العراق… ماذا بعد تكليف العبادي ورحيل المالكي؟

لا تزال الأنظار تتركز على التطورات المتسارعة في العراق، والتركيز هذه المرة ليس من باب أخبار تنظيم “داعس” الإرهابي وانهاكاته وفظاعاته الإجرامية بحق المدنيين في الموصل بل يأتي من باب الحراك السياسي المستجد والذي يتجه نحو استبعاد نوري المالكي عن سدة ترأس الحكومة العراقية.

وفي هذا الإطار، كلف رئيس الجمهورية العراقي فؤاد معصوم حيدر العبادي بتشكيل الحكومة المقبلة بعد ترشيحه من قبل التحالف الوطني، لاربع سنوات مقبلة خلفاً لنوري المالكي، الذي رفض الخطوة واعتبرها مخالفة للدستور، فيما كشفت مصادر المالكي عن توجهه الى المحكمة الدستورية لتقديم دعوة قضائية ضد الرئىس فؤاد معصوم لابطال التكليف.

وقال عضو في الكتلة السياسية للمالكي إنهم لن يظلوا صامتين إزاء قرار الرئيس تكليف حيدر العبادي بتشكيل الحكومة الجديدة بدلا من المالكي. وأكد حسين المالكي -صهر رئيس الوزراء السابق- أن ترشيح العبادي غير قانوني وينتهك الدستور. وأضاف أنهم سيلجؤون للمحكمة الاتحادية للاعتراض على الترشيح.

هذا وهنأت واشنطن امس العبادي، فيما حث وزير الخارجية الأميركي جون كيري رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي على ألا يؤجج التوتر السياسي بعد معارضته ترشيح عبادي واتهامه الرئيس فؤاد معصوم بتنفيذ انقلاب ضده، فيما أكدت كتلته النيابية أنها لن تقف مكتوفة الأيدي.

وقال بريت ماكغورك -الدبلوماسي المكلف بشؤون العراق وإيران في وزارة الخارجية الأميركية على حسابه على تويتر- «نهنئ حيدر العبادي على تعيينه، وندعوه إلى تشكيل حكومة ووضع برنامج ببعد وطني في أسرع وقت ممكن».
اما نائبة المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماري هارف، فقد أكدت تأييد الولايات المتحدة الأميركية للرئيس العراقي فؤاد معصوم واصفة معصوم «بضامن للدستور»، وقالت إن عملية اختيار رئيس الوزراء تبنى على أساس «إجماع وطني»، وفيما رفضت أي عملية «تلاعب بالدستور أو القضاء»، حملت المالكي «إشعال الأزمة الأمنية».

وقالت هارف في بيان إن «واشنطن تؤكد تأييدها لعملية اختيار رئيس وزراء يمكنه أن يمثل طموحات الشعب العراقي من خلال بناء إجماع وطني والحكم بأسلوب شامل وتأييدها للرئيس العراقي فؤاد معصوم كونه ضامناً الدستور»، رافضة «أي محاولة لتحقيق نتائج بالإكراه أو التلاعب بالعملية الدستورية أو القضائية».وأضافت أن «واشنطن تلوم المالكي كونه سببًا في إشعال الأزمة الأمنية في العراق». ومن جهتها، قالت كتلة الاحرار البرلمانية الممثلة للتيار الصدري إن قرار المحكمة الاتحادية بتحديد الكتلة الاكبر بين التحالف الشيعي وائتلاف دولة القانون سيكون سارياً على رئيس الجمهورية والكتل الاخرى.

من جهته طلب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند«من رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي تشكيل حكومة وطنية». فيما اشار فابيوس الى أن «العراق بحاجة إلى حكومة جامعة واسعة». وقال: «نقدم دعمنا الكامل للجهود التي يبذلها في هذا الاتجاه الرئيس فؤاد معصوم، وندعو كل المسؤولين السياسيين العراقيين إلى الحوار للتوصل الى حل سياسي سريع مقبول من كل مكونات البلاد». وأضاف أن «العملية التي بدأت خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في 30 نيسان يجب أن تستمر وأن تؤدي إلى حل سياسي مقبول من قبل كل مكونات الشعب العراقي ويحترم حق كل فرد».

هنأت الولايات المتحدة رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي، في حين قوبل انتخابه باعتراض من قبل رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي.وكتب بريت ماكغورك الدبلوماسي المكلف بشؤون العراق وإيران في وزارة الخارجية الأميركية على حسابه على تويتر “إن الولايات المتحدة مستعدة لتدعم كليا حكومة وحدة وطنية جديدة خاصة في محاربتها تنظيم الدولة الإسلامية”.وتابع ماكغورك “نهنئ حيدر العبادي على تعيينه وندعوه إلى تشكيل حكومة ووضع برنامج ببعد وطني في أسرع وقت ممكن”.

كما اتصل نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن بالرئيس العراقي ليعبر عن دعم بلاده لموقفه وموقعه كضامن للدستور، ومشيداً بتكليف العبادي.

ورحبت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، بقرار الرئيس العراقي فؤاد معصوم، تكليف حيدر العبادي برئاسة وزراء العراق خلفا لرئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي. وقال متحدث باسم آشتون، في بيان: “نرحب بقرار الرئيس العراقي ترشيح حيدر العبادي رئيسا لوزراء العراق خلفا لنوري المالكي”.

ووصف المتحدث هذا القرار بـ”الخطوة الإيجابية في التمشي الدستوري نحو تشكيل حكومة جديدة”، وقال: “نشجع رئيس الوزراء المعين وجميع قادة السياسة العراقية على تكثيف الجهود من أجل تشكيل حكومة جديدة شاملة وضامنة للوحدة الوطنية وقادرة على معالجة الأزمة الحالية”.
العبادي يدعو لتوحد العراقيين.إلى ذلك هنأ المجلس الأعلى بقيادة عمار الحكيم العبادي بتكليفه تشكيل الحكومة.

