أي مسار تسلكه الوساطات لوقف عمليات ذبح العسكريين ؟

يوما بعد يوم تتعقد الإتصالات الجارية في كواليس الأروقة السياسية والدبلوماسية بشأن ملف العسكريين المخطوفين  سيما أن الوساطات الجارية على خط هذا الملف تشير وبحسب معلومات خاصة لـ الأنباء بأنها لا تزال في بدايتها وعلى ما يبدو من معطيات ومؤشرات عديدة فأن هذه الوساطات الرامية أولا إلى وقف عمليات ذبح العسكريين ، وثانيا  إلى اطلاق سراحهم في أسرع وقت ممكن، سوف تستغرق وقتا طويلا قبل أن يلوح أي بصيص أمل في نفق هذا الملف المظلم الطويل.

وتشير المعلومات بأنه بالتوازي مع حماوة حراك أهالي العسكريين المخطوفين فإن هناك ثمة اتصالات مكثفة تجري على أكثر من خط من أجل التواصل مع المسلحين الإرهابيين لثنيهم عن إعدام أي عسكري جديد من بين الرهائن المخطوفة لديهم… وفي هذا الإطار تتحدث المعلومات على أن هناك قنوات اتصال خارجية سوف تتوفر في الساعات المقبلة مع الخاطفين من أجل عدم تنفيذ تهديداتهم بإعدام اي من العسكريين وذلك افساحا في المجال أمام الوساطات الجارية كي تأخذ مداها الكافي لبلورة الحلول الناجعة من قبل الدولة اللبنانية.

إلى ذلك، يتجه ملف العسكريين  المخطوفين نحو  المزيد من التأزيم، بعد اقدام داعش على ذبح الرقيب علي السيد، ووضع شروط على الدولة اللبنانية تعتبر بمثابة التعجيزية، تنص على مبادلة كل جندي من الجنود الـ7 بـ 10 سجناء من رومية، وأبرز من يطلب تحريرهم من رومية: جمان حميّد وحسين الحجيري وعماد جمعة وحسّان المعرّاوي، إضافة إلى سجناء إسلاميين لم يحددهم بالاسم. أما جبهة النصرة فقد أعلمت مصطفى الحجيري “أبو طاقية”، أن لديها مطلباً اضافياً الى طلب داعش الذي تعتبره اساسيا وهو اعتذار البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي من المسلمين عن حرق راية كل المسلمين (التوحيد) وليس راية داعش” في منطقة الاشرفية.ويتراوح عدد الاسرى لدى “النصرة” بين 15 و18، علما ان العسكريين الاربعة الذين تم إطلاقهم مساء السبت الماضي مع عنصر أمن كانوا في عداد المفقودين وليس ضمن لوائح المحتجَزين.وذكرت معلومات صحفية أن استنفاراً واسعاً جرى، في حركة الاتصالات في أزمة العسكريين المختطفين فى ضوء تهديد تنظيم “داعش” بقتل أحد العسكريين لفرض تنفيذ المطالب التي يطرحها التنظيم.

وفي هذا السياق، تحركت “هيئة العلماء المسلمين” لمنع “داعش” من تنفيذ تهديده بذبح جندي لبناني آخر.ونقل عن مصادر مطلعة على حركة الاتصالات التي تجريها تركيا وقطر في إطار وساطة تقودها بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية بعيداً من الأضواء، احتمال إطلاق ثلاثة من العسكريين المخطوفين خلال الساعات المقبلة.

هذا وكانت “هيئة علماء المسلمين” أعلنت انها مستعدة للتفاوض في قضية الجنود اللبنانيين المحتجزين “وذلك عندما تتوافر الظروف المناسبة”. وقالت في بيان “إن دخولها مجددا على خط الوساطة يدفع المفاوضات الى الامام، وهي خلال هذا الوقت لن تتوانى عن المساهمة في دعم اي مسعى يساعد في حل المشكلة او المساعدة في اي قضية انسانية كما حصل مع مبادرة الحصول على جثة الجندي علي السيد”.

واوضحت انها ألفت لجنة لإدارة ملف المفاوضات المتوقفة حاليا، “وأن أي خبر لا يصدر عن هذه اللجنة أو عن مكتبها الاداري لا يعتبر مصدرا، وبالتالي لا يمثل الهيئة في هذا الملف تحديدا ولا تكون الهيئة مسؤولة عنه، وسيتم نشر اي خبر من الهيئة على صفحتها الرسمية على فايسبوك حصرا”.

واعتبرت ذبح جندي لبناني “عملا مدانا بكل المقاييس”، وناشدت الخاطفين “التوقف عن مثل هذه الاعمال التي لا تخدم القضية السورية ولا السلم في لبنان”، وطالبتهم بإطلاق بقية الجنود في أسرع وقت، كما طالبت الدولة “بالعمل الحثيث على تأمين اي ظروف ممكنة لتسهيل إطلاقهم”.

وفي هذا السياق، نفذ أهالي العسكريين المخطوفين صباح يوم الأمس اعتصاماً أمام السرايا الحكومية في ساحة رياض الصلح، بالتزامن مع إنعقاد جلسة مجلس الوزراء المخصصة لمناقشة مناقشة الملف الأمني ومن ضمنه ملف العسكريين المخطوفين.وافترش الأهالي الأرض رافعين صور ابنائهم ولافتات تحمل الدولة مسؤولية ما حصل وسيحصل لابنائهم وتطالب الحكومة بالعمل للإفراج عن العسكريين المخطوفين.

وتلا علي الحاج حسن بياناً باسم الاهالي، استهله بتلاوة آية من القرآن الكريم: “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”.

وقال: “بعد أن مضى اكثر من شهر على اختطاف ابنائنا في عرسال، وبعد أن استنفذنا الوسائل والسبل السلمية كافة من اعتصامات ومناشدات ومطالبات نزولاً عند رغبة رئاسة الحكومة ووزير الداخلية والبلديات، وبعد أن لمسنا تسويفاً ومماطلة وعدم جدية من قبل الحكومة في متابعة ملف ابنائنا وعرضت حياتهم للخطر، وبعد التهديدات المستمرة من المسلحين الخاطفين وذبحهم أحد ابنائنا الشهيد البطل علي السيد، وما تلا ذلك من وعيد بذبح اخرين، وعلى الرغم من ذلك لم نر اي تغيير في مسار عمل الحكومة التفاوضي ومؤشر الى ايجابية ما، من أجل كل ذلك وبعدما طفح الكيل، جئنا نحن عائلات المخطوفين العسكريين من البقاع الشمالي والاوسط والغربي ومن الشمال نرفع الصوت ونبلغ الحكومة والمسؤولين اللبنانيين “تحذيرنا الاخير” والذي لا عودة عنه، جئنا لنبلغ الحكومة والسلطة السياسية في لبنان التي كبلت ايدي الجيش في عرسال، اننا نحملها مسؤولية ما حصل وسيحصل لابنائنا، وأن اية قطرة دم ستراق ستشعل فتنة مذهبية لن يتمكن احد من لجمها واخمادها وستأتي نيرانها على السلم الاهلي الذي ينعتون به في خطاباتهم السياسية”.

وأضاف: “جئنا لنرفع الصوت عالياً ومن هنا من امام السراي الحكومي لنؤكد على ان اهالي عرسال جميعاً مسؤولون عن كل ما يتعرض له اولادنا العسكريين من جيش ودرك، وعلى رأسهم رئيس بلدية عرسال علي الحجيري ومصطفى الحجيري المعروف ب”ابو طاقية”.وتوجه إلى أهالي عرسال، قائلاً “كونوا على قدر الامال وعلى قدر العيش الواحد في منطقة بعلبك- الهرمل وارفعوا الظلم عن ابنائنا واعيدوهم الى عائلاتهم واهاليهم”.

وتابع “لا يمكننا الا أن نؤكد للقاصي والداني وللدولة اللبنانية حكومة ومسؤولين أن من استغضب ولم يغضب فلا كرامة له. ونحن اهل البقاع اهل الكرامة فاحذروا غضبنا ولقد اعذر من أنذر”.

من جهته، دعا الشيخ طالب طالب الحكومة الى “اتخاذ القرار الجريء والاتجاه ليتم الافراج عن العسكريين جميعاً، والا فان البقاع ذاهب الى فتنة كبيرة لا يقدر أحد ان يتحملها”. كما دعا نواب الامة الى “مساعدة الحكومة في هذا الامر”، وسأل رجال السياسة والنواب: “لو ان احد ابنائكم هو مخطوف او في الاسر فماذا كنتم ستفعلون”.وقال علي المصري: “هذا آخر يوم لنا في التحرك، ونحمل الحكومة والمسؤولين المسؤولية، وليعتبروا المخطوفين ابناءهم، هؤلاء لم يكونوا في نزهة حين اختطفوا بل هم سياج الوطن”.

_______________

(*) – هشام يحيى