متى ترتقي قامة المسيحيّين إلى مصيريّة وجود الوطن

محمود الاحمدية

“عندما يكون الوطن في خطر، فكل أبنائه جنود” (لاكوردير)

رب قارىء كريم سيتفاجأ بالعنوان من حيث حصريّة تحميل مسؤولية الأوضاع الخطيرة الحالية التي يمرّ بها الوطن… ولكن الواقع يختلف والمبدأ يختلف… إذا استعرضنا الأحداث الجارية والوقائع المصيرية التي نعيش في أتونها، تتوضّح الصورة أكثر وتظهر المسؤولية وحجمها وهي جبال مشاكل وهموم تعترض حياتنا اليوميّة بالبعد الإقتصادي وإنعدام المشهد الأمني والسيبان الحدودي وعدم وجود عنصر المحاسبة وعدم القدرة على تطبيقه… وتعداد المفاصل الخطيرة التي يمر فيها الوطن ويشكل قائمة لا نهاية لها يظللها عنوانان الفساد وعدم المحاسبة… وصولا” إلى عقدة العقد: الرهائن في جرود عرسال… والذي لفت نظري مقابلتان الأولى كانت مع الأستاذ سمير فرنجية والثانية مع الأستاذ توفيق الهندي بحضور الوزير الأسبق محمد عبد الحميد بيضون وكان القاسم المشترك في المقابلتين الإضاءة على ضعف الدور المسيحي بشكل عام في هذه المرحلة المصيرية وانعدام الرؤيا والتخطيط وغلبة عنصر الأنا التي تدمّر الوطن بشكل يومي طالما كرسي الرئاسة فارغ تعصف به رياح الأنانية، فالمرشحون الأربعة يجمعهم قاسم مشترك هو إستحالة وصولهم إلى سدّة الرئاسة وهذه الإستحالة تشكل مفصلاً سلبياً في مسيرة المسيحيين والتي وإذا استمر العناد والأنانية، ستُفْقِد المسيحيين دورهم التاريخي في بناء هيكل الوطن… أين فؤاد شهاب باني المؤسسات والزاهد بالحكم… أين كميل شمعون في رؤياه وذكائه وقدرته على التحكم في تسيير دفة الوطن بالرغم من ثورة 1958 المحقة والراسخة بأهدافها بقيادتها بمناضليها… أين بشير الجميل وأؤكد بشكل شخصي وبالرغم من مواقفه التي أتناقض معه فيها ولكنه بعد أن انتُخِبَ تصرف كرجل دولة وأسرعوا في إغتياله… والشيء المؤسف هو إصرار جزء كبير من الزعماء المسيحيين بالتصرف كأهل ذمّة بالرغم من كل تاريخهم الحافل حتى على الصعيد العربي ومشاركتهم الأساسية في قيام النهضة العربية، وقد انخفض دورهم إلى مستوى إقامة مؤتمر لدعم المسيحيين في الشرق في مدينةٍ أميركيّة تُعَدَ بكل المقاييس مركز المؤامرات التاريخي عليهم فبدل الذهاب إلى أميركا وإستجداء الغرب والقيام بلعبة مريبة تبرّىء ساحة النظام السوري والتصرف كأقلية في هذا الشرق، كان من المطلوب وبقوة أن يتصرف بعض القياديين بطريقة الشريك في هذا الوطن والإبتعاد عن إختيار ثياب الأقليات والتصرف على هذا الأساس… المسيحيون في لبنان كدور وتاريخ أكبر من أن يقارنوا بمسيحيي العراق، فهم في أساس تكوين لبنان ودورهم التاريخي أكبر شاهد على ذلك.

وخلاصة القول أن الدور المسيحي المطلوب هو الدور الموجّه القادر الهادف المرتكز على قيمة تاريخية وحجم تاريخي بحجم النهضة العربية، الدور المقرب وبقوة بين الشيعة والسنة، وهو خلق كيمياء سياسية تضع لبنان أولاً وأخيراً للجميع وعدم الإنجراف وراء غيوم الرئاسة ووعود الرئاسة والإرتقاء للوصول وفوراً وفي سباق مع التاريخ إلى الإتفاق على رئيس للجمهورية كنقطة إرتكاز أولى ومن ثمّ إقامة الإنتخابات النيابية والعودة بلبنان من حاضنة الفوضى التي يريدها البعض وبقوة إلى حاضنة الوطن السيد الحر المستقل…

شركاؤنا في الوطن… إخواننا المسيحيون… الوطن يناديكم بالإرتقاء إلى مستوى إنقاذه من الإضمحلال والزوال في خِضَم محيط شرق أوسطي يتلاطم موجه وتفقد شواطئه بسرعة عجيبة ملامحَها، الربيع العربي بدأ في ساحة الحرية في بيروت وشرارته غطت العالم العربي ونجح في تونس وسينجح بعد حين مهما طال الزمن في الدول الأخرى… قليلاً من الرؤيا ياسادة لأنكم كنتم أحد الضلوع الأساسية للربيع اللبناني ومن ثمّ العربي فما بالكم حاليا” تتخلّون عن هذا الدور وتتركون الوطن بلا رأس يحكمه قبل أن تتغير الأحوال وتتغير الحدود وتتغير هوية الرؤساء!

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة