عودة الروح

د. قصي الحسين

أعذر من أنذر. لبنان يتعرض إلى خطر وجودي. قال وليد جنبلاط. لا تستطيع عرسال أن تصمد كثيراً في وجه المؤامرة على حدود لبنان الشرقية. وإذا ما ادلهم الخطب واشتعلت النيران في أرباع هذه المدينة ولم يقو الوطن على داعش فيردها عن بوابة عرسال، فإننا نكون قد دخلنا دائرة الخطر في لبنان ووقعنا في المحظور، فلا تنفع بعدها سياسة الانتظار ولا سياسة الاستقواء، ولا سياسة المسترئسين ولا سياسة المستبعدين والمناورين.

مضى وليد جنبلاط إلى السيد حسن نصرالله وسلّمه الرسالة المختومة على شيء من الخوف على لبنان والرعب من الأمر الواقع في عرسال. مضى أيضاً إلى الرابية وسلّم نسخة طبق الأصل عن الرسالة نفسها إلى الجنرال ميشال عون. ثم جال في الجبل على الفعاليات الروحية والسياسية ومعه فريق من القياديين وكان صوته الهادئ يخبئ في أثنائه غيظاً. وكان قلبه المفعم بالمرارة يجرح لون المرحلة. فلم يمرّ على لبنان زمن أنحس ولا أنخس من هذا الزمان، يقول وليد جنبلاط وهو يمضغ حنظل السياسة اللبنانية وحنظل السياسيين اللبنانيين، دون أن ينبث بغيظ.

كان يجرع كأس غيظه أمام الناس ويلوح بها فارغة، فعرسال هي الهم وهي الأهم. وكان يخلع عباءة الأحقاد ويرميها على ألسنة النيران علّه يطفئها وهي الّتي تأكل عائلات عرسال وأهل عرسال وبيوت المفجوعين والمنكوبين في عرسال، ومخيمات النـزوح السوري إلى صدر العراسلة الطيبين، أهل الشيم وأهل فداء والكبرياء. فبلغ النداء أسماع جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز، فكانت بادرته الطيبة تجاه لبنان وأهل لبنان. يدرأ عنه الفتن والإحن، فأفزع إليه دولة الرئيس سعد الحريري، ويشدّ على ساعد الجيش في موقعته مع المتجاوزين لحدود لبنان ولوجوده التاريخي الّذي غدا قدره وقضيته على حدّ سواء.

صلى دولة الرئيس سعد الحريري صلاة يوم الجمعة 8/8/2014 على نية جلالة الملك عبد الله: “يده في الكتاب ورجله في الركاب”. وفوجئ الوسط السياسي اللبناني كما جميع اللبنانيين بوصوله إلى بيروت ودخوله إلى الحدث اللبناني الوجودي من بوابة السراي لملاقاة وليد جنبلاط على بوابة عرسال. فعادت الروح إلى لبنان من جديد. هدأت عرسال بقرار قوي من قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي: تنفيذ الخطة الأمنية في عرسال وعدم التراخي في حفظ الأهل وصونهم وكذلك الاستمرار في تنفيذها في طرابلس، شقيقة عرسال مهما بلغت التصحيات. فهم عنده جميعاً: بأرواحهم وأموالهم وأعراضهم في الحفظ والصون مهما كان الثمن. أما الجيش فإلى الشهادة دفاعاً عن الوجود، مردداً النشيد الوطني اللبناني: “أسد غاب متى ساورتنا الفتن”، وأما حدود لبنان فهي كأعراض اللبنانيين وكرامتهم ليست للمساومة ولا للتفاوض مع أحد.

ومنذ برهة جنبلاط مع سماحة السيد حسن نصرالله والجنرال ميشال عون في الدعوة لحفظ الوجود والتي أسمعت جلالة الملك عبد الله وأبلغت دولة الرئيس سعد الحريري، عادت الروح إلى السراي الحكومي ومعه المجلس النيابي لتحديد برهة/ بل جلسة انتخاب الرئيس العتيد. فمتى يكون العيد!

اقرأ أيضاً بقلم د. قصي الحسين

كمال جنبلاط البيئي وإلتقاط البرهة!

مجتمع البستنة

الدكتور اسكندر بشير التجربة والرؤيا الإدارية

 ساق الحرب

جائزة إدلب

جميل ملاعب والقدس: تأبيد الرؤيويات البصرية

جسر السلام: ثوابت كمال جنبلاط الفلسطينية التاريخيّة

القتل السري عن كمال جنبلاط والقتل السياسي

حين السياسة بمفعول رجعي

ترامب والتربح من الصفقات

عن النظام يأكل أبناءه الفوعة وكفريا نموذجاً

مصطفى فروخ وطريقه إلى الفن

 الرئيس القوي

 د. حسين كنعان وأركيولوجيا القيافة والثقافة والسياسة

 ضياء تلك الأيام

 عن كمال جنبلاط والفرح بالعمل

 تتجير السلطة

تيمور جنبلاط بصحبة والده في السعودية زيارة تاريخية إحيائية

 كوفية تيمور ومليونية القدس وجه آخر للاضطهاد والإحتلال

تجديد “نسب الخيل لابن الكلبي” ونسخ لمخطوطاته التراثية الثلاث