم ما يدل ويشير على أن الدعم الدولي والإقليمي لحكومة العبادي العراقية الجديدة لا يزال دعما هشاً ودونه عقبات عديدة تحول دون تخطي مكونات المجتمع العراقي حالة الإنقسامات الداخلية التي تمنع من بناء الثقة وتوفير التطمينات المطلوبة للطائفة السنية وعشائرها ورموزها وفعالياتها من أجل تكوين جبهة داخلية عراقية صلبة لمحاربة المخاطر الداهمة.

وبحسب مصادر متابعة لا يزال القلق والخوف يسيطران على قلوب أهالي العاصمة بغداد بسبب الأحداث الأمنية الأخيرة، وأغلب العراقيين فضلوا الجلوس في منازلهم خوفا من التفجيرات التي تضرب الأسواق بشكل شبه يومي،  حيث أن العديد من أهالي بغداد فكروا في الهجرة خارج الوطن، بعد انتشار مجاميع مسلحة في أغلب مناطق العاصمة لا يعرف أحد إلى أي جهة تنتمي، مبيناً أن المجاميع المسلحة غير الرسمية تصيب العراقيين بالخوف والهلع. مشيرة بأن الأحداث خيرة جعلت العراقيين يتجنبون المرور بالأسواق والأماكن المكتظة بالسكان خوفا من حدوث تفجيرات لأن المجاميع الإرهابية تستهدف الأماكن التي تدب فيها الحياة”.

 وتشير المصادر عينها بأنه يعيش سكان العاصمة بغداد حالة من القلق والخوف من الأنباء التي تشير إلى تهديدات محتملة من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية لبغداد، إضافة إلى تردي الأوضاع الأمنية وزيادة التفجيرات التي تستهدف المدنيين في الأسواق ونقاط التفتيش العسكرية في مداخل المدن.المصادر أشارت بأنه في سياق متصل، لقد تباينت الآراء في إقليم كردستان العراق بشأن طلب مجلس محافظة الأنبار الاستعانة بالقوات الأميركية لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية بين مؤيد ورافض، فقد أبدى حقوقيون ومواطنون تأييدهم لهذا الطلب، فيما اعتبر مراقبون أنه يمس السيادة الوطنية للبلاد ووصفوه بغير الواقعي.وكان مجلس محافظة الأنبار ورئيسه صباح كرحوت قد طلب من الحكومة العراقية الموافقة على إرسال القوات الأميركية إلى أراضيها لبسط الأمن ومقاتلة تنظيم الدولة, معللا طلبه بأن المحافظة سوف تسقط خلال 15 يوما في يد التنظيم.

إلى ذلك،وافق مجلس النواب العراقي،على تعيين وزيري الداخلية والدفاع، بحسب ما أفادت نائبة، بعد تأجيل لأكثر من شهر، وفي خضم المعارك بين القوات العراقية وتنظيم “داعش”، الذي يسيطر على مساحات واسعة من البلاد.وقالت سميرة الموسوي من التحالف الوطني الشيعي: “صوت مجلس النواب اليوم على محمد سالم الغبان مرشح كتلة بدر داخل التحالف الوطني وزيراً للداخلية وخالد العبيدي وزيراً للدفاع مرشحاً عن تحالف القوى الوطنية السنية”.

وحصل الغبان على 197 صوتا، بينما نال العبيدي العبيدي 173 صوتا من اصل 233 نائبا حضروا الجلسة. ويبلغ عدد نواب المجلس 328 عضوا.وكان مجلس النواب وافق على غالبية الوزراء الذين طرحهم رئيس الحكومة حيدر العبادي في الثامن من ايلول/سبتمبر، إلا ان الاخير طلب امهاله اسبوعا لتسمية وزيرين لشغل الحقيبتين.ورفض البرلمان سابقا مرشحي العبيدي للمنصبين نتيجة التباينات السياسية، ما ادى الى ترك ابرز حقيبتين امنيتين شاغرتين في خضم المعارك التي تخوضها القوات العراقية ضد مقاتلين تنظيم “الدولة الاسلامية” الذي يسيطر منذ حزيران/يونيو على مناطق في شمال العراق وغربه.

هذا وقد أدى ستة وزراء أكراد اليمين الدستورية بعد أن رفضت حكومة إقليم كردستان التفاهم إلى أن تحصل على عدد من الوزارات أكثر من الثلاث التي عرضت عليها عندما كشف رئيس الوزراء حيدر العبادي النقاب عن حكومته في الثامن من سبتمبر أيلول.وتوفر هذه الخطوة أساسا سياسيا أكثر قوة للعبادي للتعامل مع سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على معظم المناطق السنية من البلاد والواقعة إلى الشمال والغرب. وتساهم أيضا في تحسين العلاقات مع الأكراد والتي توترت بسبب مشاحنات حول مخصصات الميزانية ونزاعات على حقوق النفط والأراضي في الشمال.

وبالنسبة لحقيبة الدفاع ففد صوت البرلمان لصالح العبيدي وهو سني من مدينة الموصل الشمالية الواقعة الآن تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية. أما الغبان المنتمي إلى الحزب السياسي الشيعي القوي منظمة بدر التي لها جناح مسلح فسيتولى وزارة الداخلية.وينتمي العبيدي لنفس الحزب الذي ينتمي إليه أسامة النجيفي نائب الرئيس العراقي وهو صديق حميم لشقيقه أثيل النجيفي محافظ نينوى التي سيطر عليها مقاتلو التنظيم.

وينظر إلى الغبان على أنه حل وسط لمن يشغل منصب وزير الداخلية بعد أن أثار ترشيح هادي العامري قائد منظمة بدر اعتراضات من أحزاب سنية.وحصل الأكراد على مناصب وزير بلا حقيبة ووزارة شؤون المرأة ووزارة الهجرة والمهجرين إضافة إلى وزارة المالية ومنصب نائب رئيس الوزراء ووزير الثقافة التي عرضت عليهم في باديء الأمر.وقال وزير المالية الجديد هوشيار زيباري وهو كردي لرويترز إن الحكومة الجديدة تضم كافة الأطياف وستعالج القضايا الجوهرية للمصالحة واستتباب الأمن والاستقرار في البلاد وتحل القضايا العالقة لحكومة كردستان المتعلقة بالنفط والأراضي المتنازع عليها.

وأشادت الولايات المتحدة بهذه التطورات. وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للصحفيين “اتخذ العراق خطوة إيجابية للغاية اليوم باختيار وزيري الداخلية والدفاع.”وأضاف في تصريح له في بوسطن حيث كان يجري مباحثات مع عضو مجلس الدولة الصيني يانغ جيه تشي بشأن الدولة الإسلامية وقضايا أخرى “كان يجب شغل هذين المنصبين المهمين من أجل المساعدة في تنظيم الجهود فيما يتعلق بالدولة الإسلامية.”

وكان العبادي وهو لواء سابق في الجيش العراقي قبل عام 2003 في مدينة الموصل في الساعات التي سبقت سقوط المدينة في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية في يونيو حزيران. وقال إن متشددي الدولة الإسلامية استولوا على منزله الخاص في الموصل.

وفي السياق عينه، حث مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة على تعزيز وتوسيع حملة قصف في العراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المتطرفة المرتبطة به.

ويقوم تحالف عسكري بقيادة الولايات المتحدة بقصف مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين يسيطرون على مساحة واسعة من الأرض في كل من العراق وسوريا.وأبلغ الرئيس الأمريكي باراك أوباما قادة عسكريين من أكثر من 20 دولة تعمل مع التحالف بأنه يشعر بقلق عميق من تقدم تنظيم الدولة الإسلامية في بلدة كوباني السورية وفي غرب العراق.

وقال مجلس الأمن في بيان إن “أعضاء مجلس الأمن يحثون المجتمع الدولي وفقا للقانون الدولي بزيادة تعزيز وتوسيع الدعم للحكومة العراقية بما في ذلك قوات الأمن العراقية في القتال ضد (تنظيم الدولة الإسلامية) والجماعات المسلحة المرتبطة به.” وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة إن طيارين عراقيين كانوا قد انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا يقومون بتدريب أعضاء في التنظيم على قيادة ثلاث طائرات مقاتلة تم الاستيلاء عليها مشيرا إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تكون للتنظيم فيها طلعات جوية.

وشدد مجلس الأمن “على ضرورة دحر (تنظيم الدولة الإسلامية) وعلى ضرورة إنهاء عدم التسامح والعنف والكراهية التي ينتهجها” هذا التنظيم

بدورها،أشارت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية الى أن “حلفاء ومستشارين للرئيس الأميركي باراك أوباما، يدعونه إلى توسيع وتصعيد المواجهة مع تنظيم “الدولة الإسلامية”.

وأوضحت الصحيفة أن “الضغوط على أوباما تطالبه باستهداف النظام السوري، وأن سلطات تركيا تربط ذلك بمشاركتها في الحرب”.ودعت الصحيفة السلطات التركية إلى “إنشاء منطقة عازلة شمالي سوريا تسمح للولايات المتحدة بمواجهة نظام الرئيس السوري بشار الأسد مباشرة، وهو ما ترجوه دول خليجية”.

_______________

(*) – إعداد: هشام يحيى