أي خطر يتهدد الإيزيديون في العراق؟

قال شهود عيان إن متشددي تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” يهددون بقتل أكثر من 300 أسرة من الأقلية العرقية الإيزيدية ما لم يعتنق أفرادها الإسلام. ويحاصر المتشددون هذه العائلات في ثلاث قرى. ويشن تنظيم الدولة الإسلامية هجوما عبر شمال العراق تسبب في فرار عشرات الآلاف من الإيزيديين والمسيحيين للنجاة بأرواحهم، ما أثار غضبا دوليا، وفقًا لوكالة أنباء “رويترز”.

جاء هذا في الوقت الذي قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما السبت (9 أغسطس)، إن الضربات الجوية الأمريكية دمرت أسلحة وعتادا كان يمكن للدولة الإسلامية “داعش” استخدامها في الهجوم على أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق. وفي مؤتمر صحفي مقتضب عقده قبل مغادرته واشنطن لقضاء عطلة تستمر أسبوعين، أحجم أوباما عن إعطاء إطار زمني لمدة العملية الحالية في العراق واكتفى بالقول إنها ليست مسألة أسابيع، “الأمر سيستغرق بعض الوقت”.

وقال أوباما إن الولايات المتحدة ستواصل تقديم المساعدات والاستشارات العسكرية للحكومة العراقية والقوات الكردية، لكنه شدد مرارا على أهمية أن يشكل العراق حكومة لا تقصي أحدا. وأوضح أوباما استمرار جهود الإغاثة الإنسانية الأمريكية لمساعدة العراقيين العالقين في جبل سنجار شمال العراق، حيث نجحت الطائرات الأمريكية في إنزال أطنان من المواد الغذائية ومئات الجالونات من الماء جوا للعراقيين المحاصرين هناك .

وأشار إلى أن الطائرات الحربية الأمريكية على استعداد لتوجيه مزيد من الضربات الجوية لقصف مواقع “داعش” الموجودة حول الجبل والعمل على كسر الحصار الذي يفرضه التنظيم على آلاف العراقيين .

 وقال أوباما إنه أجرى اتصالين هاتفيين برئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، اللذين أعربا عن تأييدهما لجهود الإغاثة الإنسانية الأمريكية، كما اتفقا على الانضمام لتوفير مساعدات إنسانية للمدنيين العراقيين الذي يعانون في شمال العراق . وأضاف أن طبيعة الأزمة العراقية لا يمكن تسويتها من خلال حل عسكري أمريكي.. مؤكدا أنه لن يتم إرسال قوات برية أمريكية إلى العراق.

إلى ذلك، عندما دخلت مليشيا “داعش” إلى بلدة سنجار في شمال العراق، فر الأيزيديون الذين يعيشون في تلك البلدة إلى الجبال المجاورة للنجاة بارواحهم، وهم الآن محاصرون في تلك الجبال بدون غذاء أو ماء، أو رعاية صحية في جو الصيف الملتهب، الآلاف من العائلات في تلك الجبال المعزولة يحتاجون إلى العون.

الوقت أصبح متأخراً لإنقاذ الأطفال الذين لقوا حتفهم بسبب العطش. إنهم آخر ضحايا الوحشية التي تقدمها “الدولة الإسلامية” والمعروفة باسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” واختصاراً “داعش”.

أن مقاتلي التنظيم  كانوا قد استهدفوا المسيحيين والأقليات الدينية الأخرى، وكذلك المسلمين الشيعة، عضو البرلمان العراقي فيان دخيل، الممثل الوحيد للأيزيديين في مجلس النواب قالت في كلمة مؤثرة، إن 70 طفلاً توفوا حتى الآن، حيث تقتل النساء أو يتم بيعهن كأماء، كما ذبح أكثر من 500 رجل.وناشدت النواب وهي تبكي تقديم المساعدة، وحذرت من أن “الدولة الإسلامية” تحاول إبادة مجتمعها، “هناك محاولات عدة لإبادة الشعب الأيزيدي.”

“كمصير باقي الشعب العراقي، شعبي يتعرض للقتل، والشيعة، والسنة، والمسيحيين والتركمان، والشبك، قتلوا، والآن يجري قتل الشعب الأيزيدي.”ويعتبر الأيزيديين من أصغر الأقليات العراقية، وهم قريبون من الأكراد، وديانتهم تعتبر أقدم من الإسلام، وهي مستمدة من المسيحية واليهودية والزرادشتية. وكواحدة من أقدم الأقليات في العالم، فقد تعرضوا للاضطهاد، حيث يعتبرهم العديد من المسلمين عبدة شيطان.ولم تكن دخيل وحدها من اطلق نداء الاستغاثة لإنقاذ الأقلية، التي يعيش نحو 500000 منهم حول سنجار في شمال غرب محافظة الموصل بمحاذاة إقليم كردستان، منظمة الأمم المتحدة للطفولة قالت الثلاثاء بأن تقارير رسمية تفيد بموت 40 طفلا من الأيزيديين في نتيجة مباشرة للعنف، والتشرد، والجفاف منذ نهاية الأسبوع.

وفي هذا الإطار، أن الأيزيديين هم مجموعة دينية في الشرق الأوسط، يعيش أغلبهم قرب الموصل ومنطقة جبال سنجار في العراق، وتعيش مجموعات صغيرة منهم في تركيا وسوريا وإيران وجورجيا وأرمينيا، ينتمون عرقياً إلى أصل كردي ذي جذور هندو أوروبية رغم أنّهم متأثرون بمحيطهم الفسيفسائي المتكوّن من ثقافات عربية آشورية وسريانية، فأزياؤهم الرجالية قريبة من الزيّ العربي، أما أزياؤهم النسائية فسريانية.

يتكلّم الأيزديون اللغة الكردية وهي لغتهم الأم، ولكنّهم يتحدثون أيضاً العربية، خصوصاً أيزيدية بعشيقة قرب الموصل، غير أنّ صلواتهم وأدعيتهم والطقوس والكتب الدينية كلّها باللغة الكردية، وقبلتهم هي لالش حيث الضريح المقدس لـ”الشيخ أدي” في شمالي العراق، ويُعتبر الأمير تحسين بك من كبار الشخصيات الديانة الأيزيدية في العراق والعالم.

وقد استأثرت هذه الأقلية بالاهتمام أخيراً نظراً لما تتعرّض له حالياً من اضطهاد من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية” الذي سيطر على معقلها، مدينة سنجار في العراق وأجبرها على النزوح نحو الجبال.وقد ظهرت الديانة الأيزيدية في بلاد العراق منذ أكثر من 4 آلاف عام، وبحسب أتباعها، فإنّها أقدم ديانة في العالم وتجد جذورها في الزردشتية، واختلطت على مر الزمان بالمسيحية والإسلام.

والتوحيد هو أحد الأسس الثابتة في فلسفة الديانة الإيزيدية. يصلي أتباعها ثلاث مرات إلى الله متوجّهين إلى الشمس. وهم يؤمنون بوجود سبعة ملائكة خلقوا من نور الله وأنّ “الطاووس ملك” وهو رئيس الملائكة.وينقسم الأيزيديون إلى ثلاث طبقات دينية لا يجوز التزاوج بينها كما لا يجوز زواج الإيزيدي من أتباع الديانات الأخرى.

ومن معتقداتهم القديمة تحريم أكل الخس وارتداء اللون الأزرق. وتعرّضت هذه الأقلية على مرّ العصور للاضطهاد والاتهامات بـ”المروق”.ويبدو أنّ تسمية الأيزيدية أُطلقت عليهم أيام سيطرة العثمانيين على كردستان والعراق، وقد انكمش انتشارهم تحت ضغط حملات الإبادة وفرمانات الدولة العثمانية.

_____________

(*) – هشام يحيى