ما هي آخر التطورات العسكرية في مدينة “كوباني”؟

لا تزال الأنظار مشدودة نحو ميدنة عين العرب “كوباني” التي تشهد محاورها كافة أشرس المواجهات والمعارك العسكرية التي وصفها أحد المحللين الإستراتيجيين بان مدينة “كوباني” تكاد تكون “ستالينغراد” هذا العصر نظرا لشدة وضرواة المواجهات بين قوات تنظيم الدولة الإسلامية الذين يستميتون لإقتحام المدينة وبين دفاع أشرس وصمود اسطوري لقوات حماية الشعب الكردي الذين يتصدون بإمكانيات وقدرات عسكرية هي أقل بكثير مما تملكه داعش من سلاح ثقيل وحديث .

وفي هذا الإطار،  عزز تنظيم “داعش” السبت سيطرته في مدينة عين العرب السورية – كوباني، رغم المقاومة الشرسة التي يبديها المقاتلون الاكراد، في حين أبدت الامم المتحدة مجددا قلقها على مصير آلاف المدنيين.وفيما دخلت الحملة العسكرية للتحالف على التنظيم المتطرف شهرها الثالث في العراق واسبوعها الثالث في سورية من دون ان تتوصل الى صد التنظيم خصوصاً في عين العرب، يعقد القادة العسكريون في الدول الـ21 المشاركة في التحالف الدولي اجتماعا الثلاثاء في واشنطن لتقييم استراتيجيتهم.وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة “الصحافة الفرنسية” امس السبت ان “المقاتلين الاكراد الاقل عدداً وتجهيزاً نجحوا في صد جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية على جبهات عدّة”. وقال المرصد ان 23 مسلحاً من تنظيم الدولة قتلوا السبت عندما كانوا يحاولون ادخال عربات من الجهتين الجنوبية الغربية والغربية للمدينة.

وبحسب مصادر عسكرية فأن مقاتلي تنظيم “داعش” باتوا يسيطرون على نحو 40 في المئة من المدينة التي تبلغ مساحتها ستة الى سبعة كيلومترات مربعة وتحيط بها 356 قرية وتبعد حوالى كيلومتر عن الحدود. فقد سيطروا على شرقها وتقدموا من جهتي الجنوب والغرب نحو وسطها. وكانوا قد سيطروا الجمعة على مقر القوات الكردية في شمال المدينة.وقال مدير اذاعة “آرتا اف ام” الكردية مصطفى عبدي في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية إن “المقاتلين الاكراد يتزايد احباطهم وتتناقص ذخائرهم ويطلبون المزيد من الغارات”.وأكد ان “لا أحد من المقاتلين ملزم بالبقاء، لكن الجميع لا زالوا هنا وقرروا ان يدافعوا عن المدينة حتى اخر طلقة”.

ومنذ بدء الهجوم على كوباني في 16 سبتمبر، قتل 577 شخصاً، معظمهم من المقاتلين، بينهم 321 من عناصر تنظيم “داعش”، بحسب المرصد الذي أشار إلى سقوط نحو 70 قرية بأيدي التنظيم المتطرف.وعلاوة على ذلك، فر 300 ألف من سكان المدينة، وصل أكثر من 200 ألف منهم إلى تركيا.

من جهته، قال مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي مستورا ان “اكثر من 700 مدني لا يزالون في وسط المدينة معظمهم من المسنين في حين تجمع ما بين عشرة آلاف و13 الفاً قرب الحدود مع تركيا”.وحذر دي ميستورا من انه اذا سقطت المدينة نهائيا فان هؤلاء المدنيين سيتم “قتلهم على الارجح”.

ونفذت طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الجمعة والسبت ست غارات قرب هذه المدينة المحورية الواقعة شمال سوريا قرب الحدود مع تركيا، وفق ما اعلنت القيادة الاميركية المكلفة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى.الى ذلك، قال وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل أمس السبت إن “مدينة كوباني السورية تمثل مشكلة صعبة للغاية”، ولكنه أضاف إن “الغارات الجوية حققت بعض التقدم في صد مقاتلي التنظيم.

