الإفراج عن 5 عسكريين لبنانيين…والجنود الفليبينيين هربوا أثناء نوم المسلحين

هي قضية خطف العسكريين ولا شيء أكثر منها يشغل الرأي العام الذي يتابع عن كثب قضية الجنود المخطوفين على أيدي المجموعات المسلحة المتطرفة سواء في لبنان أو في هضبة الجولان السورية.

وبينما كانت الهواجس ترخي بأثقالها على ملف الجنود اللبنانيين المخطوفين وسط موجة من التسريبات والتحليلات التشاؤومية  أعلن مصدر قيادي في جبهة النصرة أن “الجبهة أفرجت عن 5 عسكريين لبنانيين كانوا أسرى لديها وهم الآن في عرسال”.وقال القيادي لوكالة “الأناضول” التركية إن “العسكريين المفرج عنهم هم: أحمد غيه وابراهيم شعبان وصالح البرادعي ومحمد القادري ووائل درويش”، نافياً “المعلومات عن اتجاه الجبهة للإفراج عن أي عسكري أسير لديها من الطائفة المسيحية”.

من جهتها، ذكرت “الوكالة الوطنية للإعلام” أن المفرج عنهم هم: 4 عسكريين وعنصر قوى أمن داخلي، وباتوا جميعاً في عهدة الشيخ مصطفى الحجيري “أبو طاقية”، ولم تتسلمهم الأجهزة الأمنية بعد.

وقد تبلغت عائلتا أحمد غية من بلدة تكريت وإبراهيم شعبان من بلدة مشحة خبر الإفراج عن ابنيهما. وبدأت الإحتفالات تعم البلدتين إبتهاجاً.ونقل رئيس بلدية مشحة المهندس زكريا الزعبي، عن مصطفى شعبان والد الجندي ابراهيم شعبان، انه تلقى اتصالاً من “مصدر” في “هيئة العلماء المسلمين” قبل نحو الساعة ابلغه فيه الإفراج عن ابنه ابراهيم “الذي أصبح في بلدة عرسال”. الأمر الذي هدأ من روع العائلة نسبياً إلى حين تأمين اتصال مع ابنهم.وأكد الزعبي أن بلدة مشحة “المسرورة بهذا الخبر، ولن تقيم أي احتفال قبل الافراج عن كل العسكريين المحتجزين”.

وقالت “جبهة النصرة في القلمون” في بيان عبر “تويتر” من أنها ستبدأ “خلال أيام حملتها العسكرية لتحرير قرى القلمون” وأن أي مشاركة لـ “حزب الله” في القتال ضدها سيضطرها “لقتل الأسرى العسكريين الشيعة” لديها.وقالت في البيان نشر اليوم “حتى نقطع الطريق على كل متسلق أو دعيّ، وكل من أتقن فنّ الصيد في الماء العكر، ومن ثمّ إرغاماً لأنوف حزب إيران، ومن ورائهم ولاية الفقيه وبشار وزمرته المجرمين فإننا نعلن هذا البيان بشأن فكّ أسر الجنود السنة الخمس من جيش لبنان الذي أصبح اليوم أداة طيّعة في يد حزب إيران يحركه ويرسم سياسته المعلنة والخفية فلا بد أن نذكر في هذا المقام بعدة رسائل”.

ووجه البيان رسالة الى أهل السنة في لبنان، وقال “يا أهلنا في لبنان: ما خرجنا إلا من أجل نصرتكم ولن نكون إلا درعاً حامياً لكم ولن ندّخر جهداً لفكاك أسرانا من سجون الظلم في لبنان ليكون حصنكم منيع أمام حزبٍ يتعطش لسفك دماء أهل السنة دون حسيب أو رقيب بل بغطاء دولي ومحلي، فأصبح حامي حدود إسرائيل متفرغاً لعدوه الحقيقي ألا وهو: أنتم يا أهل السنة، ولقد قمنا بإطلاق سراح أبنائكم من الأسرى لدينا كعربون محبة لكم فأنتم أهلنا وأنتم منّا ونحن منكم فكونوا على قدر الحدث، وتأكدوا أن حزب إيران يريد أن يجعل من أبنائكم وقوداً لمعركته ضدّ أولياء الله وقد اتخذناه عدواً وأقسمنا على استئصال شأفته، فلا تجعلوا أنفسكم وأبناءكم في خندقه من حيث تعلمون أو من حيث لا تعلمون”.

ووجه البيان رسالة إلى حزب الله، وقال “غداً ستكشف الحقيقة المرة، ويفضحكم أتباعكم الذين ذهبتم بفلذات أكبادهم إلى معركةٍ تعلمون قبلهم أنها معركة خاسرة، وإن تشدقتم كذباً وزوراً أنها حربٌ مقدسةٌ. وإنا نعلمكم أن حملتنا العسكرية من أجل تحرير قرى القلمون ستبدأ بإذن الله في الأيّام المقبلات وإن أي تواجد لأبنائكم في صفوف عدوّنا فمعنى ذلك أنكم قضيتم حتف أبنائكم الذي بين أيدينا وقد أعذر من أنذر”.

كذلك، وجه البيان رسالة “إلى نصارى لبنان”، وقال “إنا نتوجه إلى عقلاء طائفتكم بأن ينزعوا شرارة الحرب التي يريد التيّار الوطنيّ الحرّ وزعيمه جركم إليها وقد حرم بأفعاله الأخيرة عدداً من أبنائكم بأن يعودوا إليكم من الأسر بتنفيذ ما خططه له سيده الحاكم الفعلي للبنان زعيم حزب إيران وقد نفذ ما طلب منه، فلا تتركوه يفسد دنياكم ويذهب بشبابكم وقوداً لحربٍ بالوكالة نصيبه منها أن يتربع على سدة الرئاسة ولو لساعة واحدة”.

بدوره،أكد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام أن “الحكومة تبذل كل جهد ممكن من أجل الإفراج عن العسكريين المحتجزين، ولا تفوّت أي فرصة ممكنة من أجل تحقيق هذه  الغاية”.وأعلن سلام في إجتماع مع وفد عكاري زاره في دارته في المصيطبة ضمّ مفتي عكار الشيخ زيد زكريا والنواب خالد الضاهر ومعين المرعبي وخالد زهرمان، اضافة الى عدد من اهالي المخطوفين اللبنانيين ورجال الدين ورؤساء البلديات، وشارك فيه وزير الداخلية نهاد المشنوق، أن “هناك خليّة وزارية برئاسته وعضوية وزراء الدفاع والخارجية والداخلية والعدل، تعمل بعيداً عن الاضواء على متابعة ملف المخطوفين، وتجري اتصالات مع كل من يستطيع أن يساعد داخلياً وخارجياً لايجاد حلّ لهذه المأساة”.

واستمع سلام الى عدد من اهالي المخطوفين الذين طالبوا الدولة بتحمل مسؤولياتها لاعادة ابنائهم، طمأن المجتمعين قائلاً: “أولادكم أولادنا، وهم أولاد الدولة اللبنانية. لن نفرط بهم، ولن نتوقف لحظة واحدة عن السعي لتحريرهم، ولن نتوقف عما باشرناه في البحث عن كل المخارج الممكنة لهذا الموضوع”.

ودعا سلام أهالي المخطوفين الى التزام الصبر والحكمة، مشدداً على أن “الموضوع شائك ومعركتنا مع الارهاب طويلة. الطريق أمامنا ليست معبّدة، والنتائج قد لا تكون سريعة. لا عصا سحرية عندي ولا عند الحكومة. كل ما استطيع أن أعد به هو أننا لن نتخلى عن مسؤولياتنا لحظة واحدة”.

وقال سلام إن “الوضع خطر ونحن في سباق مع الوقت من أجل الافراج عن أبنائنا”، منبّهاً إلى “وجوب الابتعاد عن المزايدات  السياسية في معالجة الملف لأن الاستعراضات الاعلامية في هذه المسألة الدقيقة ليست مفيدة ولن تساعد في اعادة ابنائنا”.

وأضاف ان “هذه المأساة حدثت في وقت تشهد فيه المنطقة وضعا خطراً، حيث هناك دول تندثر وشعوب تتعرض للإبادة”، مؤكداً أن “لبنان في قلب هذه المنطقة ويتأثر بما يجري فيها، وليس خافياً على أحد ان الوضع السياسي فيه غير مستقرّ ويشهد ما نعرفه جميعاً من انقسامات وتناحر. لذلك فالمطلوب اليوم هو التضامن الوطني، الذي هو سبيلنا الوحيد الى تحصين انفسنا وبلدنا ازاء هذا الوضع”.

وبعدما استعرض الانجازات التي حققها الجيش والقوى الأمنية في الاشهر الماضية في احباط تفجيرات ارهابية كانت تهدف الى زرع الفتنة بين اللبنانيين، دعا أهالي العسكريين المخطوفين إلى “الوقوف خلف الجيش ومنحه الثقة الكاملة لأنه كان وسيبقى درعنا الحامي”، معتبراً أن “أي انتقاد للجيش في هذه المرحلة الحساسة لن يكون في محلّه”.

من جهته، أجاب المشنوق عن تساؤلات ومخاوف اهالي المحتجزين، داعياً اياهم إلى “الثقة بالحكومة وبالجهود التي تبذلها للوصول إلى خاتمة سعيدة لهذا الملف”.

وطمأن المشنوق أهالي المخطوفين إلى أن “الاتصالات التي نجريها في جميع الاتجاهات وبعيداً عن الاضواء لم تتوقف لحظة واحدة، وسوف تستمر بكل زخم للوصول الى نتيجة”، داعياً أبناء عكار وجميع أهالي الأسرى إلى “عدم الوقوع في فخ الاستعراضات الاعلامية التي لن تحقق أي نتيجة ايجابية”.

وفي سياق آخر،أعلن ناطق باسم الجيش الفليبيني أن جميع الجنود الدوليين الفليبينيين الـ75 في قوة الامم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان “اندوف” الذين كانوا معرضين للخطر بسبب المعارك، هم بخير.

وقال اللفتنانت كولونيل رامون زاغالا “الجميع في أمان. لقد غادرنا موقعنا لكننا حملنا كل اسلحتنا”.

وكانت آليات مدرعة للامم المتحدة قامت السبت بإجلاء مجموعة أولى تضم 35 جندياً فليبينياً من موقعهم بعدما هاجم مقاتلون سوريون معارضون رفاقهم المتمركزين على بعد نحو أربعة كيلومترات، وفق المصدر نفسه.

وأوضح زاغالا أن الجنود الأربعين الآخرين واجهوا المقاتلين السوريين خلال “تبادل لاطلاق النار استمر سبع ساعات”، لكنهم تمكنوا في نهاية المطاف، مستغلين هبوط الليل، من الوصول سيرا الى موقع للأمم المتحدة يبعد نحو كيلومترين.

وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أن هؤلاء نقلوا بعدها الى معسكر “زيواني” الواقع خلف خطوط الأمم المتحدة. وتابع “لقد توقفت المواجهات، الجميع بامان”.

من جهته، أكد قائد القوات المسلحة الفلبينية الجنرال غريغوريو كاتابانغ في مؤتمر صحافي إن “إسرائيل” وسوريا ساعدتا فيما وصفه “بأكبر هروب” للقوات الفلبينية بعد الاشتباك مع نحو مئة من الإسلاميين المتشددين الذين كانوا يحاصروهم في معركة استمرت سبع ساعات”. وقال إن الجنود “هربوا في وسط الليل أثناء نوم المتشددين”.

من جهتها، أكدت الامم المتحدة انه تم اجلاء الجنود الدوليين الفليبينيين الـ40 “خلال وقف لاطلاق النار تم التوصل اليه مع العناصر المسلحين” الذين كانوا يحاصرونهم في موقعهم، وأضافت المنظمة في بيان “انهم وصلوا الى مكان آمن بعد نحو ساعة”.

وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ندد “بشدة” بالهجوم على الجنود الدوليين الفليبينيين واحتجاز رفاقهم الفيجيين، محملا المسؤولية لـ”افرقاء مسلحين لا يتبعون لاي دولة بينهم جبهة النصرة”.

واصدر مجلس الامن الدولي السبت بيانا مماثلا تبناه باجماع اعضائه الـ15 من دون ان يحدد هوية المجموعات المسلحة المسؤولة عن احتجاز الجنود الدوليين.ويبلغ عدد جنود قوة اندوف 1223 عنصراً من ستة بلدان هي الهند وفيجي والفليبين وايرلندا وهولندا.

_________________

(*) هشام يحيى