من جهته دعا رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي العراقيين إلى التوحد ضد الحملة الهمجية التي يشنها مسلحو الدولة الإسلامية، الذين سبب أحدث اجتياح لهم شمال البلاد قلقاً في الداخل والخارج.قال في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي بعد أن كلفه الرئيس فؤاد معصوم بتشكيل حكومة إن على الجميع أن يتعاون للوقوف ضد الحملة الإرهابية التي تشن على العراق وإيقاف كل الجماعات الإرهابية.وكان متحدث كشف في وقت سابق أن الرئيس العراقي فؤاد معصوم كلف رسمياً حيدر العبادي نائب رئيس البرلمان بتشكيل حكومة جديدة في البلاد.وتم ترشيح العبادي من قبل التحالف الوطني العراقي، وهو تحالف شيعي رئيسي، حيث أعلن التحالف أنه رشح نائب رئيس البرلمان حيدر العبادي لرئاسة الوزراء.

وفي هذا الإطار،يواصل رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي رفضه تقبل هزيمة ترك السلطة، فقد كشفت مصادر مقربة من حزب الدعوة أن أنصار المالكي يحضرون العدة للتوجه إلى الشارع، وتنظيم اعتصامات في خطوة أشبه بسيناريو ثورة مضادة.وتتمثل هذه الثورة بالدعوة للنزول إلى الشارع وتنظيم اعتصامات مؤيدة له، يأتي ذلك وسط حضور أمني مكثف تعيش العاصمة بغداد جولة أخرى منه، حيث الترقب والانتظار على وقع رفض المالكي التخلي عن السلطة.

وفيما تسيطر حالة من القلق أجواء الشارع العراقي، الذي انسحبت الأزمة السياسية على مختلف مجريات حياته المتأزمة بالأساس والمتوجسة من خطر داعش، ليتحول مشهد المهتمين من أخبار معارك داعش وتمدده إلى متابعة معارك السلطة، يزداد في المقابل النشاط السياسي بين الفرقاء والكتل السياسية، لاسيما في الضفة الشيعية، التي باتت خلافاتها تزداد عمقا.

الخلافات بدورها  أرخت بظلالها على حزب الدعوة قاعدة المالكي، حيث بدأت الأصوات من داخله وخارجه ترتفع لتكشف معها ما خفي من شرخ أصاب الحزب وفرق صفوفه. وما اختيار الدكتور حيدر العبادي رئيساً جديداً للوزراء في العراق، سوى علامة فارقة في تاريخ الحزب والعراق، بحسب مراقبين، لتعيد الأحداث نفسها زمانا ومكانا إلى العام ألفين وستة عندما أطيح بسلف المالكي إبراهيم الجعفري من سدة الحكم، ليعتلي هو الموقف حينها.

من هو رئيس حكومة العراق الجديد

ولد رئيس الحكومة العراقية الجديد حيدر العبادي في العاصمة بغداد عام 1952. والده الدكتور جواد العبادي، طبيب معروف شغل منصب مدير مستشفى الجملة العصبية في بغداد ومفتش عام وزارة الصحة وتمت إحالته إلى التقاعد في العام 1979، توفي في لندن ودفن فيها.

درس حيدر الدكتوراه والماجستير في جامعة مانشستر في إنكلترا على نفقته الخاصة وحصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة الإلكترونية والكهربائية عام 1980.أما شهادة البكالوريوس فنالها من الجامعة التكنولوجية في بغداد في الهندسة الكهربائية في العام 1975. أنهى الدراسة الإعدادية في المركزية في بغداد سنة 1970.بعد حصوله على شهادة البكالوريوس في العام 1975 عمل معيدا في قسم الهندسة الكهربائية في الجامعة التكنولوجية في بغداد وذلك لكونه متفوقا في الدراسة حيث كان تسلسله الثاني في القسم.

عمل من عام 1981 إلى 1987 رئيساً لفريق البحوث في شركة (أل دي بي) في لندن للنقل العمودي السريع وذلك باستخدام تكنولوجيا حديثة بالاعتماد على رسالته للدكتوراه. كما تولى مسؤولية تنفيذ السيطرة الإلكترونية في مشروع للنقل العمودي في وسط مدينة لندن.تولى رئاسة مؤسسة تكنولوجيا متطورة في لندن سنة 1993 بالإضافة إلى عمله خبيراً في تكنولوجيا النقل السريع حتى العام 2003 حين عاد إلى العراق.

عام 2001 تم تسجيل براءة اختراع في لندن لعمله في مجال النقل السريع (سنكروريل) باستخدام تكنولوجيا حديثة باعتماد أطروحته لشهادة الدكتوراه.شارك في تصميم ناقل مشاة إلكتروني لجسر الألفية الثانية في لندن في العام 1999 بناء على بحوثه لبراءة الاختراع.في العام 1998 حصل على منحة الإبداع للتكنولوجيا من وزارة التجارة والصناعة البريطانية.

كما ساهم عام 1997 في التخطيط للنقل السريع للمدينة العمودية العملاقة الافتراضية والمخطط لبنائها في المستقبل في اليابان بمساحة مليون متر مربع والتي تتسع لمليون إنسان وارتفاعها ألف متر. وفي العام 1987 أصبح خبيراً في تكنولوجيا النقل السريع في لندن.يذكر أن لديه العديد من البحوث العلمية حول نظام مراقبة الأجهزة وتصاميم لأنواع جديدة من المحركات الكهربائية ذات السيطرة الإلكترونية. كما وشارك في العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية في بريطانيا.

__________

(*) – هشام يحيى