تفضلوا وانتخبوا رئيساً

جليل الهاشم

عندما يترشح 514 شخصاً الى انتخابات نيابية مفترضة بعد أقل من شهرين فهذا يعني أن النخبة السياسية في البلد لا تزال قلقة على مواقعها الشخصية أكثر مما هي حريصة على السير في العملية الديموقراطية المؤسساتية التقليدية التي يفرضها الدستور والقوانين والأعراف.

فالمجلس النيابي القائم هو مجلس ممدّد له وقد انتخب قبل أكثر من خمس سنوات وقد مدّد لنفسه لما يزيد عن سنة ونصف السنة رغم أن ظروف الانتخاب في حينه كانت أفضل بكثير من الظروف القائمة حالياً ومع ذلك فإن المجلس سجّل فشلاً ذريعاً في مواجهة المهمات الأساسية التي طرحت وتطرح عليه فالتمديد تم تحت حجة إتاحة الوقت لمناقشة ولإقرار قانون جديد للإنتخابات وها أن مهلة التمديد تنتهي من دون أي بحث في هذا المجال. ويعود البلد الى نقطة الصفر إياها حيث المطروح العودة الى قانون 1960 الذي تقوم عليه القيامة في كل مرة لتتم الإشادة به فيما بعد. وهذا المجلس مُدّد له لضمان إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وإذاء هذه المهمة الأساسية في إعادة تركيب المؤسسات وتعبئة فراغاتها فشل النواب وكتلهم فشلاً مدوياً فلا رئيس ولا من يحزنون.

وفي موازاة ذلك تتراكم المشاكل من كل حدب وصوب. ويوم الاثنين بالذات استفاق اللبنانيون على انقطاع تام للتيار الكهربائي في كل لبنان ولم يفهم هؤلاء سر هذا الانقطاع رغم بيانات الشرح الغير مفيدة الصادرة عن مؤسسة كهرباء لبنان غير أنهم فهموا أمراً واحداً وهو أن مؤسسة الكهرباء نفسها باتت رهينة تجاذب القوى والمصالح وأن حماة المولدات المحلية يقيمون دولتهم على أنقاض مؤسسات الدولة التي صرفت عليها مليارات الدولارات. ويسأل كثيرون في المناسبة عن معنى كل ذلك الإقبال على الترشيح من أجل الحصول على مقعد في وقت يغيب فيه أي معنى للترشيح نفسه فما من مرشح يقول ماذا سيفعل بالكهرباء لأنه لم يفعل شيئاً أصلاً فيما الأزمة مفتوحة، وما من مرشح يعلن كيف سيحل مشكلة المياه عدا إقتراحات لاستيرادها من بلدان بعيدة. وقبل ذلك ما من مرشح يقول شيئاً في شأن المدارس والشهادات والمطالب النقابية فيما مدارس لبنان لا تتسع للتلامذة اللبنانيين والطلاب السوريين.

إنها مهزلة بل مسرحية هزلية حفلة الاقبال هذه على الترشيح فيما المطلوب أمر واحد وأساسي وهو الذهاب فوراً الى مجلس النواب قبل نهاية التمديد الحالي وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة تقرر ما ستفعله لإجراء انتخابات نيابية ضمن المهل الدستورية. أما السير في دروب أخرى فلن يكون سوى تغطية على تفاقم المشاكل وتناسلها ولا علاقة لها لا بالديموقراطية ولا بالمؤسسات.