بين التطرف والاعتدال

وسام القاضي

دخل لبنان ومنطقة الشرق الأوسط في آتون صراع لن ينتهي بالمدى المنظور ما بين الاعتدال الإسلامي والتطرف الإسلامي، وهذا الصراع لم يأت بالمصادفة ولم يظهر على الملأ بين ليلة وضحاها، بل أنه نتيجة عوامل خارجية وداخلية على حد سواء، إذ أن تقاطع المصالح بين الدول لا تأخذ بحساباتها مصير الشعوب بقدر ما هو تأمين مصالحها، وبالتالي أصبحت شعوب منطقة الشرق الأوسط وقودا للدول الخارجية أو بالأحرى للعبة الأمم.

وقد عملت جهات دولية عديدة على تغذية التوجه الاسلامي المتشدد والتي كانت باكورته في أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي لمواجهة التدخل السوفياتي في الشأن الأفغاني، وتعاظمت قدرة القاعدة وطالبان وانتقلت من محور إلى آخر وإنقلبت لمواجهة الدوائر الغربية بشكل عام والاستخبارات الأميركية بشكل خاص والتي كانت الداعم الرئيسي لها.

ومن أجل تغذية المخططات الخارجية لتفتيت المنطقة استفادت الدوائر الغربية من توسع النفوذ الإيراني في المنطقة بعد الثورة الإسلامية في إيران والتي رفعت شعار تصدير الثورة إلى الخارج، هذا النفوذ الذي أثار مخاوف لدى دول الخليج، فأخذت تلك الدوائر بتغذية الخلاف السني – الشيعي من أجل إثارة الفتنة، والتي تزايدت في الآونة الأخيرة من باكستان إلى العراق وصولا لسوريا ولبنان.

ففي ظل هذه الصورة القاتمة لما يدور في المنطقة تبقى الأنظار شاخصة على الاستحقاقات المصيرية في لبنان ومدى المخاطر المحدقة فيه، إذ أن الوضع الأمني ما زال ضمن شبكة أمان تؤمنها تقاطع المصالح الدولية، ولكن هذا لا يعطي طمأنينة وارتياحا على المدى البعيد وبالتالي لا يمكن الركون إليه، ومن الضرورة العمل بكل الوسائل من أجل تعزيز وتقوية خط الاعتدال الاسلامي بشقيه السني والشيعي.

ومن أجل تعزيز نهج الاعتدال في لبنان لا بد من إتخاذ مواقف شجاعة وجريئة من قبل جميع الأطراف، وتتلخص تلك المواقف بتحييد لبنان عن صراعات المنطقة التي هي فوق قدراته وأكبر من طاقاته، ولا بد من خطوات تنازلية من جميع القوى الفاعلة للدخول في تسوية مشرفة للبنان الدولة والمؤسسات وأن تتلاقى القيادات التي تؤمن بنهج الاعتدال فعلا لا قولا، إذ أن الاعتدال ينطلق بانتخاب رئيس للجمهورية خارج الاصطفاف بين 8 و14 فلدى الطائفة المارونية العديد من الكفاءات القادرة على تحمل المسؤولية الوطنية والقوية بحكمتها لتولي الرئاسة الأولى. كما أن الاعتدال يتطلب تحقيق المشاركة الفعالة لشرائح المجتمع اللبناني كافة وعدم السماح بأي شعور بالغبن لأي مذهب أو طائفة مهما كبر أو صغر حجمها. ولا بد من الابتعاد عن تلك السجالات العقيمة والتي تشحن النفوس من استخدام تعابير التخوين والعمالة لكل من خالف الرأي لهذا الطرف أو ذاك.

إن مستقبل المنطقة هو في نفق مظلم غير معروفة مخارجه، ولا يستخف أحد من بذور الفتنة السنية والشيعية، وحذار من السماح بوجود بيئة حاضنة لتغذية هذه الفتنة، وإذا كانت القيادات السنية والشيعية حريصة على إخماد نار الفتنة في مهدها عليها الانتقال إلى لغة الاعتدال بكل المواقف والخطوات، كما وأن القيادات المارونية أمام منعطف خطير، ويجب أن تتخطى منطق الرئيس القوي بحزبه لتنتقل إلى الرئيس القوي بحكمته وبمنطقه وباعتداله وانفتاحه على الآخرين.

لا وجود للون الرمادي بين خط التطرف وخط الاعتدال، والوضع اللبناني بشكل خاص أمام المحك وعلى الأطراف السياسية أن تختار ما بين الأبيض والأسود، فلبنان أمام منعطف خطير ولا وقت للتخاذل.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار