تصعيد سياسي ونقابي يواجه التمديد للمجلس … واسرائيل تطيح بهدنة غزة

تلتئم جلسة مجلس الوزراء في السرايا الكبير للمرة الثانية على التوالي خلال أسبوع لدرس جدول أعماله المتراكم، على وقع اجواء التصعيد النقابي لهيئة التنسيق النقابية بعد سقوط ورقة الافادات الرسمية للطلاب من يدها، وتصعيد سياسي مفاجئ لكتلة الاصلاح والتغيير على خلفية اقتراح تعديل دستوري لانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب، وفي الوقت الذي عادت لتتقدم فيه الملفات الاقليمية الساخنة من غزة الى العراق على غيرها من الملفات.
وفيما حمل وزير الصحة وائل أبو فاعور ملف فضيحة الطبيب المراقب الذي وقع على طلبات استشفاء بيضاء لصالح إحدى المستشفيات الخاصة، انكب المجلس على درس ملف النفايات الصلبة والمكبات المكتضة التي لم تعد تتسع لأي زيادة كحال مكب النفايات في الناعمة، الذي ارجئ من الجلسة السابقة، دون التأكد من إمكانية إقراره في الجلسة الحالية بفعل الخلافات التي تعصف في الجلسة. سيما وان التوتر عاد الى المجلس على خلفية التصريحات التي اطلقها الوزير جبران باسيل بعيد اجتماع تكتل الاصلاح والتغيير الذي اشار فيها الى أن “داعش” تتغلغل في لبنان تحت ستار الدين وتتخفى خلف قضية النازحين السوريين، ما استدعى تدخلا مباشراً من الرئيس تمام سلام لدى بعض القوى السياسية بغية عدم الرد وتوتير الأجواء.
تصعيد كتلة الاصلاح والتغيير السياسي استكمل اليوم في تقديم عشرة نواب من التكتل اقتراح قانون يقضي يتعديل دستوري لانتخاب “رئيس الجمهورية من الشعب”، بعد ان عطل التكتل نصاب جلسات انتخاب رئيس الجمهورية العشرة السابقة بحجة عدم التوافق على العماد عون كرئيس توافقي.
تصعيد التكتل العوني جاء في الوقت الذي وصلت فيه المناقشات الجوالة بين القوى السياسية حول اقتراح التمديد للمجلس النيابي الى طريق مسدود بفعل الشروط والشروط المقابلة، حيث يأتي اقتراح تكتل الاصلاح والتغيير ليقفل الطريق على أي إمكانية جديدة لعقد جلسة يمدد فيها للمجلس، ما يعني ان البلاد قد تدخل في الفراغ الدستوري الكامل، ما لم يحدث أي اختراق سياسي او أمني جديد يعدل اتجاهات الأمور.
وسط هذه الاجواء التصعيدية خطفت زيارة البطاركة الشرقيين الى اربيل في كردستان العراق الاهتمامات والاضواء، حيث سلطت الاضواء مجدداً على المأساة الهائلة التي تطال المسيحيين والاقليات في العراق عقب تعرضهم لمذابح وعمليات تهجير جماعية غير مسبوقة على يد تنظيم “داعش”. فاكتسبت زيارة الوفد البطريركي دلالاتها الاساسية بالمواقف التي أطلقها البطاركة مار بشارة بطرس الراعي وغريغوريوس الثالث لحام واغناطيوس افرام كريم واغناطيوس الثالث يونان بالاضافة الى بطريرك بابل للكلدان لويس الاول ساكو والتي بدت بمثابة صرخة جماعية للكنائس التي يمثلونها ويرأسونها بنداء للحماية الدولية للمسيحيين والاقليات في العراق والمنطقة. وعبّر البطاركة عن توجهاتهم في مؤتمر صحافي مشترك عقب جولتهم على مراكز المهجرين المسيحيين وبعض الكنائس، اذ شددوا على دعوة المسيحيين العراقيين الى البقاء في أرضهم ودعوة الاسرة الدولية الى عدم الاستمرار في موقف متفرج على التنظيم الارهابي ووقف الابادة التي يرتكبها مطالبين بحماية دولية للمسيحيين للبقاء في أرضهم مع المسلمين.
أما في غزة وبعد ان تمكنت طائرات العدو الاسرائيلي اغتيال القادة الثلاثة في المقاومة الاسلامية، توقفت المفاوضات في القاهرة، وتوعدت كتائب القسام فرض حظر التجوال على المستوطنات الاسرائيلية المحاذية للقطاع معلنة دفن المبادرة المصرية واي تفاوض مع اسرائيل.
