لبنان على حافة الهاوية … والعالم يتحضر للحرب على “داعش”

دخل لبنان دائرة الخطر الفعلية بعد ان شهدت قرى البقاع عمليات خطف وخطف مضاد، بين بعلبك وسعدنايل على خلفية خطف المواطن احمد صوان في بعلبك والذي تبين ان اختطافه بهدف الابتزاز المالي، إلاَّ أن الامر سرعان ما اخذ طابعا مذهبيا أجج نار الفتنة بين ابناء المنطقة، وفي المعلومات المتداولة ان مسلحين في بلدة الطيبة في بعلبك أقدموا على خطف ايمن صوان ابن سعدنايل وتركوا شقيقه الذي كان بصحبته، فما ان تبلغت عائلته خبر خطفه حتى عمدت مجموعات من شبان سعدنايل الى قطع الطريق العامة ثم خطفت بدورها ثمانية أشخاص من ابناء بعلبك، بعدما أوقفت عدداً من الفانات التي تعمل على خط النقل العام. ولم تنجح كل المحاولات التي أجريت لفتح الطريق، اذ اشترطت عائلة صوان وابناء سعدنايل اعادة صوان قبل فتحها واطلاق المخطوفين لديهم، علماً أن الجيش دهم منازل مشتبه فيهم بخطف صوان في بريتال وأوقف زوجتي فردين من العصابة للضغط عليهم.

وسيّر الجيش دوريات في المناطق التي شهدت عمليات خطف، لا سيما في منطقة سعدنايل، وأقامت قوى الأمن الداخلي الحواجز، فيما نشطت الاتصالات من الوسطاء لوقف هذا المسلسل وتطويقه في ظل حصول نشاطات مقابلة قضت بقطع الطرق في الضاحية والبقاع والشمال، تحت عنوان التضامن مع الجيش والمطالبة بإطلاق سراح العسكريين المحتجزين لدى “داعش” و “النصرة” منذ 2 آب الماضي.

وعلمت الأنباء أن مراجع رسمية أجرت ليلا إتصالات بالجهات ذات الصلة بالتوترات التي شهدها لبنان في الساعات الـ24 الاخيرة وخصوصاً في عدد من مناطق البقاع التي كانت مسرحاً لعمليات خطف. وحذّرت هذه المراجع من ان المرحلة الحالية لا تتحمل المس بالاستقرار وهزّ الاوضاع أكثر مما هي مهزوزة بما يؤثر على سلامة العسكريين وقوى الامن المخطوفين، الأمر الذي لا تتحمل الحكومة المسؤولية عنه. وفهم أن هذه الاتصالات لم تثمر النتائج المرجوة وقت كان الجيش يحرز تقدما في مواجهات مرتفعات عرسال في إطار القرار الحكومي المتخذ سابقاً بفصل مسلحي المرتفعات عن بلدة عرسال.

وفي السياق الامني عينه أبدت أوساط أمنية قلقها، من حصول عملية تسليح في بعض قرى البقاع الشمالي، لا سيما المسيحية، تحت عنوان مواجهة خطر “داعش”، وتحدثت هذه المصادر عن قيام تشكيلات عسكرية حزبية بالتواجد في هذه القرى، وعن ظهور تشكيلات عسكرية سابقة برزت خلال الحرب الأهلية في بعض هذه القرى.

مصادر وزارية ارتفاع موجة التصعيد السياسي والامني في الايام القادمة، على خلفية سياسية ابدتها بعض القوى المشاركة في الحكومة  بغية هز الوضع الحكومي للضغط على مجرى الاستحقاقات. ومن المتوقع أن تتكثف الاتصالات والمشاورات مع هذه القوى لثنيها عما تنوي الاقدام عليه كي لا يؤدي الامر الى نقل البلاد من حال الشغور الرئاسي الى حال الفراغ الحكومي.

من جهة وفي ما يستمر الجدل الحكومي حول تعاطي الحكومة مع قضية العسكريين المخطوفين، حيث تنقسم الحكومة بين مرحب بالمفاوضات ورافضا لأي مقايضة، وبين رافضا للمفاوضات مستعجلال الحسم العسكري، رحب الوزير وائل أبوفاعور بحكمة الرئيس سلام وبطريقة تعاطيه مع هذا الملف، مؤكداً أن الحكومة تتحمل مسؤوليتها تجاه اي قرار قد تتخذه في هذا الخصوص، مرحبا بالسرية والجدية التي تجري المفاوضات مع الخاطفين على أساسها، لا سيما تلك التي يجريها المبعوث القطري.

مصادر متابعة كشفت ان المفاوض الذي تواصَلَ مع كل من “داعش” و “النصرة” هو سوري يحمل الجنسية القطرية، وقالت أن المفاوضات بقيت على تكتمها حيال ما نقله الوسيط إلى الجانب اللبناني.

