باسم الدين…نساء سبايا للبيع!

هشام يحيى

هل يجوز في هذا العصر الذي نشهد فيه كل هذا التطور والتقدم المدني والعلمي أن نشهد ونسمع بعمليات خطف لنساء وأطفال بإسم الدين…والغريب بهكذا أعمال بأن من يرتكبها يجاهر بكل وحشية وضراوة بأن المخطوفات أصبحن سبايا أو يتم بيعهن في أسواق النخاسة التي ترمز إلى عصر العبودية الأسود احيث كان هناك وحوش بلباس بشر يتعاطون مع الإنسان  بأعلى درجات الإنحطاط الإنساني والأخلاقي.

وما نعرضه وما نطرحه من أحداث ووقائع موثقة لا يعدو كونه محاولة لا بد منها لحث وشحن الهمم والطاقات في العالم العربي والإسلامي للتصدي لوحشية الفكر الإرهابي والتكفيري الذي لا يجوز إلا أن يكون عدوا شرسا لكل ما هو عربي وإسلامي…ومعركة التصدي للإرهاب هي في الدرجة الأولى هي معركة كل رجل دين معتدل واع مثقف عالم بحقيقة جوهر الأديان التي وجدت رحمة للناس لا نقمة وويل عليهم، كما أنها معركة كل مثقف مسؤول يحب أن يتحمل مسؤوليته القومية والوطنية من خلال خوض غمار هذا التحدي بكل مخاطره كون تخلي وترك النخبة العربية والإسلامية عن خوض غمار هذه  المعركة وترك الساحة للآخرين ستكون عواقبه أكثر خطورة على العالم العربي والإسلامي الذي يدمر ويهدم بإسم الدين الذي ترتكب بإسمه كل الموبقات والغرتكابات فيما أهل الدين والعلم والثقافة قابعين في أبراجهم العاجية غارقين في البحث ربما عن جنس الملائكة فيما جحافل المسلحين الإرهابيين تقتحم العالم العربي والإسلامي لتقضي على جوهر حضارته الإنسانية في هذا العالم.

فمن منا لم يسمع بأنه باسم الدين أعلن زعيم جماعة بوكو حرام[1] الاسلامية في شريط فيديو حصلت عليه وكالة فرانس برس الاثنين ان الفتيات اللواتي خطفن في منتصف نيسان/ابريل في شمال شرق نيجيريا ستتم معاملتهن على “انهن سبايا وسيتم بيعهن وتزويجهن بالقوة”.وقال ابو بكر شيكو في الفيديو الذي يستغرق 57 دقيقة “خطفت الفتيات. سأبيعهن في السوق وفق شرع الله”. واعتبرت 223 طالبة مفقودات وسرت انباء حول احتمال نقلهنّ الى تشاد والكاميرون المجاورتين حيث سيتم بيعهن مقابل 12 دولارا لكل واحدة منهن.

وكان شيكو يشير الى 276 تلميذة خطفن من مدرستهن في شيبوك في ولاية بورنو في 14 نيسان/ابريل. وتمكنت 53 تلميذة من الفرار وما زالت 223 فتاة في قبضة الخاطفين، على ما اعلنت الشرطة يوم الجمعة الفائت.وقال شيكو ان خطف الفتيات أثار الغضب “لاننا نحتجز اشخاصا كعبيد”، مضيفا انه خطف الطالبات لان “التربية الغربية يجب ان تتوقف” وان على الفتيات “ترك (المدرسة) والزواج”.

في الفيديو الجديد بدا شيكو واقفا بزي عسكري امام آلية مدرعة وشاحنتي بيك-اب مزودتين برشاشين.ووقف ستة مسلحين مقنعين في كل جانب.وبالرغم من عدم وضوح التسجيل يمكن التعرف الى وجه الزعيم الاسلامي الذي تكلم بالهاوسا والعربية والانكليزية، عند تركيز الكاميرا على وجهه.في الدقائق الـ14 الاولى انتقد شيكو الديموقراطية والتعليم الغربي ومن لا يؤمن بالاسلام.

وتطالب بوكو حرام، التي يعني اسمها “التعليم الغربي حرام” بالهاوسا بانشاء دولة اسلامية في شمال نيجيريا.وتسببت الجماعة المتشددة بمقتل الآلاف منذ بدء تمردها في 2009 من خلال هجمات استهدفت المدارس والكنائس والمساجد ورموز الدولة وقوى الأمن.لكن عملية الخطف الجماعية هذه التي استهدفت فتيات هي تصرف غير مسبوق والهجوم الأكثر اثارة للصدمة منذ انشاء الجماعة المسؤولة عن مقتل 1500 شخص منذ مطلع 2014.

وضمن هذا السياق، طالبت مؤسسة الازهر[2] الشريف الثلاثاء حركة بوكو حرام النيجيرية بإطلاق سراح أكثر من 200 من فتيات المدراس اللواتي خطفن في منتصف نيسان (أبريل) في شمال شرق نيجيريا وقالت الحركة ستعتبرهن “سبايا”.

وقال مؤسسة الازهر، وهي اهم سلطة مرجعية للمسلمين السنة في العالم، ان اختطاف الفتيات “لا يمت لتعاليم الإسلام السمحة والنبيلة بأية صلة”. وطالب الأزهر بـ”الإفراج الفوري” عن الفتيات اللواتي جرى خطفهن في 14 نيسان (ابريل) الماضي في بورنو شمال شرق نيجيريا.

وتحدث ساني الذي يسكن في قرية وارابي الى وكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف من بلدة غوزا التي تبعد 10 كيلومترات عن وارابي، وقال انه فر مع آخرين بعد الهجوم الذي قال ان مسلحي بوكو حرام نفذوه.

واضاف ان المهاجمين لم يقتلوا اي شخص وهو أمر “مفاجئ”، واشار الى ان الهدف من الهجوم كان خطف الفتيات. وأكد قاطن آخر في قرية وارابي فرّ من القرية الى بلدة غوزا ويدعى بيتر غامبو، ما ذكره ساني وقال ان الجيش لم يوفر لهم اي حماية.

وضمن سياق هذا المشهد الهمجي، يوما بعد يوم تتوالى الأخبار التي تنقل وقائع أبشع الجرائم والفظاعات[3] التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية بإسم الدين بحق الألاف المؤلفة من الأبرياء النساء والأطفال والشيوخ والشباب في شمال العراق، ومما لا شك فيه بأن الأديان السماوية والقيم الاخلاقية والإنسانية على اطلاقها هي بريئة من براثن هذا الإجرام الإنساني بحق الإنسانية قاطبة التي تجري على أرض العراق والذي يتطلب صحوة عربية اسلامية تأخذ على عاتقها مسؤولية التصدي لهذا الإرهاب التكفيري الذي يسيء ويضر ويشوه بفساده وإفساده كل ما يتصل بالعروبة والإسلام من حضارة وقيم إنسانية وأخلاقية.

إلى ذلك، ينتظر مئات النساء الايزيديات مستقبلاً قاتماً بعد اختطافهن على يد مقاتلي تنطيم “الدولة الاسلامية” في شمالي العراق، حيث نقلت صحيفة “التايمز” البريطانية عن مصادر في الاستخبارات الكردية قولها إن آلاف المختطفات يعملن كعبيد في منازل أو يجري بيعهن لمهربي البشر للعمل في بيوت الدعارة  في انحاء عدة من الشرق الأوسط، بينما يتم إجبار أخريات على الزواج من مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية”.

ونقلت الصحيفة عن ضباط في الاستخبارات الكردية قولهم  إنهم تلقوا معلومات مفادها أن النساء يبعن لمهربي البشر بما يتراوح بين 500 دولار و3000 دولار.

وقدّرت “التايمز” ان يكون المقاتلون خطفوا 1200 امرأة على الأقل من بلدة سنجار وحدها، فيما اختطفت آلاف أخريات من بلدات وقرى أخرى، فيما يستخدم التنظيم مدرستين في تلعفر والموصل كسجنين مؤقتين للنساء.

وفي السياق اشار تقرير اعدّته “التايمز” عن مستقبل النساء من الطائفة الايزيدية المختطفات الى ان بعض زعماء الطائفة طلبوا من القوات الكردية أن تقصف السجنين، معتبرين أن من الأفضل أن تموت النساء بشرف بدلاً من مواجهة حياة من الاحتجاز والاغتصاب والذل.

وقال مصدر بالاستخبارات الكردية للصحيفة ان “زعيم ايزيدي معروف اتصل وتوسل إلينا أن نشن غارات جوية على المدرستين.، مضيفاً: “طلبوا منا أن نساعدهم في قتل نسائهم. إنهم يفضلون لهن الموت على مواجهة مستقبل من الاستعباد.”

وكان قد أعلن الهلال الأحمر العراقي عن عرض “داعش” نساء الطوائف للبيع في أسواق نينوى كسبايا.وقال المتحدث باسم الهلال الأحمر محمد الخزاعي إن عناصر التنظيم احتجزوا عشرات العائلات في مطار تلعفر من التركمان والإيزيدية والمسيحيين وقتلوا جميع الرجال ثم خطفوا النساء من الايزيديات والمسيحيات كسبايا وعرضوهن في أحد الأسواق لبيعهن، معربا عن استنكاره وإدانته لهذه الأعمال الإجرامية التي ينفذها عناصر “داعش”.

وناشد الخزاعي المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي والدولة العراقية إلى التدخل في نينوى لمعالجة الوضع الإنساني الصعب.عضو مجلس مفوضية حقوق الإنسان هيمن الباجلان أكد من أربيل ورود معلومات من قبل النازحين القادمين من مدينة الموصل عن قيام “داعش” باستهداف الأقليات الدينية والعرقية وتهددهم إذا لم يشهروا إسلامهم. وأضاف “وفي حال عدم خضوعهم تم تهديدهم بالقتل أو بالسبي بالنسبة للنساء”.

وأشار الباجلان إلى إن المسيحيين والأيزيديين العالقين في الجبال في مدينة سنجار وصل عددهم إلى 200 ألف نازح بينهم أكثر من 25 ألف طفل، ونوّه بأن توصيل المساعدات إليهم صعب لأن الطرقات مقفلة. وأوضح أن حكومة كردستان أوصلت بعض المساعدات بواسطة الطائرات. وبحسب شهود عيان وصل عدد النساء المختطفات في مدينة الموصل أكثر من 500 امرأة مصيرهن مجهول. وأكد الباجلان إن هؤلاء النساء تبلغن أن الجميلات بينهن سوف يتم اقتيادهن إلى أمراء داعش.

وفي هذا الإطار،أعلنت مصادر أمنية ومسؤول محلي أن مجموعات من تنظيم داعش تحتشد قرب بلدة قرة تبة العراقية، الواقعة على بعد 122 كيلومتراً إلى الشمال من بغداد في محاولة فيما يبدو لتوسيع جبهة القتال مع قوات البشمركة الكردية.وقد توغل عناصره شمالاً حتى موقع قريب من أربيل عاصمة إقليم كردستان شبه المستقل.

ويشير التحرك حول قرة تبة إلى أن مقاتلي التنظيم اكتسبوا مزيدا من الثقة ويسعون للسيطرة على المزيد من الأراضي القريبة من العاصمة بعد أن أعيق تقدمهم في تلك المنطقة.وقال أحد المصادر الأمنية “يحشد التنظيم مقاتليه بالقرب من قرة تبة ويبدو أنهم سيوسعون جبهة قتالهم مع المقاتلين الأكراد”.

إلا أن الأهم أن تنظيم داعش بات يستخدم أنفاقاً حفرها نظام صدام حسين في التسعينيات من القرن الماضي لنقل المقاتلين والأسلحة والمؤن سراً من معاقل التنظيم في غرب العراق إلى بلدات تقع إلى الجنوب من بغداد.وقد هدد التنظيم الذي يضم مقاتلين عراقيين وعربا وأجانب بالزحف إلى بغداد في إطار سعيه لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وفرض نهجه المتشدد.

وفي سياق متصل،كشفت تقارير عدّة أنّ الزعيم الروحي الأكبر للأيزيديين ولد في جوار مدينة بعلبك قبل نحو 940 سنة.وقالت التقارير إنّه يُعتقد أنّ مؤسس العقيدة الأيزيدية هو الشيخ عدي بن مسافر الذي ولد بين سنتي 1073 و1078 في القرية  اللبنانية بيت فار، وتُعرف حاليا بخربة قنافار، الواقعة على المنحدر الغربي لوادي البقاع، والده مسافر بن اسماعيل يصل بنسبه إلى الخليفة الأموي مروان بن الحكم، أما والدته فهي يزده ولا يزال ضريحهم موجوداً في البقاع اللبناني.

وقد عاش الشيخ عدي بداية حياته في بغداد، وهاجر بعد ذلك إلى شمالي  العراق واستقرّ في خرائب دير مسيحي في منطقة لالش شرقي الموصل، حالياً في دهوك. وأدّى تقشّفه وصومه وخوارقه إلى انتشار شهرته فبسط نفوذه في المنطقة بأسرها وكرّس بقية حياته لهداية الناس وإرشادهم إلى ما فيه خيرهم وقد ترك وراءه بعد وفاته نصوصاً تفسّر نظريته.

طلب بن مسافر من قومه أن يخلفه بعد وفاته ابن عمه أبو البركات الذي لم يكن أقلّ ورعاً وزهداً وتقوى منه، واعتبر عامة الناس ذلك الطلب كإشارة إلى تكريس القيادة الدينية والدنيوية في عائلة أبي البركات فكرّسوها وتوارثها الأبناء إلى يومنا هذا.ويقع قبر الشيخ عدي في ناحية شيخان الواقعة على مسافة 48 كلم في شمال شرقي الموصل، والطائفة الأيزيدية تجلّه وتحجّ إليه وتتوسّله في قبره تقبل نذورها وتحقيق أمانيها.



[1] موقع إيلاف، الثلائاء في 6 آيار / مايو 2014

[2] موقع إيلاف، الثلائاء في 6 آيار / مايو 2014

[3] موقع جريدة الإنباء الإلكترونية، 15 آب 2014

اقرأ أيضاً بقلم هشام يحيى

لهذه الأسباب لن ينالوا من وليد جنبلاط وحزبه وجبله!

الوفاء لقضية الشهداء…

قاتل الأطفال هو نفسه في غزة وحلب!

قناة التشبيح والأشباح!

ظاهرة التعنيف من أسباب تخلف مجتمعاتنا!

لبنان والمحاسبة السياسية

هل هو نبش للقبور أم تزوير للتاريخ؟

ميشال سماحة والمصير البائد

لبنان وقدر لعبة الأمم

ليس دفاعا بل انصافا للحقيقة ولوليد جنبلاط

6 كانون ثورة متجددة في عالم الإنسان

#الحراك_والاستقلال

ميثاقية أم غوغائية انتحارية؟!

#طفلة_الصحافة_المدللة

التدخل الروسي: آخر أيام الطاغية

#بدو_كرسي_لو_عمكب

ماذا يعني أن تكون “معروفيا” عربيا؟

معركة القلمون و”شيعة السفارة”

النخبة الممانعة وخطايا النظريات القاتلة..!

” توترات السيد”..!