غزة توحد الشاشات اللبنانية…

لا توازي أشكال التضامن المختلفة مع فلسطين ومأساة غزة حجم الخسائر الفادحة ومستوى الإجرام العنصري والحاقد الذي تمارسها آلة القتل الصهيونية بحق اطفال ونساء وكهول وشباب قطاع غزة، ولا توازي اشكال التضامن تلك بطولات وتضحيات وصمود المقاومين والمجاهدين الابطال في خان يونس وحي الشجاعية ورفح وغيرها من المواقع التي سطر فيها ابطال فلسطين ملاحم الصمود والبطولة امام عنجهية اسرائيل ودبابات جيشه المهزوم.

ألا أن الخطوة التضامنية الإعلامية التي نفذتها شاشات التلفزة اللبنانية شكلت لفتة مميزة على المستويين الاعلامي والسياسي، بحيث اظهر الاعلام اللبناني قدرة فائقة على التناغم رغم الاختلاف السياسي الكبير بين المحطات والتزاماتها الحزبية والعقائدية، فأن يظهر على شاشة واحدة مقدما نشرات أخبار المشتقبل والمنار في لقطة واحدة دون ويقدمان سويا صورة متناغمة لحدث بهذه الاهمية ميزة قد لا نجد شبيها لها، وأن تلتقي مقدمات نشرات الاو تي في والجديد والام تي في دون سباق بينهن في قراءة خبر تجيد كل واحدة منهن تقديمه وفق رؤيتها بما في ذلك من تضخيم او تفريغ او ما هنالك مسألة تستحق الثناء، خطوة بكليتها في الاعلام وفي التقديم وفي الرؤية وفي عرض التقارير المتنوعة تستحق الثناء والتوقف عندها، وهي ميزة لبنان.

أمنا في السياسة فإن هذه الخطوة المميزة تشير الى أن التلاقي بين اللبنانيين ممكن، وان التفاهم وتقديم صورة جامعة رغم الاختلاف ايضا ممكن، فنشرة التضامن الاعلامي مع فلسطين اذا ما قرر القيمون على هذه المحطات ووجدوا من يجمعهم كما فعل الاستاذ طلال سلمان في مبادرته تلك، قد تحيد لبنان عن الزلازل، ولا يعني ذلك ان الاعلام اللبناني هو من يأخذ البنانيون الى الأزمات فهو أي الاعلام ليس سوى مرآة المجتمع لكنه قادر على رؤية الجمع لا فالتفرقة، وقادرة على قراءة الفرقة على انها حق في الاختلاف والتنوع، وهذا ما بدى في تنوع التقارير التي قدمت عن فلسطين وآلام شعبها، نحن بحاجة لتكرار تلك المبادر الجامعة في مجالات عدة.

لقد أضاءة نشرة التضامن الاعلامي مع فلسطين الشمعة في ظلام السياسة اللبنانية، وبعثت برسالة لابد من تلقفها، باننا قادرون على الجمع لا الفرقة على التهدئة لا الإثارة، واننا قادرون عبر شاشاتنا المختلفة تكوين رأي عام لبناني وطني ملتزم قضايا الوطن والمواطن مع حفظ حق الاختلاف.نحن من موقعنا في جريدة الأنباء الألكترونية نبارك تلك الخطوة التضامنية المميزة وندعوا الى تكرارها وتلاقي شاشاتنا حول قضايا وطنية وانسانية تستحق الاضاءة عليها، فالاعلام ليس مرآة المجتمع فحسب فإنه ايضاً رسالة انسانية سامية اذا ما احسن استخدامه، شكرا طلال سلمان لانك اضأت لنا من خلال محطات التلفزة قدرة اللبنانيين على التلاقي، شكرا غزة لأنك وحدتي خياراتنا وعقولنا وشاشاتنا، شكرا فلسطين كنت الحدث الجامع والقبلة التي يلتقي حولها الجميع وستبقين زهرة المدائن.

من جهة أخرى بدأت الدبلوماسية تتحرك بقوة في محاولة لوقف العدوان على غزة بعد ان فشل نتنياهو وجيشه تحقيق الشعارات التي رفعها، فصواريخ المقاومة لا تزال تتساقط على المدن المحتلة، في شمال وغرب ووسط فلسطين، والجيش المدجج باعتى انواع السلاح والعتاد لم يحقق الاختراقات الكبرى رغم محاولات التغطية الاعلامية التي يجهد اعلام العدو على تقديمها، فالأنفاق تتفجر تحت اقدام الجيش الاسرائيلي وصور الرعب التي عاشها الاسرائيليين في حرب تموز 2006 عادوا ليشاهدوها في حرب تموز 2014.

فعلى الرغم من الدعم الدولي لحكومة اسرائيل واعلان اكثر من عاصمة عالمية “حق اسرائيل الدفاع عن نفسها”، يهرع دبلوماسيوا الدول الكبرى الى الدوحة والقاهرة في محاولة لتأمين وقف اطلاق النار، وفق شروط تحفظ ماء وجه إسرائيل وتكسبها شيئاً من القرارات السياسية، فيما نجح ابومازم وخالد مشعل تحقيق اختراق جديد في حماية المصالحة الوطنية وتحويل وجهة العدوان من ان يكون كما يحاول نتنياهو تصويره “عقابا لحماس الارهابية”، فإن القيادة الفلسطيني وبفضل صمود المقاومين في غزة واصرار الأطفال والنساء التضحية بنفوسهم لاجل فلسطين، وبعد ان سارت التظاهرات في عواصم العالم، نجحت القيادة الفلسطينية في تجاوز أزماتها وتوحيد صفوفها، فالعدوان على غزة هو عدوان على فلسطين كل فلسطين، والانتصار في غزة هو انتصار لفلسطين، وبالتالي بدأ الحديث عن تعديل المبادرة المصرية، وبدأ الحديث عن إمكانية رفع الحصار عن غزة.

وسط هذه الاجواء، تتوجه الانظار نحو الاستعدادات الجارية لعقد جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل حيث برزت طلائع ايجابيات يجري العمل عليها في محاولة للخروج بحلول لملفي الجامعة اللبنانية والتغطية القانونية لرواتب الموظفين في القطاع العامحيث وصف رئيس الحكومة تمام سلام الجلسة المقبلة للحكومة بأنها بمثابة “امتحان لاظهار النيات حيال تسيير عمل مجلس الوزراء، وكنا أعطينا الفرصة الاسبوع الماضي للهدوء، ولكي يراجع جميع الاطراف ظروفهم من دون ممارسة الضغط على احد بل باعتماد التوافق”.

وكان سلام قد ضم الى جدول مجلس الوزراء بند الرواتب بناء على طلب وزير المال علي حسن خليل، إضافة الى بند الجامعة الذي لا يزال يحتل أولوية البنود. مصادر وزارية مواكبة كشفت ان “التطور الايجابي الوحيد الذي حصل عليه الرئيس سلام هو قبول جميع الاطراف بأن أي خلاف داخل مجلس الوزراء لن يعطّل عمله، كما أن أي خلاف على أي بند لن يعطّل جدول الاعمال”. وتوقعت ان تكون الجلسة المقبلة هادئة.

سلام الذي رفض مقولة التوازن في الخطة الأمنية قائلا لوفد العلماء المسلمين:”هل المطلوب ابطاء تنفيذ الخطة الامنية من اجل ايجاد توازن على هذا الصعيد؟” وأضاف: “لن يقف امامنا أي عائق لتمضي الاجهزة الامنية في عملها والتي لن تطبّق الخطة الامنية بالتراضي بعدما أظهرت جهوزية متقدمة جدا في مواجهة الارهاب الخارجي والخلل الامني الداخلي مع تركيزنا على التنسيق بين هذه الاجهزة مما يعطينا الثقة بهدوء البلد واستقراره واستئصال الارهاب والعبث الامني في أي منطقة. لذا نرجو الجميع ان يعلموا ان الاستقرار الامني ليس لإراحة البلد او ازالة الارهاب فحسب، بل وهذا هو الاهم، نزع فتيل الفتنة المذهبية. لقد أحبطت ثلاث عمليات ارهابية فلم تحقق اهدافها في قتل الابرياء وهدم الممتلكات فقط بل أخفقت في زرع الفتنة والاجرام في لبنان وذلك بفضل أجهزة أمنية لا تعترف بلون الارهاب ولا بطائفته بل ستواجهه بالوسائل المتاحة حتى ازالته”. وأعاد الرئيس سلام الى الاذهان “الاستهداف الامني الكبير الذي تعرّض له لبنان العام الماضي لكننا الآن وبفضل غطاء سياسي توفره الحكومة الحالية نتحرّك بفاعلية أكبر”.