غزة ونتنياهو والعرب

محمود الاحمدية

“مَن قتل نفساً بغير نفسٍ او فسادٍ في الأرض فكأنّما قتل الناس جميعا” ( المادة 32 )

آخر كلام للمسؤول الصهيوني ليبرمان: يجب قتل خالد المشعل حتى لو كان في قطر! كلام صريح وقاتل وجارح ويكشف هشاشة النظام العالمي والوقاحة اليهودية التي وصلت إلى حدّ الإشهار بالقتل أمام انظار العالم أجمع!! طفلة فلسطينية غزاويّة نقلت صورتها فضائيات العالم بعد أن فقدت أبويها وأخوتها ومشت حوالي عشرة كيلو مترات هرباً من قذائف نتانياهو وعصابته وسلاحه الاميركي… قالت والدموع تغطي وجهها البريء بلهجتها الغزّاويّة: ليش إِحنا بس لازم نبقى تحت خطّ النار! ليش إحنا بس لازم نعيش بلا أهل! أنا تعبانة وحابّة أروح معهم إلى الجنة وألحقهم هذه الليلة! منظر مأساوي يندى له جبين الإنسانية… ومئات الأطفال يسقطون وصور وكأنك في حضرة هولاكو أو جنكيز خان أو غزاة التاريخ القديم ولكن بأسلحة أشد فتكاً وقهراً وقتلاً وقوةً!

وإذا جئنا إلى الصمت العربي المدمّر وحتى الموت البارد، نرى من الماء إلى الماء دولاً وقد ملأ سماءها البارود وأراضيها معاركاً تذكّرنا بداعس والغبراء… ليبيا غارقة في دمائها حتى أصبح خبر من يستطيع تملّك المطار عاديّاً لوكالات الأنباء… قبائل قبائل من سبها إلى مصراته إلى بنغازي إلى طرابلس ويالله ياعرب… العراق يكتب تاريخ نهايته بيد أبنائه وبيد الغريب والبلد الذي كان يرعب اسرائيل أصبح خيالاً لماضٍ مجيد ولا يغترّ أحد ولا يُخدعُ ظلمُ الأقّليات ومن ضمنها المسيحيين لم يبدأ مع داعش في الموصل بل بدأ منذ غادر صدام الحكم العراقي، وكانت مسألة الموصل وكان المالكي يتلطى وراء داعش والإستهداف يطال السنة والشيعة مثلهم مثل المسيحيين ونوري المالكي الذي أبعد كلّ أخصامه ويشجّع القاعدة وتسرح داعش وتمرح في البلد الذي كان بعبع إسرائيل في يوم من الأيام!

وفي سوريا فوق المايتي ألف قتيل وآلة الدمار بكلّ أشكاله تغطّي سماء الوطن من أقصاه إلى أقصاه وتشرد السوريين في كل أنحاء الدنيا وكان النصيب الأكبر لبنان والنظام لا يزال ينظّر عن الممانعة والمقاومة وكأنّه في حلم مستحيل… وصولاً إلى لبنان حيث يرحل كلُّ من حمل فكراً واستقلالية ورؤيا وثقافة… يرحل كل من حمل الطموح وإرادة الحياة بحريّة وكرامة… فتحوّل الوطن من موقع عالمي كان أحد الموقعين الأوائل الخمسة على شرعة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى مجموعة من النفعيّين الذي استمرؤوا مع الأيام وبكل وقاحة سرقة الشعب اللبناني بشكل يومي وتدمير أبسط حقوق الإنسان…

ولم نمر على اليمن أو السودان أو الصومال…

وحدها تونس أعطت المثل والمثال لكيفيّة التزاوج بين الليبرالية والإسلام المعتدل السمح المعطاء… وحدها عبر ثورة الربيع فيها تعطي متنفّساً وأملاً…

ونعود إلى غزه… الذي قرأ كتاب نتانياهو ونظريته عن الشرق الأوسط قبل أن يصل إلى سدة الحكم يعرف كم أن هذا الصهيوني ثعلب سياسة وخطير إلى حد معرفة أدق التفاصيل عن العرب وكيفية كسر شوكتهم إذا كان هناك شوكة!! والذي يتابع الاحداث المرعبة والمجازر التاريخية والتدمير لأحياء بكاملها على مرأى وصمت العالم أجمع يشعر وكأن هذا الثعلب نتانياهو وفي غمرة أحداث المنطقة ومن خلال خطف المستوطنين الثلاثة وقتلهم بسرعة غريبة مريبة ممّا سمح له باجتياح غزة، والخطر كلّ الخطر أنه وتحت نيران المعارك في كل أنحاء العالم العربي أن يتم وأد غزة وكأنها إحدى هذه المعارك… فلاحظنا جميعاً تراجع العروبة والعرب وكلمة العروبة إلى حدّ الالغاء والالتغاء والإِمِّحاء… تسمع بالمعارك في كل مكان وغزه إحدى هذه المعارك… وهنا مكمن الخطر وهنا مكمن المفاجأة الصاعقة التي خلقها نتانياهو أبطال غزه وأطفال غزه يصنعون التاريخ ويكتبون بدمائهم مجدا” ضائعا” لعلّ نقطة شرف وكرامة وشعور بالخجل من مستقبل الأيام أن يهب بني يعرب! هل نحلم ممكن! ولكن الأفق مظلم ومدْلَهمّ وغامض!

الحسنة الوحيدة لمعركة غزه هي إثبات كرتونية بعض الذين حاولوا أن يبدوا ويظهروا كأبطال… غزه فضحتهم!
رجال من ورق… ومسؤولون من ورق… وقياديون من ورق.

وحتى لا نتهم أننا غرقنا في التفاصيل وفقدنا الرؤيا هناك ثلاثة كبار مستفيدون: أميركا، إسرائيل، إيران والعرب كومبارس يتفرجون على نهايتهم أمام أنظار العالم أجمع.

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة