من خفايا أروقة الوزارات

وسام القاضي

الدولة في خدمة المواطن، يا له من شعار فضفاض في بلداننا، وكيف الأحرى إذا كان الحديث عن عمل ومنهجية الوزراء في وزاراتهم في لبنان، والستار الذي أزيل كشف المستور بعد تنفيذ مبدأ المداورة في الوزارات عندما شكلت الوزارة الحالية. خاصة وأن العديد من الوزارات تولى سدة مسؤوليتها على التوالي وزراء ينتمون إلى تيار سياسي واحد أو إلى مذهب واحد.

فبعد تنفيذ مبدأ المداورة تبين أن هنالك وزارات تدر معظم إنتاجيتها الخدماتية على مناطق نفوذ الجهة التي ينتمي إليها الوزير، كما وأن الباب فتح للتعاقد مع موظفين ينتمون إلى نفس الجهة، وهذه الجهة تكون إما طرف سياسي أو مذهب معين.

ومن أصعب الأمور أن يجهل اللبناني ماهية الخدمات التي تقدمها الوزارات، حيث يتبين أن في كل وزارة قنوات مستورة تدر أموالا غير منظورة يستفيد منها المحظوظين، بينما لا تصل إلى المواطن اللبناني المعني مباشرة بهكذا خدمات، وفق عمله. وطبعا أجهزة الرقابة في غيبوبة تامة وذلك بمرض مزمن إسمه غياب المحاسبة في لبنان.
يطربوننا بالإنماء المتوازن، فأي إنماء لأي منطقة ومن أية وزارة، فالتوازن غائب كليا عن ذهنية معظم الوزراء، والإنتماء المذهبي والسياسي هو الاغلب على منطق الوطنية ودعم الدولة، مع العلم أنه لا يخلو الأمر من وجود وزراء أكفاء في الحكومة الحالية أو الحكومات المتعاقبة، واللبنانيون يعرفونهم جيدا لأنهم تركوا بصمات ناصعة في وزاراتهم، أما الوزراء الباقين فحدث ولا حرج.

وكل وزير جديد دخل إلى وزارته الجديدة ظن للوهلة الأولى أنه يدخل إلى منطقة نفوذ الجهة التي ينتمي إليها الوزير السابق، ومع كل يوم عمل تنكشف الرؤية ليتبين الذهنية الخاطئة والأسلوب المشين في تمرير الخدمات ضمن معايير ضيقة ومختلفة بين منطقة و أخرى وبين جهة وأخرى.

إن بناء الدولة لا يمكن أن يستقيم إذا كانت القوى المولجة الحكم في لبنان تعمل على المصالح الخاصة والذاتية، إنطلاقا من تعزيز وضعها الشعبي، لا وضع الدولة كإطار حاضن، وكيف يمكن أن تنهض الدولة بإداراتها إذا كان عمل السلطة التنفيذية يسير بعكس منطق الدولة والكفاءة والنزاهة. وباب الوزارات يجب أن يبقى مفتوحا لكافة المواطنين من أجل تلبية مطالبهم، اللهم إن كانت محقة وضمن القانون، ولكن من المؤسف أن أمور تحل وأمور تعقد وفق مستوى الواسطة، وما هو مخالف يسرب بقنوات خاصة، وما هو قانوني تخلق له العراقيل ليمر بإشارة ما أو بإكراميات متنوعة.

ومن المستهجن أن تستمر بعض الأطراف بالإعتقاد أن الشعب اللبناني ينسى، أو أنه سيبقى مقيدا بطوق على رقبته، وبالتالي فهو أسير للمنطق الخدماتي في البلاد، خاصة عندما نقترب من موضوع الانتخابات، فالعكس تماما لأن الحياة بكل مفاهيمها تطورت، وهنالك شريحة كبيرة آثرت الصمت أو الحياد على الإعتراض، لكن هذا الوضع لن يطول لتكتشف تلك الأطراف أنها الخاسر الأكبر كونها ستفقد ثقة شعبها، ولن ترى دولة تحتضنها، فذهنية العمل الحالية لن تبقي دولة وستقضي على أحلام شعب يتوق إلى الحياة بعزة وكرامة.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار