قضية العسكريين على طاولة مجلس الوزراء..وتسليح الجيش في سلة المباحثات السعودية-الفرنسية

عاد الرقيب علي السيد الى بلدته فنيدق مكللاً بوسام الشهادة مرفوع الرأس، بعد ان وضع شريط قطع رأسه ذبحاً على يد الإرهابيين ملف العسكريين المخطوفين في أولوية اهتمامات الحكومة وفتح نقاشاً واسعاً في الاعلام وعلى وسائط الاتصال الاجتماعي حول سبل استعادتهم الى الحرية، عن طريق التفاوض أو المقايضة، وفتح قريحة المزايدات الشعبوية من هنا وهنالك، كما دفعت هذه المواضيع أهالي العسكريين المختطفين الى قطع الطرقات والنزول الى الشارع مطالبين الدولة والمسؤوليين اخذ قضية ابنائهم على محمل الجد، حيث بدا وكأن هناك من يحاول استغلال عاطفة اهالي العسكريين للضغط على الحكومة، للرضوخ لمطالب المسلحيين، في الوقت الذي استغربت مصادر سياسية طريقة التعامل الاعلامي مع قضية التفاوض بين الحكومة والمسلحيين عبر وساطاء مختلفيين وبدا وكأن الملف برمته تتجاذبه الشائعات المتناقلة من هنا وهنالك، ورأت المصادر ان حرقة اهالي العسكريين على ابنائهم وعاطفتهم وخوفهم على ارواح ابنائهم، ما كان ليأخذ هذا المنحى لو أظهرت القوى السياسية لا سيما بعض الوزراء جدية في تعاملها مع هذه القضية الحساسة والخطيرة والدقيقة، وأعطت للمفاوضات الدائرة مع المسلحيين في اكثر من اتجاه صورة جدية وابعدته عن التجاذبات الاعلامية والسياسية، ورأت المصادر ان حياة العسكريين المخطوفيين باتت تهدد الوحدة الوطنية وصورة التضامن الوطني بعد ان استغل الخاطفيين الانقسام الطائفي وتعاملهم مع العسكريين المخطوفين على هذا الاساس، المصادر رأت ان مقايضة اطلاق العسكريين المخطوفين بالافراج عن الموقوفيين الاسلاميين في سجن رومية، دون النظر الى اسباب توقيفهم ومحاكمتهم مسألة خطرة تمس ليس هيبة القضاء اللبناني انما هيبة الدولة كاملة، وإن المفاوضات مع المسلحين لاطلاق سراح المخطوفيين العسكريين يجب ان تنطلق من قواعد احترام الدولة ومؤسساتها لا سيما العسكرية والامنية والقضائية.

من جهته أكد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام أن “الحكومة تتعامل مع قضية العسكريين المخطوفين كأولوية والمعركة مع الارهاب ما زالت في بدايتها”. وقال: “نحن مطالبون بالعودة الى الميثاق والطائف لتنظيم حياتنا السياسية”، داعياً “جميع القوى السياسية الى انتخاب رئيس الجمهورية، لأن بهذه الطريقة نحصن بيتنا ونضخ الحيوية في مؤسساتنا”.

وقال سلام الذي كان يتحدث خلال حفلة استقبال اقامتها رئيسة “لجنة المبادرة الوطنية لمئوية لبنان الكبير 2020″ النائب بهية الحريري، لمناسبة الذكرى 94 لإعلان دولة لبنان الكبير تحت عنوان (بيروت عاصمة المواطنة)،”ان الإخفاق في تنفيذ الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها، وأولها انتخاب رئيس للجمهورية، التعبير الأوضح عن هذا الوضع غير السليم الذي تكتسب معالجته أهمية مضاعفة في ضوء موجة العنف والتطرف الهائلة التي تجتاح المنطقة، وتضرب كياناتها السياسية وتركيبة مجتمعاتها”. وشدد على “ان انتشار العنف والإرهاب اللذين تصيبنا شظاياهما في عرسال وجوارها، يضعنا لبنانيين وعرباً، أمام امتحان كبير يتوقف عليه مصيرنا، أفراداً وجماعات ودولاً. لذلك، فإن مكافحة الإرهاب الظلامي الذي ينشر في المنطقة القتل المجاني والتطهير العرقي، باسم تفسيرات مشوهة للإسلام العظيم، يجب أن تحتل الأولوية في اهتمامات أصحاب القرار، والحريصين على أمن واستقرار هذه المنطقة”. وقال: “ان مواجهة هذه الموجة الظلامية عملية طويلة ومعقدة، تتطلب استنفار كل الجهود”.

وأكد أن “الحكومة تتعامل مع قضية الأسرى باعتبارها أولوية قصوى لا يتقدم عليها أي هم آخر وهي تبذل أقصى الجهود، وتسعى بكل السبل، من أجل الإفراج عنهم وإعادتهم سالمين إلى عائلاتهم. وأقول لعائلات العسكريين لستم وحدكم. لبنان كله معكم. سنقف جميعاً، يداً بيد، وسنقدم كل ما نملك، من أجل أن نحررهم ونوفيهم بعض حقهم علينا”. اضاف: “إن الوصول الى النتيجة التي نريدها جميعاً، لهذا الملف الإنساني الشائك، يتطلب أقصى درجات التضامن، ومساندة الدولة ومؤسساتها ودعم الجهود التي تقوم بها. كما يتطلب صبراً وحكمة، وابتعاداً عن الاثارة والاستعراضات الإعلامية التي تجلب الضرر ولا تحقق منفعة”. وأكد “ان المعركة مع الإرهاب ما زالت في بداياتها. والشرط الأول للفوز في معركة صعبة من هذا النوع، هو رص الصف الداخلي”.

تسليح الجيش

في سياق متصل بقضية محاربة الارهاب تقدم ملف تسليح الجيش خطوات الى الامام بحيث أعلنت الرئاسة الفرنسية عقب لقاء بين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وولي العهد السعودي الامير سلمان بن عبد العزيز النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الذي بدأ زيارة رسمية لباريس ، ان البلدين بصدد وضع “اللمسات الاخيرة” على عقد لتزويد الجيش اللبناني أسلحة فرنسية بقيمة 3 مليارات دولار.

وقال مسؤول في الرئاسة الفرنسية لـ”وكالة الصحافة الفرنسية” إن “العقد مكتمل. هناك فقط بعض العناصر التقنية لانجازه. وانه مرحلة وضع اللمسات الاخيرة عليه”.

وكان هولاند استقبل في قصر الاليزيه الامير سلمان والوفد المرافق وأقام له عشاء رسمياً شارك فيه عدد كبير من رجال السياسة والأعمال والثقافة.

وتعول باريس كثيرا على المشاورات التي ستجرى خلال الأيام الأربعة التي تستغرقها الزيارة في ظل تطابق في وجهات النظر في مجموعة من الملفات السياسية الإقليمية. وسيكون الوضع في العراق وسوريا في مقدم الاهتمامات المشتركة بين البلدين.

وتحرص الديبلوماسية الفرنسية على التشاور مع الحكومة السعودية في الملفات الساخنة في المنطقة والاستماع الى تحليلاتها وتوقعاتها، فضلا عن دورها في المنطقة وإمكان قيام الدولتين بمبادرات مشتركة حيال مواضيع الساعة وأهمها سوريا والعراق ولبنان وأمن الخليج والعلاقات مع ايران.

وتريد باريس، التي تحضر الدعوة الى اجتماع دولي لتنسيق المواقف من أمن العراق ومحاربة الارهاب لمواجهة تنظيم “الدولة الاسلامية” في العراق وسوريا سياسيا واقتصاديا وعسكرياً، معرفة الموقف السعودي، فيما يتلاقى موقفا الدولتين من الخطر الذي يمثله التنظيم والحاجة الى مواجهته.

وستكون المحادثات مناسبة لخرق الجمود في تنفيذ الهبة السعودية وحسم ملف تسليح الجيش اللبناني بقيمة ثلاثة مليارات دولار. وأفادت مصادر فرنسية ان الجانبين اتفقا على العقد النهائي التي سيسهل الانتقال الى مرحلة التنفيذ. ويعود التأخير في هذا الملف الى وجود ثلاثة افرقاء سعودي (مانح) وفرنسي (مزود) ولبناني (متلق)، الامر الذي يحتاج الى مزيد من الوقت لبت تفاصيله.

وستكون لولي العهد السعودي لقاءات مع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ووزير الدفاع جان – ايف لودريان وتجمع رجال الاعمال “الميديف”. وسيلقي الخميس خطابا أمام منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “الاونسكو” عن التراث بدعوة من المديرة العامة ايرينا بوكوفا.

وفي السياق عينه من المتوقع ان يزور وزير الداخلية نهاد المشنوق روسيا في 16 و17 أيلول الجاري لاستكمال البحث في اجراءات تسليح القوى الامنية ضمن الهبة السعودية التي يتولى الرئيس الاسبق للحكومة سعد الحريري الاشراف على تنفيذها.

———————————————

(*) فوزي ابوذياب