رسالة إلى مشروع مهاجر

زياد بارود (النهار)

هذه رسالة من تلك التي لا تُرسَل عادةً. هي ليست “مفتوحة”، لأنها ليست موجَّهة إلى مرجعية معظّمة كما يحلو للبعض أن يزيّن بها صفحات الجرائد (غالباً ما تبقى “مقفلة” في وجه المرسِل الذي لا يتلقّى جواباً). بل إنها رسالة شخصية جداً ووجدانية للغاية وتتوجّه إلى مرسَلٍ إليه، افتراضي ومفترَض، تصادقتُ معه على مرّ السطور، وما بينها من كلام لا يقال وغضب لا ينفجر وحلم يكاد ينكسر. هي رسالة حملني إلى كتابتها سؤالٌ وجّهه إلى نفسه صديقي عقل العويط عندما خشي أن تكون كتاباته، “المتفائلة” بتواضع، تنطوي على حجب للحقيقة المرّة – ولو غير مقصود- عن قرّائه: حقيقة البلد وناسه وحقيقة المستقبل وعلامة استفهامه وحقيقة كوابيس واقعنا، كمَن ينام مع حفّاري القبور ويريد كتابة رباعيّات غزلية!

هي إذاً رسالتي إلى مشروع مهاجر من لبنان. وقد يصلح في المذكور أن يكون مشروع شهيد. قد يصلح فيه أيضاً أن يكون مشروع مرتكب (الأخير في منأى من الاستشهاد). وقد يحصل أن يكون مشروع زعيم غسل يديه بعد… وليمة. وقد يحصل ويصدف ويصلح أن يكون ويكون ويكون… لكنني اخترتُ أن أوجّه رسالتي إلى النموذج الأكثر رواجاً في أيام “محلنا”: فخامة ودولة ومعالي وسعادة مشروع المهاجر (الذي يشمل، في المناسبة، حوّاء وتفاحتها). أكتب إليه مع احترامي المسبق لخياره بقراءة الرسالة أو امتناعه عنها، وقد غدا متخماً بما تناوله من خطابات تضرب في الإمعاء عسراً وتحيله إلى قرحة مزمنة. في كلّ حال، هذه رسالتي غير المفتوحة:

عزيزي مشروع المهاجر (المعروف محل الإقامة حتى إشعار آخر)،

أكتب إليكَ وأنا في حيرة من أمري. أعرف أين وكيف ولماذا سأنهي رسالتي، لكنني لا أدري من أين أبدأ. ربما كانت البدايات في عالمنا العربي مختلفة عن النهايات، كتلك التظاهرة المندّدة بـ”وعد بلفور” التي بدأت تصرخ “فليسقط وعد بلفور” لتنتهي مطالِبةً بأن “يسقط واحد من فوق”! مذّاك، قبله وبعده، سقط كثيرون، وإنما من تحت، أي من الناس، من أبناء الله. سقطوا وهم في لعبة التاريخ ومحنة الجغرافيا مجرّد أرقام إحصائية. وأنتَ يا صديقي، وقد تعدّدت هويّاتكَ (وكانت أحياناً قاتلة، على هوى أمين معلوف)، كنتَ ولا تزال تقرأ وتحلّل سقوط حائط برلين وتداعياته على انتخابات مجلسكَ البلدي في الحارة، ومدى تأثير انهيار الاتحاد السوفياتي في انهيار حائط الدعم على مقربة من بستانكَ، والنووي الإيراني، والخمسة زائداً واحداً وحنّا غريب ونعمه محفوض والسلسلة الشرقية وعرسال… تقرأ، تحلّل، تغوص عميقاً في فكر ساستنا (حيث توفّر)، تعتقد أنكَ فهمتَ ما يجري وأيقنتَ مكامن الأمور، لكنكَ تستفيق بعد حين فتسرع إلى استصدار جواز سفر، تمهيداً لتأشيرة، تحضيراً لخطة بديلة. فالأولاد يكبرون، وكذلك الهموم، وكذلك أيضاً وأيضاً مسافات تفصل بينكَ، صاحياً، وبين ما اعتقدتَه يوماً ملككَ، على حين حلم جميل: مرقد عنزة وكبّة نيّئة وتبّولة ودبكة… نظام سياسي يحفظ التنوّع والمشاركة، بحبوحة، طبقة وسطى، جامعات ومدارس ومستشفيات، ضمان اجتماعي، صحافة حرّة، أمن وسلام، وأحلام أخرى متفرقة.

وقد تساءلت: لماذا أنتَ مشروع مهاجر ولستَ مهاجراً مكتملاً بعد؟ ربما بسبب عدم اكتمال الشروط والظروف الشخصية، وربما أيضاً لأسباب تتخطى شخصكَ لتطال الظروف العامة. ما لي وللشخصي. أجادلكَ في العام. أخاطبكَ في ما آلت إليه أمورنا:

في النظام السياسي، ربما كان النعت والمنعوت في غير محلّهما معاً. فلا النظام نظام، ولا السياسة سياسة. نبحث عن الديموقراطية بدل أن نبحث فيها، ونتباهى في قدرتنا على منح الأزمات مداها. أما الدستور، فوجهة نظر وسلاح دمار شامل بالاستناد إلى خبراء في كيمياء الألوان يحوّلون الأسود أبيض. لن أطيل عليكَ أمثلةً، مكتفياً بالإشارة، إلى أن ميشال شيحا بات غير مرغوب برؤيته وسعة علمه، وإلى أن إدمون ربّاط بات لا يلبّي في فقهه الدستوري حاجات أولاد الجمهورية، بل صغارها. زمنهم غير زمننا. كان لهم لبنانهم… وبعد، ما لي وللنظام السياسي، قد تقول لي، وأنتَ لم تدخل دهاليز السياسة وزواريبها، عملاً بنصيحة الوالد الذي حذّركَ من المخدرات و… من السياسة. والحال، أنكَ في صلبها، شئتَ أم أبيت. فأنتَ الصوت حين تدقّ ساعة الانتخاب (إستثنائيا، طبعاً، فالزمن زمن تمديد متكرر). وأنتَ المتلقّي الضربات بالنيابة. وأنتَ مسدِّد الضرائب. وأنتَ شقيق الشهيد، والوالدة تبكيه. وأنتِ زوجة العسكري تفخرين به بطلاً. وأنتَ الوالد يجهد لقسط مدرسي موجع. وأنتَ العالق في زحمة سير مصالحهم. وأنتَ هؤلاء كلّهم وسواهم بعد… كل هذا سياسة وكلّه نظام سياسي مأزوم! مشكلتي مع أمثالكَ من مشاريع المهاجرين أن بعضكم لم يعد يسعى إلى علم في الخارج أو لقمة عيش، بل باتت هجرته مبدئية! يفتش عن مكان ما تحت السماء يشبه حلمه، يشبه عقله، يشبه أخلاقه، وفيه وسادة يستريح عليها العقل، ولو كان القلب هنا يخفق عشقاً.
في هذا اللانظام المأزوم، رئيس مغيّب قسراً، فوجئ الجميع بانتهاء ولاية سلفه على حين غفلة، فما استطاعوا ردّ المفاجأة إلاّ بسبات رئاسي عميق مستمر حتى يلتقي مساران آخران في مكان ما. يلتقيان ونحن عن اللقاء غائبون. وفيه أيضاً مجلس نواب منتخب أصلاً، لأن الأصل في الديموقراطية انتخاب، لكنّه رأى، خلافاً لسخافات مونتسكيو وتوكفيل وسواهما، أن الانتخابات هي مصدر نزاع، وأن استقرار البلد يستوجب استقرار المنتخَبين على كراسيهم منعاً لأيّ اهتزاز، فضحّى هؤلاء (بأكثريتهم، حتى لا نشمل) ومدّدوا لأنفسهم معاناتهم في خدمة الوطن والناس، وبالزفت دامت النعم. وفي لانظامنا أيضاً حكومة تضرب الرئيس بأربعة وعشرين منه، كالذهب بقيراطه، وتسعى، مشكورةً، إلى تأمين تواقيعها وكالةً عن المغيَّب وتفعيلاً لموقعه الجامع. وفي لانظامنا، عزيزي مشروع المهاجر، دستور. عنه كان يقول أميرٌ لواءٌ رئيسٌ إنه “الكتاب”. لكن آخرين رأوا فيه دفتراً. يكتبون ما شاؤوا، كيفما شاؤوا ولا رقيب. فعندنا، عزيزي، مجلس دستوري ديموقراطي للغاية، استوحى بعض أعضائه من نوّابنا مثالاً يحتذى، فاعتمدوا النصاب سلاحاً للموقف، فغابوا وغاب معهم دور المجلس الضامن كالساعة السويسرية. أنسيتَ أن عقارب الساعة في سويسرا الشرق تسير في الاتجاه المعاكس؟

