مؤتمر جدة: فخ اميركي جديد

د. صلاح ابو الحسن

اثنتا عشرة دولة التقت في المملكة العربية السعودية.. لتعويم “الكذبة” الاميركية بنسختها الجديدة.

الرئيس اوباما يعلن “استراتيجية شاملة متواصلة لمكافحة الارهاب”!!.. يعني ذلك ان الحرب على “داعش” قد تستمر سنوات..

واليوم سمعنا الـ”سي. أي آي” تقول ان عدد الارهابيين من تنظيم “داعش” يُقدّر بين 20 و31 الف مقاتل.. والغريب في الامر ان تنظيم “داعش” الذي احتل ما يُعادل مساحة بريطانيا، خلال ثلاثة أشهر، نسمع اليوم الرئيس اوباما يقول: انه بحاجة لثلاث سنوات وربما اكثر لـ”اضعاف وتدمير” هذه المنظمة الارهابية..

نعم، تجتمع الدول العربية والاوروبية والولايات المتحدة الاميركية في جدّة، لتضع استراتيجية “طويلة الأمد”، لاستعادة ما احتلته “داعش” خلال ثلاثة أشهر..

والواضح ان الولايات المتحدة تتولى العمليات الجوية.. وتترك للعرب التورط في العمليات البرية.. انه يقول للعرب المجتمعين في جدّه: الضحايا منكم.. والقيادة لنا..!!.. واوباما يعلم ان لا جدوى من العمليات الجوية ضدّ الارهاب!!..

اليوم سمعنا رئيس الوزراء العراقي يقول: مصدر الارهاب اي تنظيم “داعش” هو سوريا.. والسؤال كيف يمكن حصر استراتيجية محاربة داعش في العراق فيما “نبع” الارهاب في سوريا غير وارد في “الاستراتيجية”؟؟!!..

سمعنا الرئيس اوباما يقول في رسالته الي وجهها الى العالم: في سوريا نقدم مساعدات عسكرية الى المعارضة السورية”.. لكننا نخشى ان نسمعه يقول غدا، “مساعدات عسكرية غير فتّاكة”.. لقد عودنا الرئيس الاميركي، للأسف، ان لا يصمد في موقفه لأكثر من ليلة واحدة..

خاصة ان البيان الختامي للقاء “الـ12” في جدّة لم يأت على ذكر سوريا لا من قريب ولا من بعيد.. فقط سمعنا الرئيس اوباما يقول: “يجب أن نقوي المعارضة السورية لمجابهة المتطرفين مثل داعش”.. اين تصرف المعارضة السورية هذا الكلام.. الشعب السوري لم يعد يصدّق اي كلام يصدر عن البيت الابيض.. الشعب السوري يقول: “الكذب ملح البيت الابيض”.. ومجنون من يصدّق الرئيس باراك حسين اوباما..

لا يمكن اصطياد الارهابيين الذين يهددون الولايات المتحدة في العراق وتركهم يرتعون في سوريا.. ولا قيمة لمحاربة الارهاب اذ لم تكن البداية من سوريا مصدر الارهاب.. البداية تنطلق من “صيدنايا” حيث اطلق بشار الاسد جماعة “داعش” في ايلول 2011.. “خميرة” الارهاب هذه، كانت في سجون النظام.. وكانوا “غب الطلب”.. ارسلهم في العام 2003 الى العراق لمحاربة الاحتلال الاميركي.. وارسلهم الى لبنان خلال معارك نهر البارد عام 2007..

لو قام باراك اوباما بدعم الثورة السورية في العام 2011، لما كانت داعش موجودة اليوم.. ولما كنا بحاجة لاستراتيجية الوزير جون كيري.. البيت الابيض وتخاذله وتردده هو المسؤول عن تنامي الارهاب اليوم في المنطقة..

ضاع اوباما في دهاليز “الملف النووي” الايراني وهو لن يخرج منه منتصرا.. وضاع في “شرك” “الكيماوي” السوري.. ووقع في الفخ..

الغريب اليوم، هو الموقف الروسي الذي يدعو الى اشراك النظام السوري في محاربة الارهاب!.. ومتى كان الارهابي ومنتج ومصدّر الارهاب شريكاً في محاربته؟؟!!.. الا اذا كان بشار الاسد لا يزال يراهن ان العالم وخاصة الاميركي لا يمكنه الاستغناء عنه.. من يدري؟؟ ربما ينجح رهانه.. في عصر باراك اوباما!!!!… الذي سبق ان راهن على “انتصار” في الملف النووي الايراني.. ليحفظ ماء الوجه لكنه حتى الآن فشل.. وسيفشل مستقبلا.. النووي خط احمر عند ولي الفقيه وكذلك بالنسبة للحرس الثوري وللرئيس المعتدل روحاني..

“المسخرة” عندما تسمع جهابذة النظام السوري بثينة شعبان، وليد المعلم، علي حيدر وغيرهم.. يطالبون الولايات المتحدة بـ”احترام القانون الدولي” في مكافحة الارهاب.. وطبعا يلاقيهم في ذلك روسيا وايران.. باعتبارهما “نماذج” في احترام القوانين الدولية، الاول في أوكرانيا والثاني مع المعارضة الايرانية.. اما نموذج براميل النظام السوري ضد شعبه فانها تمثل قمة الالتزام..

لم يخجل باراك اوباما من القول، ان ذبح الصحافي الأميركي ستيفن سوتلوف غيّر استراتيجية البيت الابيض.. بينما كيماوي وبراميل النظام لم تحرّك مشاعر الرأي العام الاميركي والكونغرس الذي قتل وذبح اكثر من مئتي الف قتيل ودمر وهجّر سوريا وشعبها..

السياسة الاميركية تثبت وتُؤكد “خرافة” و”كذبة” ما يُسمّى “الرأي العام”..

لن يتمكن باراك اوباما من تلميع صورته ولن يُسجّل له التاريخ أية بطولات، لا في النووي ولا في الكيماوي ولا في القضاء على الارهاب.. بل سيُكتب في تاريخ البيت الابيض ان باراك اوباما كان الرئيس “الأفشل” في تاريخ الولايات المتحدة.. دخل البيت الابيض رئيسا لاقوى دولة في العالم.. وسيخرج موظفا ضعيفا وهزيلا..

سيسجّل التاريخ، انه اضاع فرص التغيير على شعوب الشرق الاوسط من ايران الى سوريا مرورا بالعراق.. انه حمى قادة الانظمة الديكتاتوربة من المحاسبة.. انه ساهم في تنامي الارهاب وضرب الاعتدال.. انه راهن على الاخوان المسلمين في مصر وخسر الرهان.. وانه بتخاذله استدرج الارهاب الى الولايات المتحدة والى اوروبا..

على كل حال، الرهان على اميركا او على رئيسها.. رهان خاسر.. ومشكلة العرب انهم يهوون الرهانات الخاسرة..

وها هو لبنان بفريقيه، واحد راهن على انتصار النظام.. وغرق في وحول حربه.. وآخر راهن على سقوط النظام خلال ايام وغرق في الاوهام.. واليوم يراهنون على التوافق السعودي – الايراني لانتخاب رئيس للجمهورية ويُغرقون لبنان وشعبه وامنه واقتصاده في الفوضى وفي المجهول!!..

وانتقلنا من شعار “لبنان اولا” الى “انا أولا”.. ووحده لبنان في الآخر.. وخارج كل الحسابات العربية والاقليمية والدولية..

اقرأ أيضاً بقلم د. صلاح ابو الحسن

“الدروز” الى أين؟؟!!

هل “هزة” حماة وحلب تُبدل قواعد اللعبة

الى رفاقنا وأهلنا وأصدقائنا في المتن الأعلى “تجربتكم مع هادي سبقت نيابته”

ترامب ومصير الإنتخابات

الناخب بين “الحاصل” و”المحصول”

قانون الإنتخاب “الإلغائي” و”شفافية” التزوير..

لا تصدّقوا وعود الإنتخابات

لا تستخفوا بالمعترضين

بعد الغوطة.. الإرهاب أرحم

ولماذا الإنتخابات؟!

انقلب باسيل على تفاهم مار مخايل.. وقضي الأمر!!

هكذا صهر يُعفي العهد من الأعداء

مصائر الديكتاتوريات متشابهة!

بين نداء الحريري ونداء “صاحب الزمان”!!

ما أحوجنا اليك

وأخيرا… “طفح الكيل”!

“كأنه حُكم على اللبنانيين أن يحكمهم دائما الجهال”..

رسالتي الى الرفيق تيمور

إنتصار “الأوهام” الكاذبة!

صنّاع الإرهاب هم صنّاع تقسيم سوريا!