إلا أن مصادر مطلعة كشفت أن المطالب التي سلمها الخاطفون الى الجانب اللبناني نُقلت على دفعتين، الأولى قبل 10 أيام وتتضمن لائحة بأسماء موقوفين يطالبون بإخلاء سبيلهم، جلّهم من غير اللبنانيين، بينهم فلسطينيون وسعوديون وواحد روسي. وهذه اللائحة فيها زهاء 25 اسماً. أما اللائحة الثانية، فتضم الإسلاميين الموجودين في سجن رومية، وبينهم عدد لا بأس به من اللبنانيين، إضافة الى فلسطينيين. ولم تستبعد المصادر أن يكون بعض من وردت أسماؤهم في اللائحة الثانية هم من الذين يفترض أن يخضعوا للمحاكمة في إطار تسريع المحاكمات التي يسعى القضاء اللبناني الى إتمامها.

اما التطور الميداني البارز الذي سجل أمس، تمثل في عملية خاطفة مفاجئة قام بها الجيش بعد الظهر في بقعة يسيطر عليها المسلحون في محلة وادي الحصن بجرود عرسال وتمكن من استعادة مركز رئيسي تعرض لاعنف الهجمات في مواجهة 2 آب المنصرم والذي خطف فيه عدد من العسكريين. العملية العسكرية أدت الى استعادة تلة الحصن والتلال المحاذية لها بالاضافة الى معابر غير شرعية كان يستخدمها المسلحون للتنقل بين مواقعهم في الجرود وعرسال. وحصلت العملية في شكل مباغت وسريع فلم تستمر سوى نصف ساعة ونفذتها عناصر من الوحدة الخاصة المعززة باللواء الثامن وسط اسناد ناري من المدفعية والدبابات، وتمكن الجيش من تحصين الموقع وتثبيته ونشر مئات الجنود لحمايته .

أما على الجبهة الدولية التي تتولى الولايات المتحدة الأميركية حشدها من المتوقع ان يصل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الى المنطقة في نفس الوقت الذي يعقد فيه اجتماع بين مسؤولي البيت الابيض وكبار اعضاء الكونجرس لمناقشة مبادرة أعلنت في يونيو حزيران بقيمة 500 مليون دولار لدعم جماعات من المعارضة تقاتل ضد الحكومة السورية وتنظيم الدولة الإسلامية. وقالت مصادر مطلعة إن اعضاء الكونجرس لديهم استفسارات عن كيفية انفاق هذه الأموال وما اذا كانت الولايات المتحدة ستنهي حظرا على ارسال شحنات أسلحة فتاكة مثل الصواريخ سطح- جو للمعارضة خوفا من استيلاء المتشددين عليها او استخدامها ضد الولايات المتحدة وحلفائها.

ومن المنتظر ان يحاول وزير الخارجية الامريكي خلال زيارة للسعودية والاردن وربما دول اخرى في الشرق الأوسط حشد التأييد في منطقة يساورها الكثير من الشكوك إزاء مدى استعداد الولايات المتحدة للانخراط في صراعات طائفية متشابكة.

وقال كيري للصحفيين “سأتوجه للشرق الاوسط لمواصلة تشكيل أكبر تحالف ممكن في شتى انحاء العالم للتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام واضعافه وهزيمته” في اشارة الى الاسم القديم لتنظيم الدولة الاسلامية.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جين ساكي ان موافقة وزراء خارجية 22 دولة عضو في الجامعة العربية يوم الأحد على تبني اجراءات للتصدي للدولة الإسلامية خطوة مشجعة.

ولكن كيري سيقابل في السعودية ودول اخرى في المنطقة حلفاء قد يبدون ترددا في الانضمام بهمة الى أحدث مغامرة عسكرية امريكية في العراق في حين تدرس واشنطن توسيع معركتها ضد الدولة الإسلامية لتشمل معقلها في سوريا المجاورة. وتخشى السعودية من احتمال تقسيم العراق ليصبح مأوى لاسلاميين متشددين قد يستهدفون المملكة ولكن اكثر ما تخافه ان يعجل القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية بخطى التقارب بين الولايات المتحدة وإيران.

ومن المتوقع ان يطرح أوباما يوم الاربعاء خطة للتعامل مع متشددي الدولة الإسلامية الذين استولوا علي ثلث الاراضي في كل من العراق وسوريا وأعلنوا الحرب على الغرب ويريدون اقامة معقل للجهاديين في قلب العالم العربي. ومدة الخطة من عام إلى ثلاثة أعوام.

وأشار مسؤولون في البيت الابيض الى ان خطاب اوباما الذي لم يتم الانتهاء من اعداده بعد لن يتضمن تغييرا كبيرا في لهجة اوباما او سياسته التي كشف عنها في السابق. وفي الاسبوع الماضي قال أوباما ان الولايات المتحدة مستعدة للقضاء على قادة تنظيم الدول الإسلامية مضيفا أن حلف شمال الاطلسي جاهز للمشاركة في عمل عسكري ضد التنظيم الذي وصفه بانه تهديد رئيسي للغرب.

 ——————————————

(*) اعداد: فوزي ابو ذياب