في المناسبة، سويسرا الحياد والاستقرار هي دولة قوية، جيشها عملاق، حكومتها “توافقية”، وقد عرفت بين مكوّناتها حروباً ضروساً قبل أن تستقرّ في نظام يؤمّن مشاركة الجميع ويحسن إدارة التنوّع الإتني واللغوي والثقافي والتاريخي، تماماً كما نزاوج نحن بين طائر الفنيق المفدّى وسيف الفتوحات العربية المجيدة. المسألة يا صاحبي هي في الإدارة، لا أكثر ولا أقل. إدارة التنوّع على نحو يبرز غناه. وهنا بيت القصيد: فنحن في أزمة إدارة لأزماتنا ونزاعاتنا، وليس ثمة آلية لإدارة تلك الأزمة! وفي زمن “داعش” وأخوته وأخواته، قل لي، ما الخيار؟ حالة إسلامية – مسيحية اختارت العيش معاً والمشاركة في الحكم والمصير، أم أحادية إلغائية للآخر؟ لـ”داعش” وأخوته وأخواته فضل كبير علينا: فمعه باتت الخيارات أوضح وبات تحصين التنوّع القائم ضرورة مشتركة وحاجة حيوية ومسألة وجودية. أما كيف السبيل إلى ذلك؟ فاسأل المسؤولين عن مسؤوليتهم.

عزيزي مشروع المهاجر،

لا أخفيكَ سرّا إن بحتُ لكَ باعتراف. فأنا من هؤلاء الذين خبروا “السلطة” كعابر سبيل. خبرتُها فتيّقنتُ سريعاً أنها هشّة، ضعيفة، متكبّرة، مكابرة، كرتونية! فيها من “أكعب أخيل” (talons d’Achille) ما يكفي لتسقط ورقة التين عنها بمجرّد النفخ! لكن النفس قصير وحلقة المستفيدين المتحلّقين حولها كبيرة. بذلك، فإن إسقاطها هو فعلٌ تراكمي لا يحصل بالتمنيات ولا بالشعارات ولا حتى بأصدق النيات، بل يمرّ بمعبر إلزامي هو قانون الانتخاب. هذا القانون التأسيسي الميثاقي هو حجر الزاوية، وعبثاً يتعب البنّاؤون في الهيكل تدعيماً ما لم يعبروا هذا المسلك. غداً، عندما تصبح مهاجراً مكتمل الشروط والأوصاف، سيتودّدون إليك ناخباً، وسيقدّمون لك الطبق ذاته، في الوطن والمهجر، لكن القانون سيبقى، هنا كما هناك، عصيّاً على الإصلاح، وغريباً عن الآمال، وستبقى الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الإنتخابات والحملة المدنية للإصلاح الانتخابي والحراك المدني وسواها من تعابير الممانعة والرفض، مغرّدة خارج السرب. أما مجلس “الشيوخ”، فلا حاجة له في زمن “الشباب”.

أما في النظام الاقتصادي- الاجتماعي، فكن مطمئناً، لأن المبادرة الفردية و”شطارة” اللبناني أنقذتا الموقف! وقد تم الإدعاء على رئيس جمعية المصارف فرنسوا باسيل وكاد حنا غريب “يطير” من مدرسته، فتوقف الهدر فوراً، واستقامت الأمور وتمّت مكافحة البطالة وبات لبنان مستقراً والبحبوحة تخنق الطبقة الوسطى لشدة ما أغرقتها بوفرها. وإذا صدف وسمعتَ بسلسلة رواتب أو بهيئة تنسيق، فاهمل الموضوع لأنه من دون “إفادة”، في انتظار امتحان من نوع آخر. أما المجلس الاقتصادي والاجتماعي، فرحمات الله عليه، ربما لأن مساحة الحوار بين هيئات الانتاج تقلّصت بفعل سياسة التقشّف، وآثرت الطبقة السياسية أن تتولّى هي دور المجلس الذي انضمّ إلى دولة المؤسسات المغيّبة.

غريبٌ أمر سياساتنا. قصيرة المدى، مضطربة، عديمة الرؤية، وارتجالية. كأن الوقت يدهم الفكرة في حضرة ردّ الفعل الدائم ووزارة التخطيط المأسوف على شبابها. هل قرأتَ يا عزيزي تقرير بعثة (IRFED)؟ أرجو أن تفعل ولو بعد نصف قرن على وضعه في أوائل ستينات القرن الماضي. إقرأ، وسترى كيف نتفنّن في دفن الآمال والإنماء والتطوير. إقرأ وسوف تعيش مرارة فؤاد شهاب وحرقة موريس الجميل وخيبة ابرهيم عبد العال.

عزيزي مشروع المهاجر،

إذا كنتَ مستمرّاً في قراءة رسالتي (في ذلك عجب، نظراً لسواد الرؤية)، إليك منّي النصف الآخر من الكوب:
ليست مشروعية هجرتكَ المحتملة موضع مناقشة عندي بعد كل ما تقدّم. ولن تكفي “قطعة سما” لبنان لتجعلكَ تعدل عن خوض غمار العبور إلى الاستقرار وطيب العيش وهناء الإقامة تحت سماء ألطف. لكنني أودّ أن أخوض معكَ في خواطر لطالما طرحتُها على نفسي، ولم أجد إلى حسمها سبيلاً إلاّ في ما ندر.

أولا: هل تعتقد معي أن “الحقّ على الطليان” دائماً؟ أم أننا “مش هينين” كما نقول في العامية؟ هل ثمة قدرية تحكم وضعنا المأزوم أم أن المسؤولية تقع على مَن في موقع المسؤولية ولا مَن يحاسب؟ لماذا اغتيل فؤاد شهاب في مشروعه؟ وماذا بقي من دولة مؤسساته؟ هل طبيعي أن يبحث ناس البلد عن صوره بالأسود والأبيض لتزيّن جدران العاصمة: “شهاب لرئاسة الجمهورية”… عام 2014؟! هل فكّر أحدهم في ما يعني ذلك؟ سأقول لكَ: إن بعضاً من تاريخنا أنصع من السواد الأعظم من حاضرنا، والأخطر، أننا شعب لا يتعلّم دروساً من ماضيه بل يدفنه حيّاً ويدفن تجاربه ويدفن رأسه في التراب نعامةً. لذلك، أقول لكَ إن هجرتكَ المحتملة باتت مبدئية غير ظرفية. متى ظهر السبب، بطل العجب.

ثانيا: هل نظامنا السياسي المميّز هو الوحيد عبر العالم الذي عرف التنوّع والاختلاف والتعددية؟ قطعاً لا. لكنه يبدو فريداً في عدم قدرته على إدارة هذا التنوّع وذاك الاختلاف وتلك التعددية. السبب في ذلك بنيوي هيكلي، حيث باتت مؤسساتنا الدستورية غير مؤهلة لأداء هذا الدور من الإدارة الرشيدة للحكم والسلطة. لماذا يستحيل، مثلاً، إجراء تقويم لاتفاق الطائف بعد أكثر من عقدين على قيامه، بعد كل المتغيرات التي طرأت؟ تقويم في ما طُبِّق منه وفي آلياته. لا أكثر. بعد التقويم يجري التصويب. ألا تكفي المعوقات الكثيرة التي شهدتها الحالة الدستورية منذ 1990 لنفهم أن ثمة ثغراً لا بدّ من معالجتها؟ هجرتكَ المحتملة، يا عزيزي مشروع المهاجر، تمرّ من هنا أيضاً.

ثالثا: إلى متى نبقى نؤجّل مقاربة الأمور بجرأة ووضوح ورؤية؟ ربما كان اللبناني من أكثر مواطني العالم قدرةً على المسامحة (وقد سامح قاتليه والمشنّعين بمستقبله ورفعهم زعماء عليه أحياناً)، وهو قادر على التضحية والمساهمة في كلّ أمر عام، لكنه بات يشترط خريطة طريق وتخطيط وتصميم، لا ارتجالاً، ليس عنده قدرة على نتائجه. يصحّ هذا الكلام في السياسة كما في الاقتصاد. غياب خريطة الطريق هو الذي يحملكَ وآخرين على سلوك طريق الهجرة، لا صعوبات اليوم الحاضر فقط. خريطة طريق وسلطة تحزم أمرها ومواطنون مستعدون للتضحية، وتبقى أنتَ وتستمر.

رابعا: وأما “نحن”، الذين ينظّرون ويملأون الإعلام صخباً وانتقاداً وجولات، فماذا فعلنا سوى ذلك؟ أين ما اصطلح على تسميته “المجتمع المدني” ممّا يحصل؟ أين بدائل بول أشقر ورفاقه؟ أين “بلدي، بلدتي، بلديتي”؟ وهل يكفي الحراك القائم اليوم، وهو مبارَك؟ أليس المجتمع المدني مأزوماً هو الآخر؟ في ديموقراطيته الداخلية حيناً، وفي تحوّل بعضه إلى منظّمات تتقن استدراج التمويل فقط، حيناً آخر؟ هذا المجتمع الحيّ، المبادر، الذي غالباً ما فاق وعياً، السلطة التي حكمت، هو حجر زاوية في تصويب البوصلة. أبناؤك، عزيزي مشروع المهاجر، هم أبناء هذا المدني، وهجرتهم تفريغ لكفاءات وقدرات ومهارات. كلّنا مسؤول.

خامسا: لقد طرحتُ على نفسي كل هذه الأسئلة وسواها. جادلتُ ذاتي طويلاً في معنى لبنان وفي سرّ تعلّقنا به. لم يأتني الجواب بالعقل والمنطق أوّلاً، بل بلغني بالقلب والعاطفة. أصررتُ على نفسي لأجد تعليلاً موضوعياً، فانتهيتُ إلى الخلاصة الآتية: نحن وُجدنا على خطّ نار وزلازل، “من خطر نمضي إلى خطر ما همّ، نحن خُلقنا بيتنا الخطر” (سعيد عقل). قدرنا أننا جزء من لعنة الجغرافيا وحركة التاريخ. خيارنا بسيط ومعقّد في آن واحد: هي تأشيرة وتذكرة سفر تفصل بين حاضركَ والماضي، وبين مستقبلكَ وعلامة استفهامه الكبرى. لكنّ خياركَ لا يقتصر على ذلك. فهذه نتيجة فقط. نتيجة خياركَ الآخر في الوطن. خيار القبول بالواقع أو خيار الانتفاض عليه. خيار المسايرة أو خيار الممانعة. خيار أسهل الحلول أو خيار أشرفها. خيار المتفرّج أو خيار المؤثّر. خيار الغاضب سخطاً أو خيار الزاحف ذلاّ. خيار التشكّل في مجموعات ضاغطة فاعلة أو خيار الفرقة الحمقاء القاتلة.
خيار الهجرة أو خيار المواجهة. هو خيارك. بأمان الله!