اي مصير قاتم يتهدد “النساء المختطفات” في شمال العراق؟

يوما بعد يوم تتوالى الأخبار التي تنقل وقائع أبشع الجرائم والفظاعات التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية بإسم الدين بحق الألاف المؤلفة من الأبرياء النساء والأطفال والشيوخ والشباب في شمال العراق، ومما لا شك فيه بأن الأديان السماوية والقيم الاخلاقية والإنسانية على اطلاقها هي بريئة من براثن هذا الإجرام الإنساني بحق الإنسانية قاطبة التي تجري على أرض العراق والذي يتطلب صحوة عربية اسلامية تأخذ على عاتقها مسؤولية التصدي لهذا الإرهاب التكفيري الذي يسيء ويضر ويشوه بفساده وإفساده كل ما يتصل بالعروبة والإسلام من حضارة وقيم إنسانية وأخلاقية.

إلى ذلك، ينتظر مئات النساء الايزيديات مستقبلاً قاتماً بعد اختطافهن على يد مقاتلي تنطيم “الدولة الاسلامية” في شمالي العراق، حيث نقلت صحيفة “التايمز” البريطانية عن مصادر في الاستخبارات الكردية قولها إن آلاف المختطفات يعملن كعبيد في منازل أو يجري بيعهن لمهربي البشر للعمل في بيوت الدعارة  في انحاء عدة من الشرق الأوسط، بينما يتم إجبار أخريات على الزواج من مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية”.

ونقلت الصحيفة عن ضباط في الاستخبارات الكردية قولهم  إنهم تلقوا معلومات مفادها أن النساء يبعن لمهربي البشر بما يتراوح بين 500 دولار و3000 دولار.

وقدّرت “التايمز” ان يكون المقاتلون خطفوا 1200 امرأة على الأقل من بلدة سنجار وحدها، فيما اختطفت آلاف أخريات من بلدات وقرى أخرى، فيما يستخدم التنظيم مدرستين في تلعفر والموصل كسجنين مؤقتين للنساء.

وفي السياق اشار تقرير اعدّته “التايمز” عن مستقبل النساء من الطائفة الايزيدية المختطفات الى ان بعض زعماء الطائفة طلبوا من القوات الكردية أن تقصف السجنين، معتبرين أن من الأفضل أن تموت النساء بشرف بدلاً من مواجهة حياة من الاحتجاز والاغتصاب والذل.

وقال مصدر بالاستخبارات الكردية للصحيفة ان “زعيم ايزيدي معروف اتصل وتوسل إلينا أن نشن غارات جوية على المدرستين.، مضيفاً: “طلبوا منا أن نساعدهم في قتل نسائهم. إنهم يفضلون لهن الموت على مواجهة مستقبل من الاستعباد.”

وكان قد أعلن الهلال الأحمر العراقي عن عرض “داعش” نساء الطوائف للبيع في أسواق نينوى كسبايا.وقال المتحدث باسم الهلال الأحمر محمد الخزاعي إن عناصر التنظيم احتجزوا عشرات العائلات في مطار تلعفر من التركمان والإيزيدية والمسيحيين وقتلوا جميع الرجال ثم خطفوا النساء من الايزيديات والمسيحيات كسبايا وعرضوهن في أحد الأسواق لبيعهن، معربا عن استنكاره وإدانته لهذه الأعمال الإجرامية التي ينفذها عناصر “داعش”.

وناشد الخزاعي المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي والدولة العراقية إلى التدخل في نينوى لمعالجة الوضع الإنساني الصعب.عضو مجلس مفوضية حقوق الإنسان هيمن الباجلان أكد من أربيل ورود معلومات من قبل النازحين القادمين من مدينة الموصل عن قيام “داعش” باستهداف الأقليات الدينية والعرقية وتهددهم إذا لم يشهروا إسلامهم. وأضاف “وفي حال عدم خضوعهم تم تهديدهم بالقتل أو بالسبي بالنسبة للنساء”.

