اثر الاشعاعات النووية على جسم الإنسان

محمود الاحمدية

عندما يتعرّض أيّ كائن حيّ إلى الإشعاعات النووية يحدث تأينا للذرّات المكوّنة لجزيئات الجسم البشرى مما يؤدّى إلى دمار هذه الأنسجة مهّددة حياة الإنسان بالخطر.

وتعتمد درجة الخطورة الناتجة من هذه الإشعاعات على عدة عوامل منها نوعها وكمية الطاقة الناتجة منها وزمن التعرض ولهذه الإشعاعات نوعان من الآثار البيولوجية الأثر الجسدي ويظهر غالبا على الإنسان حيث يصاب ببعض الأمراض الخطيرة مثل سرطان الجلد والدم وإصابة العيون بالمياه البيضاء ونقص القدرة على الإخصاب. الأثر الثاني للإشعاعات هو الأثر الوراثي وتظهر آثاره على الأجيال المتعاقبة وقد ظهر ذلك بوضوح على اليابانيين بعد إلقاء القنبلتين النووية على هيروشيما ونجازاكى في سبتمبر 1945. مما أدّى إلى وفاة الآلاف من السكان وإصابتهم بحروق

وتشوّهات وإصابة أحفادهم بالأمراض الخطيرة القاتلة. ويجب مراعاة عدم تعرض المرأة الحامل للأشعة السينية كوسيلة للتشخيص حتى لا تصيب الطفل بالتخلف العقلي . والحد الأقصى المأمون للإشعاعات النووية الذي يجب ألا يتجاوزه الإنسان هو “5” ريم في اليوم الواحد والريم وحدة قياس الإشعاع الممتص وهى تعادل رنتجن واحد من الأشعة السينية وهى تعنى Roentgen alent Man ويتعرض الانسان الى الكثير من مصادر الاشعاع من الاشعة السينية وهي تعنى بالحياة اليومية.

ولا ننسى في هذا الصدد تعرّض الإنسان للأشعة الكونيّة الصادرة من الفضاء الخارجي وتعرّضه للإشعاعات الضارّة خلال تعامله مع النظائر المشعّة سواء في مجالات الطب و الصناعة والزراعة وتعرّض العاملين في المفاعلات النووية والعاملين في المناجم التي يستخرج منها العناصر المشعة مثل الراديوم واليورانيوم.

ومن العوامل الرئيسية المسببة للتلوث النووي ما يحدث في دول النادي النووي من إجراء التجارب وخاصة بعد الحرب العالمية الأخيرة بهدف تطوير الأسلحة الذرية لزيادة القوة التدميرية لها وقد أدّت التجارب إلى انتشار كميات كبيرة من الغبار الذري المشع في مناطق إجراء التجارب وتحمل الرياح هذا الغبار المشعّ إلى طبقات الجو العليا والذي يحتوى على بعض النظائر المشعّة مثل السيزيوم 137 والاسترونشيوم 90 والكربون 14 واليود 131 وغيرها من النظائر والتي يستمر نشاطها الاشعاعى فترة طويلة من الزمن ليتساقط فوق كثير من المناطق البعيدة عن موقع التجارب حيث تلوث الهواء و الماء والغذاء وتتخلّل دورة السلسلة الغذائية حيث تنتقل إلى الحشرات والنباتات والطيور والحيوانات واخيرا تصل إلى الإنسان واغلب النظائر المشعّة يستمرّ النشاط الاشعاعى لها فترة طويلة من الزمن الأمر الذي يضاعف من أضرار التلوّث على كافّة عناصر البيئة.

الطاقة النووية ليست كلّها مخاطر وأضرار تصيب البشر ولكن لها فوائد عديدة إذا أحسن استخدامها في نفع الإنسان ورفاهيته ومن هذه المنافع العظيمة الأثر هو توليد الطاقة النووية وتحويلها إلى طاقة كهربائية بواسطة ما يعرف بمحطات القوى الكهربائية ويمكن الحصول عليها بواسطة المحطات الحرارية التي تعمل بالوقود العادي ليس لها حوادث تذكر بالمقارنة بما يحدث للمفاعلات النووية وتسرّب الإشعاعات إلى الأماكن القريبة منها والأخطار الناتجة عن النفايات النووية من هذه المحطات وأثارها الضارة على البيئة.

وفى المقابل فإن المحطات النووية اقلّ تكلفة من المحطات الحرارية كما أن المحطات الحرارية تزيد من تلوث الهواء نتيجة لإحراقها للوقود وانطلاق كميات كبيرة من غازات أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت.

والمفاعلات النووية قد تقع لها حوادث تؤدّى إلى كوارث بيئية شديدة الضرر ويستمر تأثيرها لعدة سنوات وخاصة إذا كانت المنطقة المحيطة بمكان الحادث يقطنها الكثير من السكان.

وقد أدى انتشار المحطات النووية إلى ظهور المشاكل ذات التأثير الضارّ على كافة عناصر البيئة نتيجة النفايات النووية ويقاس النشاط الاشعاعى لهذه النفايات بما يعرف بالكورى وهو النشاط الاشعاعى الذي ينتج من جرام واحد من عنصر الراديوم 226 ويتوقف الأثر الضار لما تسبّبه من أضرار جسيمة بعناصر البيئة.

ومن النفايات التي تنتج من محطات توليد الطاقة إشعاعات بيتا وجاما وهذه الإشعاعات ليس لها خطورة كبيرة لصغر حجمها النسبي وأُخرى قوية الإشعاع تشمل الكثير من النظائر المشعّة والتي تشع جسيمات الفا مثل النبتونيوم والبلوتونيوم وهذه النظائر عالية النشاط الاشعاعى وذات فترة عمر النصف فائقة الطول حيث يستمرّ نشاطها الاشعاعى لفترة طويلة جدا من الزمن.

ويتمّ التخلص من النفايات النووية بعدة طرق تختلف وفقأ لقوة الإشعاعات الصادرة منها الضعيفة والمتوسطة توضع بعد تبريدها في باطن الأرض حيث تحاط بطبقة من الاسمنت أو الصخور وأحيانا تقوم بعض الدول بإلقائها في مياه البحار والمحيطات.

إما النفايات ذات الإشعاعات القوية فتوضع في الماء لتبريدها ثم تدفن على أعماق كبيرة في باطن الأرض وفى أماكن بعيدة عن العمران.

وهناك طريقة حديثة للتخلص من النفايات النووية القوية حيث تحفظ في مواد عازلة من الخزف أو الزجاج من نوع البوروسيلكات ويتمّ ذلك بخلط النفايات مع مادة مكلّسة ثم تصهر عند درجة حرارة عالية ويصب الخليط في أوعية من الصلب غير قابل للصّدأ وتدفن على أعماق كبيرة تحت سطح الأرض مع اخذ الحيطة حيث أنها تظلّ مصدر خطر لفترات طويلة.

وهناك نوع آخر من التلوّث تحدثه المحطات النووية وهو التلوّث الحراري وينتج عن استخدام مياه المحيطات أو البحار أو الأنهار بكمّيات كبيرة لتبريد المفاعل والتي تلقى في المصدر بعد ذلك فترتفع درجة حرارتها محدثةً خللاً بالنظام البيئي Ecosystem والإضرار بكافة الأحياء المائية التي تعيش في المياه حيث يقلّل من نسبة الأوكسجين المذاب في الماء اللازم لحياة الكائنات البحرية.

وللتغلب على هذه المشكلة وضعت بعض الدول قوانين خاصة تلزم هذه المحطات بتبريد المياه الساخنة قبل إلقائها في البحار أو البحيرات كما أن بعض المحطات أنشأت لها بحيرات صناعية تستخدمها لأغراض التبريد.

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة