سر الصمت وتمدّد داعش

جليل الهاشم

الملفت أن إعلان دولة الخلافة يكاد يمر مروراً عادياً في الدول والأوساط التي تعتبر أن التنظيم الذي وراءها هو تنظيم إرهابي خطير. فمنذ أن أطلّ «الخليفة» داعياً الى مبايعته نكاد لا نسمع تعليقاً أو ردة فعل خصوصاً من الجهات الغربية والمعنية. فالقوى السياسية العراقية غارقة في ترتيباتها الداخلية، تتنازع توزيع مواقع السلطة المهزوزة أصلاً وهي حتى اليوم لم تتمكن من حسم موقع رئاسة الوزراء الذي يحتله نور المالكي ويتمسك به. وإيران التي لا يكاد تمدد دولة الخلافة الداعشية يلامس حدودها لا تأتي على ذكر هذا الموضوع. وكاد خطاب المرشد علي خامنئي في نهاية شهر رمضان يخلو من أي إشارة الى الدولة الوليدة ويتركز على نحو خاص على إسرائيل «الكلب المسعور» كما وصفها. أما تركيا الأردوغانية فمنشغلة بترفيع رجب طيب أردوغان الى موقع الرئاسة، وعلى طريق الرئاسة هذا سمح للسلطان التركي بتسجيلثلاثة أهداف في مباراة للكرة خلال أقل من ربع ساعة. وفي المقلب السوري إنتبه النظام مؤخراً الى وجود الخلافة، وهو بعد أن تجاهلها وتجاهلته خاصة لإعادة ترسيم مناطق النفوذ.

إنه صمت مريب يزيد من خطورته ما تمارسه دولة الخلافة المزعومة من سياسات تطهير عرقي وديني وحضاري لا تلقى سوى الصمت أيضاً. فليس بالنسبة للمسيحيين المهجرين من الموصل يفتح باب السفارات والهجرة أمامهم كما فعلت فرنسا بل بايجاد الصيغ التي تضمن بقاءهم مواطنين طبيعيين في أرضهم. لكن سياسة التخلي هي التي تسود وكأن الجميع ينتظر شيئاً ما.

لقد قامت الأوساط الدولية ولم تقعد عند دمّر طالبان الإرث الحضاري البوذي في أفغانستان ولكن تدمير داعش للمساجد والمقامات والكنائس والزوايا لم يُثر رداً جدياً حتى على مستوى البيانات لا من الحكومة العراقية ولا من حكومات الدول المجاورة ولا من المرجعيات الدينية في العالم العربي وإذا كان صمت المنظمات الثقافية الدولية يدرج في باب الصمت السياسي فمن غير المفهوم أن لا تقول المنظمة العربية للثقافة والعلوم وهي رديف اليونسكو شيئاً، وأن لا تتحرك الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي فتذهب الى مجلس الأمن الدولي مطالبته بقرار تحت البند السابع لحماية أعرق إرث حضاري على وجه الأرض وإنهاء الحالة الشاذة التي تكمل تمددها بهدوء.