الحرب على داعش: تعاون وتنافس وتناقض
رفيق خوري (الانوار)
16 سبتمبر 2014
فرنسا تريد أن تكون حاضرة بقوة في المنطقة، لا خلف اميركا بل في الصف الأول معها. فهي طرحت فكرة مؤتمر دولي حول الأمن والسلام في العراق وحددت موعد عقده في باريس قبل اكتمال الصورة في واشنطن: من إعلان الرئيس باراك أوباما استراتيجية الحرب على داعش الى حركة وزير الخارجية جون كيري لترتيب التحالف الإقليمي والدولي وعقد اجتماع جدة. والمؤتمر جاء على الطريقة الفرنسية في تنويع الدعوات اليه للتأثير في التحالف الذي جاء على الطريقة الأميركية في الامتناع عن دعوة البعض.
وليس في التحالف الإقليمي والدولي للحرب على داعش سوى مزيج من التعاون والتكامل والتنافس. فلا كل المدعوين الى عضويته يقفون عند مطلب وحيد. إذ تطلب مصر محاربة كل التنظيمات الإرهابية، لا فقط داعش، وبينها الاخوان المسلمون وجبهة النصرة وبقية المتحدّرين من القاعدة.
وتبدو تركيا متردّدة تختبئ وراء حجج غير مقنعة الى حدّ إعطاء الإنطباع بأن خوف كثيرين من خطر داعش يرافقه الخوف على التنظيم على البعض. ولا كل الذين تجاوزتهم الدعوات الى العضوية هم خارج الحرب على الإرهاب. إذ الخيط الرفيع بين من هو مرفوض ومن هو رافض. والباب واسع للتعاون من تحت الطاولة، وإن كان مجال التعاون فوق الطاولة مسدوداً.
ذلك أن العقدة الكبيرة في الحرب على داعش ليست في العراق بل في سوريا. وهي بالطبع عقدة المصالح لدى مَن هم في التحالف ومن هم خارجه. صحيح ان المعادلة في مؤتمر باريس هي تهديد داعش دولي، والرد يجب ان يكون دوليا. لكن الصحيح أيضاً أن المسألة هي مَن يربح محلياً من ضرب داعش ويملأ فراغه ومَن يدعمه خارجياً. فما يحرّك موقف موسكو هو موقع حليفها السوري، لا نقص الشرعية الدولية لدى التحالف، ما دامت تخرق الشرعية الدولية في أوكرانيا. وما تصرّ عليه دمشق هو ضرب داعش لمصلحة النظام، وإلا اعتبرت كل ما يحدث اعتداء على سوريا.
وليس من الصعب قراءة ما بين السطور الايرانية التي سجل فيها المسؤولون أن أميركا هي الداعم الرئيسي للإرهاب وإن التحالف أمر مشبوه ويفتقر الى العقلانية ويعمّم الكراهية. فخلال الغزو الأميركي السابق لأفغانستان ثم العراق كانت طهران تمارس السياسة انطلاقاً من قول شاعر فارسي قديم: إضرب رأس الأفعى بيد عدوّك، وكانت هي المستفيدة. أما الآن، فإنها تخشى من ألا يأتي ضرب الأفعى بيد العدو لمصلحة النظام السوري والمشروع الإقليمي الايراني الذي كان صعود داعش ضربة له.
ولا شيء يضمن نجاح الإستراتيجية الأميركية.