العالم العربي اجمع بين التشرذم والانقسام

فيصل مرعي

يبدو ان العالم العربي اليوم في حالة من التشرذم والتفتت، بل الانقسام، لا سيما لجهة هذا التمذهب، الذي يسود جميع ارجاء العالم العربي، بما يوحي بأن التجذّر في هذه الظاهرة قد يُفسح في هذا المجال، الى ضرب روح التماسك والتلاحم، تطلعاً نحو وحدة عربية حقيقية، وبالتالي، حلول روح الانهزام والانغلاق محل الروح القومية المنفتحة والمعتدلة. ومن ثَمَّ الانحدار بسرعة نحو التفكك والانحلال الذي يشهده اليوم كلٌّ في بلاده، دون الانتباه الى هذا التلاقي على قاعدة القضية والمصيـر. فما نـراه اليوم، يدل دلالة واضحـة على ان العـرب حالياً -وللأسف- في حالة من التشتت والضياع. ضياع قد يودي بمقدّراتهم ومقوماتهم الى هوة الوادي السحيق، في وقت تعربد فيه اسرائيل مستغلة الاوضاع القائمة، وهذا التخبط والاضمحلال. تخبط لم يكن ليحصل لولا هذا التردِّي والترهل في معظم الانظمة العربية القائمة على اسس هشة، وبعيداً عن الديمقراطية الشعبية، والحرية والعدالة، واحترام شرعة حقوق الانسان…

ومن هنا، نعود ونؤكد: بأن لا حياة، ولا استمرارية لأنظمة تخلّت عن شعوبها، هي في الاساس لم تصل الى سدّة الحكم بطريقة ديمقراطية، بل بأساليب ملتوية ودموية. انظمة زائلة لا محالة. فها هي امبراطوريات حكمت شرق الارض ومغربها قد ولّت الى غير رجعة بسبب طغيانها، والحبال المثقلة بالمشانق. ما نعنيه في سياق كلامنا هذا، ان اعداء الشعوب هم في حالة سقوط وانهيار طال الوقت ام قصُر. وهم في الحكم حالياً، دون ان يحكموا. سيأتي يوم ليس ببعيد، ستندم هذه الانظمة على فِعلتها. ولات ساعة مندم.

في كل الاحوال، في الايام القليلة القادمة ستكون ايام هذه الانظمة من اسوأ الايام حيث الشعوب ستنتفض اكثر فأكثر، وحيث القرارات الدولية ستُفعَّل اكثر فأكثر، لا سيما منها القرار الناتج عن الفصل السابع، والذي هو في اساس القرارات القانونية، والقاعدة الاساس للانطلاق والتمركز على حدود هذه الانظمة. هذا القرار يعطي الحق للأمم المتحدة ولمجلس الأمن للدخول مباشرة الى مناطق التوتر في هذه الانظمة، دون تحديد المسافة او المساحة للتوغل، سواء اكان ذلك في مناطق تواجد الارهابيين او في مناطق نفوذ هذه الانظمة. وبموجب هذا القرار يبدو ان المجتمع الدولي استحصل على وكالة شرعية لتزويد المعارضة بالدعم المطلوب، خاصة وان كل قوى الضمير العالمي في نيته تقديم ما يلزم للمعارضة، وبالذات للجيش الحر، ممثلّ قوى الاعتدال، تقوية له بوجه قوى الظلام من جهة، وبوجه المستبدين ومرتكبي الاثام من جهة اخرى، ناهيك عن قرارات لم تُنفذ حتى الآن، تتضمن تجريد المتآمرين على الشعب السوري ما يمتلكون من اسلحة وعتاد، ولجمهم ولجم كل من له يد طولى في تأجيج الصراع.

وبالواقع لم يكن المجتمع الدولي ليأخذ هذا القرار في دعم المعارضة المعتدلة الا بعد ثبات المعارضة هذه في ساح الوغى والقتال، وفي وقت لم يعد بإمكان المجتمع الدولي تجاهلها او غضّ النظر عمّا حققته من انجازات ونجاحات، كقوة حركت الضمير العالمي، لا سيما بعد ان تأكد ان لا مفرّ من احداث تغيير يتمثل في انتقال السلطة الى الشعب في كل الانظمة الديكتاتورية، الا انه من المؤسف حقاً، هذا التردد الدولي بعد ان كان يتعاطف سياسياً وانسانياً مع الشعب السوري، وبعد ان لاقى كذلك تعاطفاً اقليمياً، والاسوأ من ذلك، والاشدّ سوءاً من قبل المجتمع الدولي والاقليمي، هو اشاحة النظر عن الموضوع الانساني، بحيث ن التلكؤ الدولي في قضية اللاجئين السوريين وصل الى حد التخلي عن امنهم الاجتماعي، والى حد تضييق الخناق على حريتهم، والتحريض اعلامياً من قوى معروفة المصادر والاتجاهات.

في خضم الاحداث التي تتفاعل وتزداد عنفاً، وسفك دماء، وازدراء لمعاناتهم ومشكلتهم، كما هو واقع الحال، هناك ما يتطلب من حوارات، ومبادرات فعلية، تتباناها دول القرار، خاصة منها التي تتظاهر الوقوف الى جانب الشعب السوري بالتعاون مع آخرين للخروج من المعركة بأقل الخسائر، سيما وان الوضع في سوريا في حال استمراره، قد يطال المنطقة برمتها، ويجلب من المآسي ما لا يتحمله عقل ولا منطق. وفي حال ترك الحبل على غاربه لن يجدي نفعاً ان قلنا: أخطأنا.

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

النزوح السوري وقانون التجنيس..

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

سلسلة الرتب والرواتب..

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

الدولة وحدها تحمي لبنان…