المجلس النيابي على خطى الرئاسة الأولى…

دخلت البلاد مرحلة جديدة من التأزم السياسي والدستوري، بفعل دخول المهل الدستورية لدعوة الهيئات الناخبة حيز التنفيذ، فيما المواقف المتباعدة حول اجراء الانتخابات النيابية أو التمديد للمجلس باتت تهدد البلاد بالدخول في الفراغ الخطير، فالاسقف العالية والشروط المتبادلة التي تضعها القوى السياسية يصعب تدوير زواياها ما لم يقدم الاطراف التنازلات التي تقي البلاد شر الانهيار، وبانتظار بلورة تلك المواقف وجلاء الغبار المثار بفعل الشروط والاسقف المتبادلة، بات من الواضح ان الملف الرئاسي الذي يحاول رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اختراق جداره الصلب من خلال جولاته المكوكية على القيادات المسيحية، دخل طي النسيان بانتظار اتضاح معالم الصورة الإقليمية وتشكيلاتها المتغيرة بدأ من العراق، التي تحاول القوات العراقية بالتعاون مع قوات البشمركة الكردية مدعومة بغطاء جوي أميركي استعادة تكريت وسد الموصل من تنظيم الدولة الاسلامية (داعش).

وفيما يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة عادية يستكمل فيها جدول أعماله السابق، في ظل غياب وزير الداخلية، علمت الأنباء ان الجلسة لن تشهد أي تطورات جديدة لناحية دعوة الهيئات الناخبة الى الانتخابات النيابية الذي تأخر نشره عن موعده القانوني، سيما وأن وزير الداخلية قد سبق له أن أعلن عن صعوبة إجراء تلك الانتخابات لأسباب أمنية، وسياسية، لناحية القانون المعتمد والذي لا توافق عليه القيادات المسيحية، وبعض القوى في 8 آذار، كما وأن بعض القوى ستلجأ للطعن في القانون المعتمد حاليا على اعتباره لمرة واحدة كما اتفق على ذلك في الدوحة، ما يعني ان الخلاف على الانتخابات النيابية يتعدى المسألة الأمنية، كما وأن تيار المستقبل وجبهة النضال الوطني تشترط انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل الشروع في الانتخابات النيابية، ما يرجح برأي المصادر التمديد للمجلس النيابي.

المصادر رأت أن التمديد للمجلس ايضا دونه عقبات وشروط متبادلة، فالرئيس نبيه بري يشترط تفعيل الحياة الدستورية بموازات التمديد للمجلس ويشترط أيضاً إقرار سلسلة الرتب والرواتب في الجلسة التي تسبق جلسة التمديد، فيما الكتل والقوى المسيحية في 8 و14 آذار ترفض تفعيل الحياة الدستورية للمجلس قبل انتخاب رئيس للجمهورية على اعتبار ان المجلس في ظل الفراغ الدستوري هو بمثابة هيئة انتخابية، فيما الانتخابات الرئاسية تتطلب توافقاّ غير متوفر حالياّ.

المصادر تستند في قراءتها للواقع الرئاسي على خطاب امين عام حزب الله الذي قال “تعرفون الجهة التي يجب ان تتحاوروا معها في موضوع الرئاسة” في إشارة الى العماد ميشال عون، ما يؤكد أن ملف الرئاسة ينتظر اتضاح الصورة الاقليمية، المصادر رأت ان بعض القوى السياسية لاسيما المسيحية منها، لا ترى خطورة المرحلة التي تمر فيها البلاد في ظل المتغيرات الاقليمية، لا بل تعيش حالة من الترف السياسي،  حيث يعتقد الطرفين ان إجراء الانتخابات النيابية ستغير في موازين القوى السياسية وتعطي لاي واحد منهما حظوظ الوصول الى كرسي بعبدا، فيما الوقائع لا تبين قدرة أي من الطرفين تشكيل أي خرق جديد في ظل القانون المعتمد، ما يضع البلاد اما مرحلة من المزايدات كتلك التي سبقت دخول الرئاسة الاولى حيز الشغور، ما يضع البلاد أمام إحتمال اتساع دائرة الشغور من الرئاسة الأولى الى المجلس النيابي ما لم تتدارك القوى السياسية مخاطر تلك الخطوة، في الوقت التي بات الحديث العلني عن نظام الفدرالية في العراق واحتمال امتداده الى الدول الأخرى مشرع الأبواب.

 من جهة أخرى وفي سياق متصل تشهد البلاد نقاشا نقابياً حاميا وسط أجواء تربوية ونقابية شديدة التوتر، عقب النهاية الدراماتيكية لمشكلة الامتحانات الرسمية باصدار الافادات للتلامذة بدل نتائج الامتحانات الرسمية. وحيث ستعقد جلسة خاصة للجنة التربية النيابية بغية قوننة قرار وزير التربية الياس بو صعب منح الافادات فيما ظهرت غداة هذا القرار تباينات تعليمية ونقابية بين تمسك مجالس المندوبين لروابط نقابات معلمي الخاص بكل مراحله بمقاطعة الامتحانات، وبيان الجمعيات العمومية لمعلمي الخاص التي صوتت على العودة عن قرار مقاطعة التصحيح. كما ستتجه الانظار الى المؤتمر الصحافي الذي ستعقده هيئة التنسيق النقابية لتحديد موقفها من موضوع تصحيح الامتحانات او المضي في المقاطعة.

وبدا من هذه الصورة ان ملامح فوضى غير مسبوقة قد أرخت بظلالها على الازمة التربوية عقب اتخاذ قرار اصدار الافادات بما من شأنه ان يزيد الاضرار المعنوية والتربوية الناشئة عن تفلت هذه الازمة عن الضوابط التي كان يفترض في جميع أطراف الازمة ان يلتزموا خطوطا حمرا لدى تجاوزها.