جهود دولية لمنع تمدّد «داعش» إلى لبنان

ثريا شاهين (المستقبل)

لاحظت مصادر ديبلوماسية في الآونة الأخيرة، تضافراً للجهود الدولية لمواجهة تنظيم «داعش» ومكافحته. وسجل هذا الجهد على المستوى الديبلوماسي من خلال القرار الدولي 2270 الذي يحظر تمويل هذا التنظيم، والمستوى العسكري من خلال توجيه ضربات جوّية للتنظيم في العراق، وتسليح الأقليات لمواجهته.

لكن لماذا هذا الجهد الآن، وهل يمكن أن ينجح في وضع حدّ للتنظيم؟

تؤكد المصادر أنّ الدول الكبرى بدأت منذ مدّة تدرك أنّ خطر «داعش» لم يعد يطال فئات معينة في المنطقة، جرى سابقاً غضّ النظر عن حركته حيالها، من قِبَل المجتمع الدولي. وهو الذي كان يريد من الدول المعنية في المنطقة أن تقوم هي بمعركتها مع هذا التنظيم لإزالته وإزالة خطره. وتزامنت المرحلة السابقة مع اعتبار المجتمع الدولي أنّ «داعش» جعل إيران تقبل بالتفاوض مع الغرب حول البرنامج النووي الإيراني، لكن بعد نمو هذا التنظيم الذي توسّع وكبر بشكل بات يهدّد الدول ذاتها التي غضّت النظر عن نشوئه وتمويله، وعقيدته وأهدافه، وجدت أنّه من الضروري فعل شيء ما لوضع حد لتوسّعه لأنّه «تنظيم إرهابي» خطره يطال الجميع من دون استثناء، ويمكن له أن يعمل لمصالح أخرى، والانقلاب على الدول التي سمحت بقيامه. وتشير المصادر إلى أنّ هذا التنظيم لم ينشأ مصادفة، إنّما كان وراءه مَن ساهم بذلك ولأغراض محددة. إنّما يبقى السؤال هل ستكون الضربة الموجّهة إليه قاضية، أم أنّها ستبقى في حدود معينة؟

ومن أجل ضربه صدر القرار 2270 والذي يعني، بحسب المصادر، ثلاثة أمور هي:

– أنّه يشكّل رسالة سياسية إلى تنظيم «داعش» بأن لا يتخطّى في ممارساته حدوداً معينة، وأنّه ستتم محاسبته ومراقبته.

– انه يشكّل رسالة إلى مَن يموّل «داعش» بأنّه بات تحت المراقبة، وهذا من شأنه أن يحدّ من عملية تمويله.

– أنّه من الضروري إعادة النظر بأداء «داعش» وإعادة فرملة هذا الأداء، بحيث لا يقوى بطريقة تضرّ بمصالح دولية كبيرة.

وعلى الرغم من حصول معركة عرسال أخيراً، إلاّ انّ الدول مستمرة في عدم السماح بدخول «داعش» إلى لبنان، ولا تسمح بالتالي أن يكون لبنان مسرحاً لعملياته. إذ لا مكان أو مجال لعمله فيه، حيث لا بيئة حاضنة، وحيث أنّ هناك تقاسماً للنفوذ الطائفي، وليس من فئة مغلوب على أمرها. وموقتاً، لن يحصل في لبنان كما يحصل في العراق وسوريا، مع أنّه يجب التنبّه إلى إمكان محاولة دخول مجموعات «داعشية» إلى البلاد، وأنّ خطرها يبقى قائماً، ومن الضروري تعزيز سلطة الجيش وقدراته، وهو الأمر الذي يقلق في الوقت الحاضر الحكومة واللبنانيين على حد سواء.

القرار الدولي يؤثّر على تمويل هذا التنظيم. إذ ينكشف المموّلون، وقبل مدة تم كشف مموّلين، كما يؤثّر على الأشخاص الذين يساعدونه. مع الإشارة إلى أنّ السيطرة على منابع النفط من التنظيم، يشكّل احدى أبرز وسائل القضاء على التمويل الذي يحظى به.