وفي كلمة قلبت الطاولة أمام الجميع، أعلن الناطق باسم كتائب القسام الملقب بـ (أبو عبيدة) أن نتائج مفاوضات القاهرة “لا تلزمنا بأي شيء”، مطالباً الوفد الفلسطيني الموحد بالانسحاب منها. واعتبر أن الاحتلال اختلق قضية إطلاق صواريخ من غزة ليبرر خرقه التهدئة وارتكابه هذه “الجريمة” على أمل تسجيل صورة نصر ونهاية للمعركة. وأضاف: “هذه المبادرة (المصرية) ولدت ميتة، واليوم تم قبرها مع الشهيد الطفل علي محمد الضيف”. وتابع: “لا عودة لهذا المسار (مفاوضات القاهرة) بعد اليوم، وأي حراك على هذا المسار لا يلزمنا إطلاقاً، ونحب أن نؤكد أن العدو ضيع فرصة ذهبية للوصول إلى اتفاق لوقف النار، بسقف مطالب أدنى مما يجب عليه أن يدفع اليوم بعد جرائمه وفشله”.
وتلا (أبو عبيدة) خمسة بنود بعدما أكد أنه تم منح الوفد المفاوض الوقت اللازم وزيادة. وحذر في البند الأول شركات الطيران العالمية “من الوصول إلى مطار بن غوريون، وعليها وقف رحلاتها منه وإليه، ابتداء من الساعة السادسة من صباح اليوم”. وشدد، ثانياً، على “منع أي تجمعات كبيرة لجمهور العدو في المديات التي تصلها صواريخ القسام، خصوصاً الحشود في الملاعب في دوري كرة القدم، وغيرها من الأماكن المفتوحة”. وقرر ثالثاً “منع سكان ما يسمى غلاف غزة والمدن القريبة من العودة إلى بيوتهم، وعلى من يظل منهم للضرورة البقاء داخل الملاجئ والمناطق المحصنة”. وأكد رابعاً أن “كل ما سبق يظل ساري المفعول حتى إشعار رسمي آخر من القائد العام للقسام، وعلى الجميع أن يحذر من تصريحات ووعود قادة العدو غير المسؤولة بهذا الصدد، والتي لا تراعي مصالحهم وأمنهم الشخصي”.
وكان الوفد الفلسطيني غادر القاهرة بعد انهيار محادثات التهدئة، والذي عزاه رئيس الوفد عزام الأحمد إلى “عجرفة الوفد الإسرائيلي وتجاهل تسليم الوسيط المصري أي رد على كل الاقترحات المقدمة”. وقال إنه فيما كان الوفد الفلسطيني يتفاوض مع الوسيط المصري، أصدر رئيس الحكومة الإسرائيلية تعليماته بمغادرة وفده القاهرة، مؤكداً أن ذلك يعكس قراراً مبيتاً بإفشال المفاوضات. وقال إن الاقتراحات الإسرائيلية كانت صغيرة وفرعية تعزز تقسيم الوطن، مشيراً إلى حرص الوفد الإسرائيلي على طرح قضايا أمنية متعددة، أبرزها قضية السلاح.
وفي نيويورك، دان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خرق وقف النار الإنساني في غزة، وأعرب عن الخيبة البالغة بسبب العودة الى الأعمال القتالية. وذكر الطرفين بضرورة عدم السماح للوضع بالتصعيد، ودعا أطراف المفاوضات الجارية في القاهرة الى العمل بما يلبي التطلعات والتوصل الى تفاهم فوري على وقف دائم للنار يعالج القضايا العالقة في شأن الوضع في غزة.
وكان مقرراً أن يبحث الأمين العام الوضع في غزة مع أعضاء مجلس الأمن خلال غداء عمل، في وقت “تنشط الدول الأوروبية في تحرك منسق في نيويورك لطرح مسودة لاتفاق على وقف دائم للنار يتضمن نزع سلاح حماس”، حسب ديبلوماسي مطلع أوضح أن الورقة الأوروبية “تتضمن أيضاً رفع الحصار وفتح المعابر وعودة السلطة إلى قطاع غزة وإيجاد آلية لمراقبة المعابر”.
وقالت مصادر في الأمم المتحدة إن “التركيز سيستمر على ضرورة تمديد الهدنة الإنسانية في غزة بالتوازي مع دعم الجهود والمفاوضات الجارية في القاهرة للتوصل الى وقف دائم للنار”.

فوزي أبوذياب