فرنسوا هولاند في عاصفة سياسية

رندة تقي الدين (الحياة)

فرنسوا هولاند في مأزق. استطلاعات الرأي في فرنسا تظهر ضعف شعبيته كونه يحظى بتأييد ١٧ في المئة فقط. ورئيس وزرائه مانويل فالز الذي كان يحظى بشعبية كبرى عندما تولى رئاسة الحكومة قبل خمسة أشهر شهد انخفاض ٩ نقاط في شعبيته خلال شهر الى ٣٦ في المئة. عندما اعلن هولاند أول من امس الاثنين عن طلبه من فالز تشكيل حكومة جديدة جاء ذلك بمثابة عاصفة سياسية تضرب الحكم الاشتراكي الفرنسي. مما لا شك فيه ان انتخاب هولاند رئيساً لفرنسا عام 2012 كان سببه رفض الشعب الفرنسي التجديد للرئيس السابق نيكولا ساركوزي لأن شخصيته واسلوبه في الحكم جعلا بعض الناخبين يفضل التصويت لهولاند خوفاً من عودة ساركوزي. ولكن بعد سنتين من الفترة الرئاسية لهولاند الذي يبقى لديه ثلاث سنوات، يجد الرئيس الاشتراكي نفسه في عزلة من يسار حزبه ومن المعارضة اليمينية بسبب سياسته الداخلية.

واقع الحال ان الازمة الاقتصادية التي تعصف بفرنسا مع بطالة متزايدة وقوة شرائية ضعيفة وقرارات هولاند بزيادة الضرائب على الجميع زادت من استياء الشعب الفرنسي من رئيسه. فهولاند يفقد رونق شخصيات مثل شارل ديغول او الاشتراكي فرنسوا ميتران أو جاك شيراك. هولاند شخص ذكي ويعمل من دون انقطاع ويدرس ملفاته. الا انه كأي مواطن فرنسي عادي بامكانه ان يكون أستاذاً او موظفاً وليس رئيساً ولو انه أراد صورة الرئيس العادي في بداية عهده. فالشعب الفرنسي ينظر الى الصورة الرئاسية بشكل مختلف. اضافة الى ذلك فهولاند قليل الخبرة في تنظيم محيطه المباشر وتسليم مسؤولية اعلامه لشخص محدد. فهو يتحدث مع الاعلاميين مباشرة حتى انه يجيب البعض على الهواتف النقالة مباشرة. فهو كثيراً ما يستشير ولكن لا يسمع لمن يستشيره. وعندما يسأل المواطنون اليساريون الفرنسيون عن رئيسهم فكثيراً ما يعبّرون عن أسفهم لأنهم صوتوا له.

اضطر هولاند الى إجراء تغيير في الحكومة بعدما انتقد سياسة الحكومة وزير الصناعة ارنو مونتبور الذي يمثل تياراً كان له بعض الوزن في الحزب خلال المعركة الرئاسية عندما حصل على ١٧ في المئة من الاصوات. ونقل عن فالز قوله لهولاند: إما أن يغادر مونتبور أو انني اغادر. فاستقالت الحكومة وخرج منها ثلاثة وزراء معارضين لسياسة فالز المعتبرة اقرب الى الليبراليين في اليسار اضافة الى مونتبور ووزيرة الثقافة اوريلي فيليباتي والتعليم بينوا هامون المقرب من رئيسة الحزب الاشتركي السابقة منافسة هولاند مارتين اوبري. فهولاند ورئيس حكومته والحكومة الجديدة امام ازمة اقتصادية متفاقمة سيصعب عليه ادارتها مع ارقام بطالة وركود اسوأ للفترة المقبلة. ومع تراجع شعبية هولاند يتوقع كثيرون ان تشهد الانتخابات المقبلة عام ٢٠١٧ صعود رئيسة «الجبهة الوطنية» مارين لوبن لان حزب «الاتحاد من اجل الحركة الشعبية» سيكون مقسوماً الى عدد من المرشحين من بينهم رئيس الحكومة السابق الان جوبيه الذي اعلن عن ترشيحه للانتخابات الاولية للحزب والرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي يطمح الى تولي رئاسة حزب «الحركة الشعبية» للترشح مجدداً للرئاسة. وفي مثل هذا المشهد يحسب هولاند انه سيكون في الدورة الثانية من الانتخاب في وجه لوبن والكل سيعود ويصوت له مثلما حصل مع شيراك عندما كان في الدورة الثانية في مواجهة جان ماري لوبن. ولكن نظراً لضعف رئاسته وشعبيته قد يكون مرشح حزب اليمين الديغولي في وجه لوبن في الدورة الثانية. ولكن من السابق لأوانه الخوض في التوقعات التي ما زالت بعيدة لأنه يبقى ثلاث سنوات لرئاسة هولاند التي ستشهد المزيد من المصاعب الاقتصادية والاجتماعية. والواضح في التغيير الحكومي ان وزير الخارجية لوران فابيوس والدفاع جان ايف لودريان سيبقيان في وزاراتيهما. فقد عرض على فابيوس وزارة المال لكنه يفضل الخارجية حيث هو في راحة من المصاعب المعيشية وحيث يحكم بكل استقلالية مع نفوذ واسع من دون مساءلة عن أي خطوة. فابيوس يعيّن ويقيل السفراء كما يشاء. اما لودريان فهو صديق قديم لهولاند اضافة الى انه ناجح في مهمته في الدفاع لذا سيبقى في مركزه. استقالة الحكومة ستكون عنصراً آخر في انخفاض شعبية هولاند وفالز امام التحديات الاقتصادية المستمرة في فرنسا وأوروبا.

اقرأ أيضاً بقلم رندة تقي الدين (الحياة)

أوبك أم أميركا أولاً؟

ترامب وسعر النفط

بوتين استعاد الإمبراطورية عبر سورية

المحكمة الدولية ومستقبل لبنان وسورية

مستقبل سورية في يد روسيا

إيران ليست كوريا الشمالية

انتخابات لبنان وتحديات المنطقة

استحالة تعديل سياسة إيران في المنطقة

الإرهاب يهدد الإسلام في أوروبا

الكذب سمة أنظمة سورية وروسيا وإيران

بوتين بين عبئي الأسد والنظام الإيراني

مطلوب وقف الجرائم في سورية

التغيير ضرورة في لبنان

فخامة دافوس وبؤس الشرق الأوسط

تحدي الاستياء الشعبي الإيراني لفساد النظام

حل الدولتين غير قابل للعيش

الأسد لخدمة بوتين

هل بدأت دورة ارتفاع سعر النفط؟

إيران وسورية مولدتا الإرهاب

الحرب السورية بين ماكرون وترامب وبوتين