لعنة النفط / بقلم وليد جنبلاط

على طريقته التهكمية الساخرة، وإسقاطاته التاريخية السياسية اللاذعة، عقّب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على مقال للكاتب روبرت فيسك في «الأندبندنت» البريطانية الذي طرح فكرة منح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو جائزة نوبل للسلام.

ومجدداً خص جنبلاط جريدة “القبس” بمقاله:

كم أنت صادق فيما قلته في التو من أن التابو الرئيس الذي لا يذكر هو النفط.

انه ارث شركة النفط التركية وشقيقاتها شركات النفط الاخرى التي ظهرت لاحقا على انقاض الامبراطورية العثمانية.

ففي ذلك الوقت كان تقسيم العالم العربي يحدد بوضوح وفق خطوط انابيب النفط، بغض النظر عن المذبحة الارمنية، وخيانة وخذلان الاكراد في اتفاقية لوزان.

وكان لورنس وغيرترود بيل «أمينين» للغاية تجاه العرب.

وبالطبع فقد تم منح وطن «صغير» لليهود من قبل لورد بلفور، وكانت احدى محطات نقل النفط ميناء حيفا. ويا لها من لفتة نبيلة.

اليوم ينفذ العديد من المذابح في الوقت ذاته تقريبا، وعليه فان النفط تم، للاسف، نسيانه تقريبا.

وفي سوريا على سبيل المثال، ليس امام الناس خيار سوى قبول «ظرف وكرم» بشار اي بعض صواريخ سكود او براميل متفجرة. والتعذيب يمكن تجاهله.

وهو يحكم من وكر النسر في قصره المطل على دمشق الذي صممه المعماري الياباني كينزو تانغ ويبدو بصورة غريبة مثل قصر مستشارية ادولف هتلر.

غير ان روس نفط ولوك اويل يعلنان عن «معجزات» في علوييستان.

ففي العهد الجديد لــ«السلف الصالح»، الذي يطلق عليه في الوقت الحالي «داعش»، فان عهد الخليفة، الذي ولد من جديد، فضيلة ابو بكر البغدادي، فان عملية تطهير الارض من المسيحيين «الكفار»، ومن الايزيديين «الطفيليين»، ومن المرتدين «الشيعة» والدروز والعلويين، تجري دراستها وتنفيذها بصور منهجية. فتلك ارادة الله!.

وعهده يعبر الحدود ببعض حقول النفط والغاز لإضاءة طريق المؤمنين الى «الخلاص الابدي، وحرق الكفار مهما كانوا». فتلك ارادة الله!.

ولكن مرحبا في أوبك الجديدة، «الممثل المقدس». انضموا إلى النادي، وقد تم قطع اعناق بضع مئات من السنّة عن طريق الخطأ، والخليفة سوف يبعث برسالة (إيميل) يدّعي أنها إلى السماء لمعاملتهم معاملة خاصة في الجنة.

في العراق، أو ما تبقى منه، نجد ان المالكي بعد إنجازات كثيرة رائعة في حقول الأمن والمجتمع المدني عانى تفويضه من انتهاكات بين وقت وآخر من خلال «أحداث بسيطة» مثل السيارات المفخخة وبعض الاغتصابات أما التعذيب فلا يذكر، استقال وفقاً لأحكام المحكمة العليا ونصوص الدستور.

يا له من شخص ساحر ويا لها من ديموقراطية مزدهرة وبلاد ما بين النهرين تسبح على محيط من النفط والغاز. ويبدو الأمر وكأنه حكاية توراتية أو نبوءة، أي الطوفان وسفينة نوح.

ولكن ماذا عن غزة؟ انني أدعم تماماً اقتراحك روبرت بأن نتانياهو يستحق جائزة نوبل فقد دمر غزة وجائزة نوبل الأخرى إلى أوباما لانه لم يفعل أي شيء.

نتانياهو صادق في إيمانه ومهامه، فالأرض المقدسة يجب ان تطهر من «حثالة الأرض» حماس والفلسطينيين. وتقول بعض الاشاعات ان هناك بعض الغاز والنفط قبالة الشواطئ المواجهة لغزة.

تلك الهبات الالهية يجب ان تمنح فقط الى شعب الله المختار والشركات المختارة.

وليحمي الله الرحمن الرحيم القادر، شركات موبيل اويل، شيفرون، ايكسون، روس نفط وتوتال من أي أذى وشقاء.

الحقير إلى الله تعالى

وليد جنبلاط

آمين