وفي سياق متصل، انطلقت تظاهرة للجالية الكردية في لبنان شارك فيها عدد كبير من الشبان الأكراد، من  أمام مستديرة الكولا في اتجاه الاسكوا، احتجاجا على ما يتعرض له الشعب الكردي في كوباني. وأصدر المحتجون بياناً اتهموا فيه تركيا بلعب دور سلبي “منذ بدأ الثورة السورية وحتى الآن، حيث دعمت الجماعات الارهابية من أحل حماية مصالحها. واستخدام الارهابيين ضد مشروع الادراة الذاتية وفكر الأمة الديمقراطية، والذي بدوره يعتبر مشروع الحل لجميع المشاكل العالقة في المنطقة. حيث ان الحكومة التركية تعلن عن مشروع السلام من أجل حل القضية الكرية في شمال كردستان، ولكنها بنفس الوقت تقوم بتخطيط وبرمجة هجوم على روج آفا لاسيما مدينة كوباني بتنسيق مه الارهابيين “داعش” وتسهّل عملية تواجدهم في تركيا وتأمين معسكرات تدريبية بالاضافة إلى معالجة جرحاهم في مشافيها، وشراء النفط من الارهابيين من معبر تل أبيض”.

ورأى البيان أنّ “الحصار والهجوم على كوباني ليس مجرد حصار وولا يستهدف فقط المكتسبات الديمقراطية للشعب الكردي، بل انه سيؤدي بتركيا ايضا الى مرحلة انقلابية جديدة طويلة الأمد”.

وشكر المحتجون “التحالف الدولي لضربه وقصف طائراته  للارهابيين”، مطالبين “باستمرار الضربات الجوية والتنسيق مع وحدات لحماية الشعبية ودعمها بالاسلحة، كما نطلب الأمم المتحدة تفعيل دورها بفتح ممرات انسانية آمنة من أجل دعم مدينة كوباني بكافة الوسائل العسكرية واللوجيستية والضغط على الحكومة التركية من أجل تكّف يدها عن اعتقال الصحفيين والمدنيين والشباب الذين يريدون الدفاع عن مدينة كوباني ووقف دعمها للارهابيين”.وأضاف البيان: “اليوم لم يعد أمامنا سوى أن نرفع من وتيرة النقاومة ونحوّل كل مدينة من العالم إلى كوباني، ونسخّر كامل طاقاتنا في سبيل كسر شوكة الارهاب العالمي “داعش”. وعلينا أن ندرك حجم الخطر الذي يحيط بنا، لأن الارهاب عدو غاشم للديمقراطية ويدمر كل شيء له علاقة بالحضارة الانسانية، وعلينا أن نتكاتف لضرب هذا الوباء. ورسالتنا للعالم هي ان مساندة مقاومة كوباني يعني القضاء على الارهاب العالمي”.

وفي هذا الإطار،لفتت صحيفة “اندبندنت” البريطانية الى أنه “في ظل سيطرة تنظيم “داعش” المتشدّد على نحو 40 بالمئة من عين العرب السورية وامتناع السلطات التركية عن التدخل على الأرض لعدم قبول شروطها بفرض حظر على الطيران واقامة منطقة عازلة من الجانب السوري فإنه من الأرجح أن يتعرض سكانها لمذبحة شبيهة بما حدث في سربرنيتشا في إشارة إلى المذبحة التي شهدتها البوسنة والهرسك سنة 1995 على أيدي القوات الصربية وراح ضحيتها حوالي 8 آلاف شخص ونزح عشرات الآلاف من المدنيين المسلمين من المنطقة”.

وأوضحت الصحيفة أن “استمرار تمسك السلطات التركية بعدم نقل معونات انسانية إلى الاكراد في تلك المدينة واغلاق الحدود وعدم مرونة الغرب في الموافقة على الشروط قد يفاقم من عواقب سقوط كوباني ويشكل تهديدا على حياة الآلاف الذين علقوا داخل المدينة او على الحدود”.وأشارت إلى أن “السلطات التركية في موقف صعب مع الضغوط الغربية وحساسية علاقتها مع الأكراد من ناحية وتورطها في ضرورة التحرك لانقاذ حدودها واحتواء تدفق اللاجئين اضافة إلى احتجاجات الاكراد وما يحدثه ذلك من توتر داخل تركيا ويهدد اتفاق السلام الموقع بين الحكومة التركية وحزب “العمال” الكردستاني”.

______________

(*) – هشام يحيى