هل إنتصرت اسرائيل فعلاً؟

رامي الريس

لعله السؤال الاكثر تكراراً داخل وخارج إسرائيل بعد كل مغامرة عسكرية يخوضها الجيش الاسرائيلي منذ احتلال فلسطين سنة 1948 وهو السؤال الذي غالباً ما يثير النقاش في مختلف الأوساط السياسية والاعلامية والعسكرية الاسرائيلية مع إعلان وقف اطلاق النار او تجميد الاعمال الحربية بعد كل حربٍ.

لكن يبدو أن هناك حاجة ملحة لإعادة  تعريف  بعض مفاهيم  الهزيمة والانتصار، لا سيما أن كل المقاربات  تصبح نسبية مع ارتفاع أعداد الضحايا والشهداء الذين غالباً ما يتصدر الاطفال النسب الأعلى منهم في الجانب الفلسطيني بسبب السياسات العدوانية الاسرائيلية والقصف العشوائي والقتل المتعمد، وهو ما يمكن تسميته بإرهاب الدولة الذي تنفذه اسرائيل دون أي رادع أخلاقي أو سياسي أو قانوني.

والجدال الصاخب في اسرائيل هذه الايام يتصل بالعناوين التي سيفشل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإستخدامها لإقناع شعبه بأن إنتصاراً قد تحقق فعلاً. وما مقالة المحلل السياسي الاسرائيلي  يوسي فيرتر في صحيفة “هآرتس” بعنوان: “نتنياهو سيجد صعوبة في إقناع الاسرائيليين بأننا إنتصرنا” إلا لتؤكد هذه التوجهات.

وكتب قائلاً: “(…) إكتشفت اسرائيل أنها لا تملك إستراتيجية لمواصلة القتال. هرب سكان الجنوب من منازلهم، وخضع مطار بن غوريون للتهديد، وجرى إستهداف تل أبيب رمز الحصانة والقوة الإسرائيلية مرات عدة، وجرى القضاء على العطلة الكبرى، وتراجعت السياحة، ويلملم الاقتصاد جراحه وقتل نحو 71 شخصاً بينهم عشرات الجنود الشباب وطفل، وبقيت “حماس” صامدة (…)”.

هذا وقدرت تقارير اقتصادية خسائر الاقتصاد الاسرائيلي بنحو 6 مليارات دولار شملت التكاليف العسكرية وخسائر تعطيل النشاط التجاري والاقتصادي. ومن نافل القول أن الاقتصاد الفلسطيني منهار اساساً لغياب المقومات البديهية الضرورية لاستمراره.

طبعاً، من غير المتوقع أن يكتب المحلل الإسرائيلي عن نحو 2500 شهيد سقطوا في غزة من بينهم ما يزيد عن 447 طفلاً! ومن غير المتوقع كذلك أن يكتب عن تدمير غزة بالكامل وهي التي بالكاد أعادت بناء ما تهدم في العدوان السابق (2008-2009).

ولكن كل ذلك لا يلغي أن اسرائيل لم تتعلم من دروس التاريخ الحديث بأن قوة الحديد والنار وسياسة الارهاب التي تمارسها دون طائل ليست كفيلة بتحقيق أهدافها، وأن إصرارها على عدم الإعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب  الفلسطيني انما تولد المزيد من الحقد والكراهية وتحول دون إنجاز تسوية تاريخية لهذا النزاع الذي طال أمده لعقود دون حل.

في نهاية المطاف، سينتصر الحق وستنتصر فلسطين!

——————————————

(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة

Facebook: Rami Rayess II

Twitter: @RamiRayess

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس

عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!

التسوية شجاعة وإقدام!

الأحزاب وبناء الدولة في لبنان

أعيدوا الاعتبار لـ “الطائف”!

الإعلام والقضاء والديمقراطية!

وفروا مغامراتكم المجربة… واقرأوا!

عن “الأقوياء في طوائفهم!”

ما بعد الإنتخابات النيابية!

لمن سأقترع في السادس من أيّار؟

إنه السادس من أيار!

لائحة المصالحة: قراءة هادئة للعناوين والتطلعات

لا، ليست إنتخابات عادية!

عن تجاوز الطائف والأكلاف الباهظة!

الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!

الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح!

للتريث في قراءة مفاعيل التريث!

كيف ستنطلق السنة الثانية من العهد؟

تغيير مفهوم الإصلاح!

“حبيبتي الدولة”!

من حقّ الناس أن تتعب!