سلام زار بري: موضوع العسكريين المخطوفين يحتاج الى التكتم

استقبل رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري  في عين التينة، رئيس الحكومة تمام سلام وعرض معه التطورات في لبنان والمنطقة.

وعلى الاثر، قال سلام: “من الطبيعي ان يتناول اللقاء مع الرئيس بري هموم البلد العديدة وهي حساسة وخطيرة على كل المستويات، وبالتالي فإن التشاور بها مع مرجعية وطنية وجادة في العمل لإيجاد المخارج والحلول أمر بديهي، وإن الإستماع الى ما عند الرئيس بري والتداول معه اعتقد انه في هذه المرحلة امر ضروري من قبلي ومن قبل كل من يسعى او يريد ان يجد مخارج او حلولا لازماتنا المستعصية”.

سئل: اي ازمة تحديدا هي الازمة المستعصية؟

اجاب: “اكبر ازمة، بداية كما نعلم، هي الازمة الدستورية الكبيرة والمتمثلة بعجز القوى السياسية عن التوصل الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهذا الأمر سيستمر التداول به ولكن الوقت يمر والبلد يدفع الثمن غاليا نتيجة هذا الشغور، وجميعنا يرى هذا الثمن الغالي بأشكال مختلفة، أخطرها الأمني ولا يقل خطورة الوضع الإقتصادي والحياتي والمالي والمعيشي، فعندما يتوقف التقدم وتتوقف الحلول وتتراجع المخارج، تتراكم الأخطاء والسلبيات ويدفع الناس الأثمان الغالية، منها برزقهم ومنها بحياتهم وأرواحهم”.

سئل: بالنسبة لقضية العسكريين المخطوفين، هل من جديد بشأنهم، وهم يدفعون الثمن الأغلى؟

اجاب: “هذا الجانب الأمني من أزمتنا، التي تعود الحصة الأكبر فيه الى من يريد الضرر والأذى للبنان واللبنانيين، هناك خلفية ربما تتعلق بتعاطي اللبنانيين بين بعضهم البعض حتى في الموضوع الأمني بوتيرة يجب أن يسود فيها الحس الوطني، لكن مع الأسف نسمع مواقف سياسية ولسياسيين ولقوى من هنا وهناك لا تليق لا بالوطن ولا بالمواطن مليئة بالتوترات والتشنجات، وهذا لا يساعدنا أبدا في مواجهة الخطر الأمني الداهم والكبير والذي يهدد المنطقة كلها ومنها لبنان”.

أضاف: “من هذا الخطر ما مررنا به في موضوع المواجهة في عرسال، وإذا كنتم تسألونني اليوم بعد كل الذي مررنا به وتمكنا من تخطيه عن العسكريين المحتجزين، أقول نعم هؤلاء أبناؤنا وأغلى ما عندنا، لأن هؤلاء العسكريين الى جانب أخوان لهم استشهدوا في المعارك وآخرين يشكلون الدرع المنيع لنا ولكل الوطن اليوم من خلال جيشنا الباسل والقوى الأمنية في مختلف أجهزتها. نعم هؤلاء العسكريين لا ينتمون لا الى هذه الفئة أو لتلك ولا لهذا الدين أو ذاك، هؤلاء ينتمون الى شتلة واحدة اسمها لبنان، هؤلاء وضعوا أرواحهم على كفوفهم وذهبوا في مواجهة هذا الإرهاب الشرس والمدمر والمخرب واللاديني لمواجهته لأنهم يدافعون عن لبنان ولأن عقيدتهم لبنان، وإن أرواحهم التي وضعوها على كفوفهم وضعوها من أجل لبنان وليس من أجل هذه الفئة أو تلك أو هذا المذهب أو ذاك، وبالتالي هذا الموضوع يتطلب عناية كبيرة”.

وتابع: “لقد كان لي لقاء مع أهالي العسكريين وكنت واضحا، هذا الأمر لا يتم بكبسة زر وهو ليس نزوة أو هوى لهذه الجهة أو تلك لكي تزايد به أو تتصرف به لا سياسيا ولا اعلاميا. هذا التنافس وهذه المبارزة الدائمة من عنده خبر أكثر من الثاني، من أتى بمعلومة زيادة عن الثاني، كل ذلك يعرض وضع العسكريين الأسرى لمزيد من المخاطر”.

وقال: “الحكومة تقوم بهذا الأمر منذ اللحظة الأولى بكثير من المتابعة ومن العناية ولكن من المؤكد بعيدا عن كل ما هو يضر أو يؤذي هذا الملف، لأن أي كلام أو أي تفاصيل أو معطيات يفرج عنها يمكن أن تعرقل أي مسعى لن يكون ذلك من قبل الحكومة. أما السؤال هل هناك تلبية لشروط الخاطفين أو الإفراج عن سجناء رومية، ماذا يفيد إذا أجبنا الآن وقلنا إذا ما كان رئيس الحكومة يتعاطى مع هذا الموضوع أم لا أم أن اللواء ابراهيم يتعاطى مع هذا الموضوع أم لا؟ ماذا يفيد كل ذلك القضية التي تطبخ بشكل فيه كثير من المسؤولية والأهالي يتفهمون ويعون ذلك حفاظا على أرواح أولادهم، فالأهالي لا يتاجرون في هذا الموضوع كما يتاجر غيرهم ولا يذهبون في هذا الموضوع الى مواقف وتصريحات هدامة أو مزايدة. المسألة تحتاج الى كثير من الدراية والتكتم والدقة، والقصة ليس اليوم أو غدا والقصة معركة طويلة مع أشخاص لا يعرفون لا دين ولا مبدأ ولا هوية ولا لون”.

