الحرب الدولية على “داعش” والتوازنات الجديدة في المنطقة

تترقب الاوساط السياسية تطور الاحداث في المنطقة وانعكاسها على لبنان، لا سيما تشكيل التحالف الدولي لمحاربة الارهاب و تنظيم (داعش)، بعد أن حسم الرئيس الأميركي موقفه، باستبعاد النظام السوري من المشاركة في التحالف الدولي، واستثناء إيران وروسيا، حيث بات من الواضح ان ان اجتماع وزراء بعض الدول العربية في جدة اليوم مع وزير الخارجية الاميركي ووزير خارجية تركيا، سيكون له كلمة الفصل في آليات عمل التحالف، خاصة وان استراتيجية مواجهة (داعش) التي اعلن عنها الرئيس اوباما ستطال مواقع التنظيم في سوريا بالتنسيق مع المعارضة السورية المعتدلة، التي أعلن البيت الابيض دعمها بالسلاح والعتاد، ووافقت المملكة العربية السعودية على استضافة مراكز تدريب لها على اراضيها.

هذه التطورات التي رسم حدودها خطاب الرئيس الاميركي والذي تضمن ثلاث نقاط اساسية:

1- شن هجمات داخل سوريا بعد أن تراجع قبل عام عن شن ضربات جوية لمعاقبة الرئيس السوري بشار الأسد على استخدام أسلحة كيماوية ضد شعبه.

2- طلب أوباما من الكونجرس الموافقة على تخصيص 500 مليون دولار لتدريب وتسليح مقاتلي المعارضة “المعتدلين”. وسيتم التدريب في المملكة العربية السعودية.

3- توسيع قائمة الأهداف داخل العراق لتتجاوز عدة مناطق معزولة. حيث شن الجيش الأمريكي اكثر من 150 ضربة جوية في العراق خلال الشهر الاخير للمساعدة في وقف تقدم مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.

وسيرسل أوباما 475 مستشارا أمريكيا اضافيا لمساعدة القوات العراقية ليصل العدد هناك إلى 1600. وأكد أوباما الذي قرر تجنب تكرار حرب العراق أن هؤلاء الافراد لن يشاركوا في القتال.
وفي تحرك مهم قد يساعد في حشد دول الخليج العربية وراء التحالف الذي ستقوده الولايات المتحدة قال مسؤولون أمريكيون بارزون إن المملكة العربية السعودية ستستضيف داخل أراضيها بعثة أمريكية لتدريب مقاتلي المعارضة السورية. وتعتمد البعثة على موافقة الكونجرس الأمريكي على تخصيص 500 مليون دولار لتدريب وتسليح مقاتلي المعارضة السورية. وجاء القرار السعودي بعد أن تحدث أوباما هاتفيا في وقت سابق مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي حث الحكومة الأمريكية على بذل المزيد لانهاء الصراع السوري.

المصادر المطلعة رأت أن التحول الأساسي في الموقف الأميركي يتمثل في موافقة أوباما على تشكيل قوات معارضة سورية قوية بعد أن صرح في مقابلة حديثة مع نيويورك تايمز في الثامن من اب الماضي بأن فكرة احداث المعارضة التي تسلحها الولايات المتحدة فرقا على الأرض في سوريا هي “ضرب من الخيال”.

المصادر اوضحت ان هذه المواقف الاميركية الجديدة تدعم مواقف وزير الخارجية الاميركي في لقاءاته مع القادة السعوديين ، وغيرهم من قادة الدول العربية الذين ابدوا ترددا في الانضمام الى التحالف الدولي ضد (داعش).

فالسعودية تخشى من احتمال تقسيم العراق ليصبح مأوى لاسلاميين متشددين قد يستهدفون المملكة ولكن اكثر ما تخافه ان يعجل القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية بخطى التقارب بين الولايات المتحدة وإيران. وفى نفس الوقت ترى المملكة ان معركة الاطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد حليف ايران حيوية لمستقبل المملكة.

وتخشى السعودية ان يؤدي بقاء الأسد لاتساع نفوذ ايران في المنطقة وإحكام الدائرة حول المملكة. ونتيجة لذلك تدعم كل من السعودية وايران طرفا مغايرا في الصراعات السياسية في العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن. لذلك تريد السعودية أن يكون لمقاتلي المعارضة السورية دور في القتال ضد قوات تنظيم الدولة الإسلامية الاكثر قوة داخل سوريا.

هذه التطورات التي ترتبط برأي المصادر بالنزاع الخفي المستشري في المنطقة، بين الرياض وطهران، والذي تأتي مواقف البيت الأبيض لتدعم كفة الرياض، وإطلاق يدها في قيادة التحالف الدولي ضد (داعش)، على اعتبار أن الرياض ومصر ودول التعاون الخليجي هي القوة السنية المعتدلة التي تحدث عنها أوباما في خطابات سابقة، وبالتالي فإن عدم إشراك طهران مباشرة في التحالف الدولي سيترك انعكاسات سلبية على علاقة (الرياض – طهران) المتوترة.

إضافة الى ذلك فإن دعم المعارضة السورية واعتبارها جزء من التحالف واستبعاد الاسد واعتباره غير مرغوب فيه وغير شرعي، سيدفع إيران مرغمة للتخلي عنه كما فعلت برئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، الذي تحمله الرياض مسؤولية سيطرة (داعش) على المناطق السنية في العراق.

لذلك تخشى المصادر من ان دعم طهران للحكومة العراقية الجديدة في العراق، ومساعدتها في محاربة (داعش) خارج نطاق التحالف، لا يعني تخلي طهران عن الاسد، سيما وأنها دفعت بمقاتلي حزب الله وبكبار خبرائها لحمايته وحماية نظامه من السقوط، وبالتالي فإنها لن تتخلى عنه دون أي مقابل، ما يعني ان الاستقرار الهش في لبنان، والمهدد بالفراغ الدستوري النيابي بعد الفراغ في الرئاسة الأولى، قد يكون إحدى الساحات الجديدة للتوتر كما في اليمن، لضمان عناصر قوة إيران في الاقليم، بعد أن قطعت (داعش) طريقها السريع الى سوريا وضربت قوة الهلال الشيعي الممتد من اليمن الى لبنان عبر العراق وسوريا في الوسط .

 ————————————–

(*) فوزي ابو ذياب