كل الدول التي تحارب التنظيم متفقة على أنّ القضاء عليه عملية طويلة، لكن في النهاية سيتم القضاء عليه. التنظيم استفاد من النقمة الطائفية في العراق على السلطة أيام رئيس الحكومة السابق نوري المالكي. إلاّ أنّ تفاهم القبائل والأطراف السنّية، يمكّنهم من وضع حدّ لهذا التنظيم. تمت محاربة «القاعدة» و»طالبان» بالصحوة العشائرية السنّية، وبالوحدة الوطنية. في العراق تراجعت إيران عن دعم المالكي بضغط من أداء «داعش»، أولاً، والنقمة عليه، ومن انهيار المؤسسات العراقية، وخصوصاً الجيش. المهم الآن هل سيكون هناك تراجع عن كل إجراءات المالكي أم لا؟ الشرط الأميركي قيام حكومة وحدة وطنية حقيقية في العراق وليس سيطرة طرف على طرف. وعندما تتوقّف الأطراف الداخلية عن دعم «داعش» من الصعب أن تكمل، لذلك هناك دعوة لحكومة وحدة وطنية. مع الإشارة إلى أنّ الايديولوجية غير المقبولة تستفيد من القضية أي قضية الحرمان من السلطة. وهناك مؤسسات وأفراد يموّلون «داعش» الذي يتموّل أيضاً من النفط الذي يبيعه، على أساس ان المناطق التي يحتلها غنية بالثروات الطبيعية.

وعندما تتعزّز السلطة العراقية تصبح قادرة على مواجهة التطرّف. ما يعني تقوية الاعتدال السنّي والشيعي، ما يمكّن من هزيمة «داعش» بشكل أكبر. وإذا تمّ إيجاد حل سياسي في العراق، فإنّ الأمر سيكون مترابطاً مع الوضع في سوريا ومصير «داعش» هناك. حتى الآن لا أفق للحل في سوريا، لكن ثمة افكاراً يجري العمل عليها تحضيراً للحل عندما يحين أوان الاتفاقات الكبيرة.

اقرأ أيضاً بقلم ثريا شاهين (المستقبل)

“الغموض” الاميركي يُقوّي نفوذ روسيا وإيران في المنطقة

الحريري في موسكو لدرء مخاطر التسويات الكُبرى

تفاوض أميركي- روسي على «وقع» الضربة في سوريا

روسيا تُعدّ ورقة تفاوض لمحادثات جنيف السورية في شباط

الملف الإقليمي ينتظر «ربيع ترامب»

لماذا تركّز واشنطن على الاستقرار في الدرجة الأولى؟

لا أحد يستطيع فرض التوطين على لبنان

روسيا تضغط لإنجاح التفاوض بعد كسر عزلتها الدولية

هل تُعيد واشنطن النظر في تنازلها لموسكو في سوريا؟

ثلاثة احتمالات «تحكم» المرحلة المقبلة.. رئاسياً

أجواء جديدة في المنطقة قد تُنجب رئيساً

التنافس ينحصر بين واشنطن وموسكو.. وليس مع طهران

الحوار حول المنطقة لم يبدأ.. رغم مسار «النووي»

الرهان على نتائج التدخل الروسي «رئاسياً».. فاشل

إيران لن تُعطى في لبنان.. لكنها تحفظ مصالحها

تسويات تُحضَّر في المطابخ الدولية

تطورات عسكرية قريبة «تفرز» وقائع جديدة في سوريا

محاسبة «الكيماوي» السوري بعد محاصرة «النووي» الإيراني

تقدُّم المعارضة في المواجهة يُعيد «جنيف 1» الى الواجهة

روسيا حاولت درء مخاطر إعلان فشل تحرّكها مع السوريين