أضاف: “مع الأسف تابعنا مؤخرا بعض التغطيات وبعض الكلام على لسان سياسيين وعبر بعض وسائل الإعلام، بدأوا يميزون فيها بين العسكريين، بين شيعي وسني أو مسيحي، هذا الكلام عيب بحق هؤلاء العسكريين الذين يمثلون البلد بأكمله، عيب ان نخاطر بالعسكريين وبأهلهم من خلال التصنيفات والتساؤلات. الى أين نصل بمثل هذا الأسلوب؟ هل الكلام عن هذا العسكري أو ذاك اذا كان يضع الخوذة العسكرية أو لا أو كان ينتعل حذاءه العسكري أم لا أو دخل أو خرج أو من عائلة فلان أو تلك أو من القرية الفلانية أو تلك، من يفيد هذا الكلام؟ من يستفيد اليوم من هذا التفصيل الذي لا يعطي نتيجة”.

وتابع: “أستطيع القول لكم اليوم ان الحكومة تتحمل مسؤوليتها كاملة وإلا لن تكون حكومة، فاليوم الذي نتخلى فيه عن هذه المسؤولية نقول اننا تخلينا عنها ونحن لسنا على قدرها، ولكننا الى اليوم نسعى جاهدين بكل ما لدينا من اتصالات وما سعينا اليه في الداخل والخارج لتوظيفه من أجل ضمان سلامة العسكريين، وهؤلاء العسكريين جنود يدافعون عن كل لبنان ولم يدافعوا عن هذه الوسيلة الإعلامية أو تلك أو هذه السياسة أو تلك أو هذه القوى السياسية أو تلك، حرام أن نضع الأمور في هذا المجال. هؤلاء عيوننا ولكن ليس لنستخف بهم أو نرمي الأخطار من هنا أو هناك، فهذا لا يحل المشكلة. انتم تعلمون أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها اللبنانيون لاحتجاز أو خطف ورأيتم في الماضي كم جرى من كلام في مثل هذه الملفات، وهذا الكلام لم يفد أبدا ولم يعط نتيجة وعندما استحق الأمر ووصلنا الى الشيء العملي الذي نسعى اليه اليوم أيضا بكل ما وسعنا، فإن المشكلة تحل ونقول لقد تم حلها على هذا الشكل، ونأتي بأبنائنا وهذا أهم شيء عندنا”.

سئل: هل يوجد تضامن حكومي في هذا الشأن؟

أجاب: “آمل، لم أر غير ذلك، لم أر أي شيء على مستوى الحكومة فيه منازعة أو تشكيك أو ضعف. طبعا أقل شيء أن هناك تضامنا حكوميا ولولاه لما كنت تحملت هذه المسؤولية. أنا أتحمل هذه المسؤولية عندما أكون معززا ومدعوما من قبل كل أخواني في الموقع المسؤول، من الأخوة الوزراء ومن الحكومة مجتمعة. طبعا لدينا ملفات أخرى الى جانب ذلك وهي حساسة ودقيقة منها ملفات تتعلق بقضية النازحين السوريين، هذا الملف وحده يأخذ كل وقتنا وجهدنا ومساعينا لكي نضبطه لأن له أيضا علاقة وله ارتباط وله انعكاس على الوضع الأمني في البلد وإذا لم تتم معالجة الوضع الأمني بثقة كاملة بقياداتنا العسكرية وبأجهزتنا الأمنية وبكثير من الدقة والتكتم والعناية نكون نذهب الى امكنة مزعجة ومؤذية لن يستفيد منها أحد”.

سئل: كيف قرأت وصف أحد الوزراء في الحكومة لمكونات سياسية بأن “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” يعادلا داعش؟

أجاب: “أقول فلنفتش نحن وإياكم عن الكلمات والمواقف التي توحد وتجمع والتي تبلسم وتشفي، والتي تساعد لبنان واللبنانيين على مواجهة هذه الحالة الصعبة والمعقدة وغير المريحة، غيرنا لديه بلاء كبير ولا يعرف أين يبدأ وأين ينتهي، وعلى الأقل نحن كلبنانيين لدينا وضع نقطة ضعفه كما قلت هو شغور رئاسة الجمهورية والى جانب ذلك لدينا مؤسساتنا وحكومتنا وكثير من المجالات الإيجابية التي يجب أن نعول عليها وعلينا ألا نفتش على نقطة من هنا أو كلمة من هناك ونقف عندها، فلنقف عند المنحى العام، وإن شاء الله تستطيع القوى السياسية التوصل الى نقاط اتفاق لكي تتمكن من الخروج بشيء يريح البلد خصوصا على مستوى انتخاب رئيس جديد للجمهورية ومن بعدها ان شاء الله اجراء الإنتخابات النيابية وهي ضرورة لكي تجدد نظامنا الديمقراطي الذي لا يقوم على الجمود لكي نستطيع أن نشرع وننتخب ونمضي بالبلد، ولكن ترابط الأمور دقيق وحساس ويوصلنا كما قلت الى الوضع الأمني الذي نتمنى أن يعتني به الجميع وألا يضعوه على وتيرة التنافس والمزايدات والمشاكسات التي لا لزوم لها”.