الفيلم الأميركي الطويل

وسام القاضي

 تركت حرب فيتنام بصماتها وآثارها على المجتمع الأميركي، وبقي هذا المجتمع يعاني من صدمات نفسية وإنعكاسات سلبية على العقول والنفوس لغاية يومنا هذا، فالهزيمة التي مني بها الجيش الأميركي ومعاناة جنوده الطويلة الأمد نتيجة لما تعرض له على أرض فيتنام، دفعت بالولايات المتحدة الأميركية الى إيجاد طريقة لتخفيف هذا الألم من خلال الأفلام الهوليودية والتي كانت تصور بطولات الجنود الأميركيين وتنتهي تلك الأفلام بإنتصارات وهمية لم يحقق شيء منها الجيش الأميركي على الأرض.

هذا بالطبع يشير الى قدرة الأميركيين على تحويل الهزيمة إلى نصر حتى ولو من خلال الأفلام السينمائية. وما نعيشه اليوم في المنطقة هو فيلم أميركي بإمتياز، حيث كاتب السيناريو هو أميركي والمخرج هو أميركي، لكن المنتج هو عربي، حيث يدري أو لا يدري يدفع ثمن إنتاج هذا الفيلم الذي تم البدء بتصويره بعد حرب أوكتوبر 1973 والذي كتب مقدمته وزير الخارجية الأميركية السابق هنري كيسنجر، من خلال مشروعه لتقسيم المنطقة، والذي ظهرت معالمه الأولى في الحرب اللبنانية عام 1975 وصولا إلى ما يحدث اليوم في المنطقة العربية.

إن الحرب العراقية – الإيرانية والتي إستمرت 8 سنوات كانت بإخراج أميركي وتمويل عربي، ودخول صدام حسين إلى الكويت كتبت السيناريو السفيرة الأميركية السابقة في العراق ابريل غلاسبي، وحرب الخليج الأولى والثانية وضع الأميركيون السيناريو لها ونفذوا الإخراج والتمويل طبعا عربي، وكل ما جرى من أحداث في هذه المنطقة وحتى يومنا هذا يضع الأميركي السيناريو ويخرجه والتمويل يكون عربيا.

وإذا نظرنا بصورة أشمل وأوسع الى الساحة العالمية نجد بصمات الإدارة الأميركية في كل مكان، فهي التي تعمل بنفس طويل ولأمد بعيد لتحقيق أهدافها، فهل نتذكر كيف تم إختيار البابا بولس الثاني من بولندا ليتولى الكرسي البابوي، حيث وضع المسمار الأول في نعش المنظومة الإشتراكية من خلال إضرابات حركة التضامن بقيادة النقابي ليش فاليسا والتي زعزعت ليس فقط إستقرار بولندا بل كافة دول الشرقية والتي إنتهت بإنهيار الاتحاد السوفياتي عندما تولى غورباتشيف القيادة.

وها هي الأحداث في أوكرانيا توجه ضربة قاسية وتحذيرية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن المايسترو الأميركي ما زال على الساحة وقادر على التحرك، ودول العالم هي كلعبة الشطرنج حيث يتم نقل الجنود وحتى الملوك من موقع إلى آخر وفق المصالح والأهداف.

وعليه فليخفف البعض من كلامه الإستهلاكي المحلي حول إفشال المشروع الأميركي، لأن الشرق الأوسط الجديد والذي تحدثت عنه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس، يبصر النور رويدا رويدا، لأن التخطيط لم يكن وليد الساعة بل هو مخطط مرسوم وفق سيناريو محدد.

أمام لعبة الأمم هذه، وفي ظل الدور الأميركي في العالم، فإذا كان التحالف مع الأميركيين هو غباء فإن الخصومة معهم هو غباء أيضا، لأنه في الصراعات الكبيرة وأمام العواصف العاتية على الإنسان أن يحفظ رأسه، كي لا يكون وقودا تستثمره الدول الكبرى، فالمسيرة قاسية لأننا نسير بين الألغام، والفيلم الأميركي سيكون طويلا جدا.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار