لتكامل اقتصادي ورؤية مشتركة لمستقبل منطقة المتوسط

فؤاد زمكحل (النهار)

لا يمكننا أن نأمل في مستقبل لتطوير منطقة البحر الأبيض المتوسط في غياب تعاون معزز وحوار صريح وتفاهم متبادل بين جميع البلدان ضمن هذه المنطقة. ان تحدياتنا وأهدافنا المشتركة هي بناء عالم أفضل واقتصاد مزدهر ونامٍ لشعوبنا في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

ينبغي أن يكون التكامل الاقتصادي أولوية في المنطقة، وبالفعل يجب أن يكون هو المصدر الحقيقي لأعمال بناءة وناجحة. إنما يعتمد هذا الاندماج على تجمع وتضافر جميع بلدان هذه المنطقة وأعمال منتظمة واضحة وملموسة وبخاصة في مجال التعاون المثمر والفعال بين بلدان البحر الأبيض المتوسط.

للقيام بذلك، لا بد من إشراك مختلف أدوات التبادل التجاري بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط وإنشاء منطقة مشتركة تقوم على التكامل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعلمي، فضلا عن القيم المشتركة بالنسبة الى الديمقراطية وحقوق الإنسان والتسامح والتعايش بين مختلف الثقافات والأديان.

يتطلب أيضا تحقيق التنمية في منطقة البحر الأبيض المتوسط وإدراج القارة الأفريقية التي ينبغي أن تكون أولوية للجميع، ومما لا شك فيه أن رؤية مشتركة لمنطقة البحر المتوسط ستوفر فرص عمل وثروة اقتصادية لبلداننا وللمنطقة.

من ناحية أخرى، ان حماية البيئة وتشجيع السياحة والتبادلات الثقافية فضلا عن نمو قطاع الطاقة والتعليم والعلوم، تشكل تحديات يجب التغلب عليها لتحقيق وتحفيز التنمية في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

ضمن عالم مترابط، لا يمكن اي بلد أن يعمل وحده وأن يزدهر، ولم يعد بامكاننا النمو والتطور من دون حوار مستمر ورغبة في “التوصل إلى حل وسط” والتآزر ووضع خطط عمل واستراتيجيات مشتركة.

من أجل تحقيق أهدافنا المشتركة الخاصة بمنطقة البحر الأبيض المتوسط، أقترح باسم تجمع رجال الأعمال اللبنانيين، خطة العمل الآتية:

– إنشاء بنك استثماري خاص بالبحر الأبيض المتوسط تكون مهمته تلبية الحاجات التمويلية للشركات الصغيرة والمتوسطة ضمن منطقة البحر الأبيض المتوسط وتحفيز الاستثمار في المنطقة.

– إنشاء مشاريع أورومتوسطية متكاملة ومندمجة من شأنها تعزيز حركة الأشخاص ضمن هذه المنطقة وتبادل المعارف والخبرات والمهارات والتكنولوجيا بين بلدان البحر الأبيض المتوسط.

– تشجيع إنشاء أقطاب تنافسية وأبحاث أورومتوسطية، ولا سيما في قطاعات النمو التي توفّر فرص عمل عالية (تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والخدمات، والكفاية الطاقية…) وإنشاء شبكة أورومتوسطية للتدريب المهني والاعتراف وتحديد المهارات والمؤهلات.

– وضع نظام تعليم عال مشترك، وتعزيز الربط الشبكي بين الجامعات وتطوير سوق عمل مندمج في المنطقة.

– إنشاء إطار مؤسسي مشترك لضمان حرية حركة السلع ورؤوس الأموال والخدمات والأشخاص داخل المنطقة الأورو متوسطية لمراقبة عملية تنمية البحر الأبيض المتوسط وتقويم فعالية التدابير المتخذة التي من شأنها تعزيز التكامل الاقتصادي بين بلدان المنطقة

– إنشاء صندوق خاص بالبحر الأبيض المتوسط لتمويل مشاريع البنية التحتية والنقل والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى وضع سياسة مشتركة خاصة بالسلامة الغذائية والتنمية الريفية.

– صحيح أن منطقتنا وبلدنا يمران في فترة غير مستقرة وصعبة للغاية على جميع المستويات. تخيّم السحب الداكنة على اقتصادنا فيما نجد أنفسنا ضحايا التوترات والمعارك الدولية والصراعات والحروب الإقليمية والسياسات المختلفة على المستوى المحلي التي تلوث بيئة الأعمال ولا تزال تدفع بنا الى الوراء. ويا للأسف، نحن نعيش في فراغ السلطة العليا مع تجميد السلطات التشريعية والتنفيذية والدستورية.

ولكن مهما كانت المخاوف والتحديات أمامنا ، فإن رجال الأعمال اللبنانيين لن يستسلموا أبداً. فاليأس ليس في قاموسهم وسيستمرون في التطور والنمو وبناء شركات استراتيجية مع المنطقة بأجمعها من أجل تعزيز التبادلات الاقتصادية وايجاد القيمة للمحافظة على نمو منتظم ومستدام والتطور على رغم كل شيء.

نحن مقتنعون أن التكامل الاقتصادي الأورومتوسطي هو شرط أساسي لتنمية بلدان جنوب البحر الأبيض المتوسط، وشرقه وأيضا بلدان أوروبا، وبأن الإنتاج المشترك هو عملية فعالة لإقامة علاقات على أسس جديدة ومتينة ومتوازنة. لذلك علينا أن نعمل على تطوير حركة رجال الأعمال الأورومتوسطيين من أجل توعية أكبر عدد من الشركات اللبنانية على رهانات التقارب الاقتصادي في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وتشجيع ظهور شعور الانتماء الى منطقة إقليمية مشتركة.

———————————————-

(*) رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين