كيف سيخرج لبنان من حالة المراوحة؟

رامي الريس

رويداً رويداً تتجه المنطقة العربية نحو المزيد من الفوضى والدمار. وهذه لقطات مختصرة من المشهد الإقليمي المشتعل: نحن على مشارف إعلان إمارة بنغازي الإسلامية في ليبيا من قبل “أنصار الشريعة”  بعد ولادة “الدولة الاسلامية” التي اشتهرت بإسم “داعش” في أطراف ومساحات واسعة من سوريا والعراق، يضاف اليها تواتر الأعمال الإرهابية التي تنفذها مجموعة “أنصار بيت المقدس” في شبه جزيرة سيناء المصرية، بالتوازي مع دخول “البشمركة” الى كركوك، ومواصلة النظام السوري حربه على أبناء شعبه، وفوق كل ذلك، تأتي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لقتل الشعب الفلسطيني وحرمانه من حقوقه الوطنية والسياسية المشروعة، فتمارس اسرائيل كالعادة محرقة جديدة لن توصلها سوى الى الأفق المسدود.

الأصعب أن حرب غزة هذه المرة تأتي في سياق ظروف إقليمية مختلفة عن الحقبات السابقة. فحركة “حماس” خرجت من محور “الممانعة”، وفقدت سنداً مصرياً كان يؤمنه لها نظام الإخوان المسلمين بقيادة الرئيس السابق محمد مرسي، والصراع  الإقليمي بين مصر وتركيا وقطر على أشده. “حزب الله” اللبناني بدوره يأخذ مساحة الى الخلف  بسبب حراجة الوضع الداخلي اللبناني من جهة، وإنغماسه في الحرب السورية ومراقبته لتطورات الوضع العراقي ومشاركته المحدودة فيه، من جهة أخرى.

أما إسرائيلياً، فالأزمة أصعب لأن تل أبيب لن تستطيع التراجع قبل تحقيق نصر سياسي أو عسكري ما لإرضاء الرأي العام الإسرائيلي الذي يعيش مناخات من القلق والخوف تغذيها أصوات صفارات الإنذار اليومية التي تدوي في كل أرجاء الأراضي المحتلة.

إذن، المنطقة بأسرها تتجه نحو الفوضى والحروب والنزاعات المسلحة، فيما لبنان لا يزال يدور في الحلقة المفرغة ذاتها: تعطل تدريجي للمؤسسات الدستورية، إستمرار الشغور الرئاسي، تردي الوضع الإقتصادي والإجتماعي وسجالات لا تنتهي حول جنس الملائكة أو “الشياطين”.

إن حجم التطورات السياسية الإقليمية المتلاحقة باتت تحتم مقاربات جديدة من مختلف الفرقاء، لأن مواصلة رفاهية النقاشات والخلافات الدائمة وكأن المحيط الإقليمي يعيش رخاءً سينعكس إزدهاراً داخلياً هو بمثابة ضرب من الجنون بين اللبنانيين الجماعي.

إن الإقلاع عن تكرار مواقف وسياسات لم تتبدل منذ سنوات وكأن الأحداث لم تتغير هو سقوط في فخ الإعداد لإنفجار الوضع الداخلي بدل الإستعداد لمواجهة التحديات، وذلك يبدأ بإنتخاب رئيس جديد للجمهورية من خارج فريقي النزاع 8 و14 آذار وهو يتقاطع مع موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي يكرر بوتيرة شبه يومية ضرورة الخروج من عنق الزجاجة في الملف الرئاسي.

هل سننجح في تحقيق ذلك وحماية ما تبقى من إستقرار داخلي؟

——————————————-

(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة

Facebook: Rami Rayess II

Twitter: @RamiRayess

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس

عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!

التسوية شجاعة وإقدام!

الأحزاب وبناء الدولة في لبنان

أعيدوا الاعتبار لـ “الطائف”!

الإعلام والقضاء والديمقراطية!

وفروا مغامراتكم المجربة… واقرأوا!

عن “الأقوياء في طوائفهم!”

ما بعد الإنتخابات النيابية!

لمن سأقترع في السادس من أيّار؟

إنه السادس من أيار!

لائحة المصالحة: قراءة هادئة للعناوين والتطلعات

لا، ليست إنتخابات عادية!

عن تجاوز الطائف والأكلاف الباهظة!

الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!

الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح!

للتريث في قراءة مفاعيل التريث!

كيف ستنطلق السنة الثانية من العهد؟

تغيير مفهوم الإصلاح!

“حبيبتي الدولة”!

من حقّ الناس أن تتعب!