وأشار الباجلان إلى إن المسيحيين والأيزيديين العالقين في الجبال في مدينة سنجار وصل عددهم إلى 200 ألف نازح بينهم أكثر من 25 ألف طفل، ونوّه بأن توصيل المساعدات إليهم صعب لأن الطرقات مقفلة. وأوضح أن حكومة كردستان أوصلت بعض المساعدات بواسطة الطائرات. وبحسب شهود عيان وصل عدد النساء المختطفات في مدينة الموصل أكثر من 500 امرأة مصيرهن مجهول. وأكد الباجلان إن هؤلاء النساء تبلغن أن الجميلات بينهن سوف يتم اقتيادهن إلى أمراء داعش.

وفي هذا الإطار،أعلنت مصادر أمنية ومسؤول محلي أن مجموعات من تنظيم داعش تحتشد قرب بلدة قرة تبة العراقية، الواقعة على بعد 122 كيلومتراً إلى الشمال من بغداد في محاولة فيما يبدو لتوسيع جبهة القتال مع قوات البشمركة الكردية.وقد توغل عناصره شمالاً حتى موقع قريب من أربيل عاصمة إقليم كردستان شبه المستقل.

ويشير التحرك حول قرة تبة إلى أن مقاتلي التنظيم اكتسبوا مزيدا من الثقة ويسعون للسيطرة على المزيد من الأراضي القريبة من العاصمة بعد أن أعيق تقدمهم في تلك المنطقة.وقال أحد المصادر الأمنية “يحشد التنظيم مقاتليه بالقرب من قرة تبة ويبدو أنهم سيوسعون جبهة قتالهم مع المقاتلين الأكراد”.

إلا أن الأهم أن تنظيم داعش بات يستخدم أنفاقاً حفرها نظام صدام حسين في التسعينيات من القرن الماضي لنقل المقاتلين والأسلحة والمؤن سراً من معاقل التنظيم في غرب العراق إلى بلدات تقع إلى الجنوب من بغداد.وقد هدد التنظيم الذي يضم مقاتلين عراقيين وعربا وأجانب بالزحف إلى بغداد في إطار سعيه لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وفرض نهجه المتشدد.

وفي سياق متصل،كشفت تقارير عدّة أنّ الزعيم الروحي الأكبر للأيزيديين ولد في جوار مدينة بعلبك قبل نحو 940 سنة.وقالت التقارير إنّه يُعتقد أنّ مؤسس العقيدة الأيزيدية هو الشيخ عدي بن مسافر الذي ولد بين سنتي 1073 و1078 في القرية  اللبنانية بيت فار، وتُعرف حاليا بخربة قنافار، الواقعة على المنحدر الغربي لوادي البقاع، والده مسافر بن اسماعيل يصل بنسبه إلى الخليفة الأموي مروان بن الحكم، أما والدته فهي يزده ولا يزال ضريحهم موجوداً في البقاع اللبناني.

وقد عاش الشيخ عدي بداية حياته في بغداد، وهاجر بعد ذلك إلى شمالي  العراق واستقرّ في خرائب دير مسيحي في منطقة لالش شرقي الموصل، حالياً في دهوك. وأدّى تقشّفه وصومه وخوارقه إلى انتشار شهرته فبسط نفوذه في المنطقة بأسرها وكرّس بقية حياته لهداية الناس وإرشادهم إلى ما فيه خيرهم وقد ترك وراءه بعد وفاته نصوصاً تفسّر نظريته.

طلب بن مسافر من قومه أن يخلفه بعد وفاته ابن عمه أبو البركات الذي لم يكن أقلّ ورعاً وزهداً وتقوى منه، واعتبر عامة الناس ذلك الطلب كإشارة إلى تكريس القيادة الدينية والدنيوية في عائلة أبي البركات فكرّسوها وتوارثها الأبناء إلى يومنا هذا.ويقع قبر الشيخ عدي في ناحية شيخان الواقعة على مسافة 48 كلم في شمال شرقي الموصل، والطائفة الأيزيدية تجلّه وتحجّ إليه وتتوسّله في قبره تقبل نذورها وتحقيق أمانيها.

____________

(*) – هشام يحيى