“خذوا الحكم من شعارات الفانات”!!…

علا كرامة – الأنباء

“دلوعتي”…”عين الحسود تسود”…”ميلي يا حلوي ميلي”…”أبو الزوز”…”ما تلحقني مخطوبة”…”شيل عيونك عني”…

عبارات وشعارات تكاد تحتل معظم أبواب ونوافذ وموتورات الفانات والباصات العمومية…كل ذلك على موقف جسر الكولا… عجقة باصات تكاد لا تطاق، صراخ أصحاب السائقين الذي ينادون على الركاب “شتورة، شتورة” أو “البقاع، البقاع”… تكاد أعلى من أصوات السيارات وضجيجها… للوهلة الأولى تعتقد أنها متشابهة ولكن يتبين لك لاحقاً أن كل “دلوعة” عفواً أن كل فان لديه خصوصيته التي تميزه عن غيره… فمثلاً نرى واحدة مزينة بأشرطة ملونة وأخرى بالأعلام، ومنها بالصور الكاريكاتورية أو الفوتوغرافية، ومنها مرسوم عليها عيون زرقاء من أجل “صيبات العين” وإبعاد الحسد عنها!، ومنها ما هو مليء بالأقوال الدينية… لتصل إلى وضع الإعلانات والدعايات لمنتوجات تجميلية أو كهربائية، وعروضات بأرخص الأسعار على الرحلات الصيفية… ومنها ما هو “معجوق” يزعج الرؤية ومنها ما هو ملفت ويثير إنتباهك وحشريتك ويشجع الراكب على إستقلالها ليصل إلى منزله أو عمله…

هذا المشهد الذي يعكس ثقافة شعبية معينة تعتمد على كتابة النثر والشعر والحكم والأمثال لدرجة أنك تعتقد أو تعتقدين أن السائق أصبح شاعراً أو حكيماً… ولا ننسى أن كل فان لديه تسميته الخاصة مثلاً “غنوجتي”…”القاهرة”…”الغزال”…

van

وللإضاءة على هذا الموضوع التقت “الأنباء” عدداً من أصحاب الفانات ورواد الباصات للإستفسار عن هذه الظاهرة وأسباب ازديادها… فأجاب بهاء الجوهري “وضعت عبارة “صدق إنو الثلج بيعطي دفا…وما تصدق في مرى عندها وفا…”. وعن سبب إختيار هذه العبارة تحديدأً قال “كان لدي مشكلة مع فتاة احببتها ثم انفصلنا وانتهت علاقتنا فوضعت هذه العبارة لكي تراها حين أمر بقربها لكي تشعر بالذنب”.

وأضاف الجوهري أن “محيطي أصبح يعرف قصة هذه العبارة وأعتبر أنه فعلاً ليس هناك “وفا”. وتابع الجوهري أن “الشعارات على الفانات أصبحت موضة اليوم وكل سائق يضع القول الذي يشعر به”.

أما السائق محمد درويش والذي يضع شعار “يا رضى الله ورضى الوالدين” أجاب “إخترت هذا القول من منطلق الإيمان كما يعني لي أنه في حالة رضى الوالدين علينا أن نمشي بما يرضي الله فهذا  اذن من منطلق إعتقادات دينية”.

والسائق الحاج محمد عويدات الذي يسمي باصه بـ”أميرة لولو” قال “سميتها من باب “التذويق” وزينتها برسوم كالعيون الزرقاء من أجل حمايتها من صيبة العين، ووضعت شعار أيضاً “لا تشوفني عم اتدرج دوبلني وتفرج” لكي لا ينافسني أي سائق فان أو باص”.

van-04

أما السائق علي غفيف علق على “الفان” الذي يملكه صورة حفيدته وقال “وضعتها أولاً لكي يتعرف الراكب بشكل أسرع على فاني وثانياً لأني متيم بحفيدتي، ولكن حين تكبر سوف أغير الصورة وأعلق صورة لـ”أبو وديع” لأنني أعشق أغانيه”. وأضاف عفيف “حين كنت صغيراً كنت أرى والدي يضع دائماً شعارات على فانه وهذا أيضاً كان سبب، تقليداً له”.

وأجاب السائق يحي رمضان الذي يضع عبارة “ميلي على ميالك أبو سليمة خيالك” قال أن هذه العبارة تتضمن إسم ابنته التي أسميتها على إسم المرحومة والدتي، وبما أن هناك حوالي الـ100 “فان” موجودة هنا، تحت جسر الكولا، فإن هذه الطريقة كانت نوعاً من عملية جذب للراكب ولكي يتعرف على فاني بشكل أسرع”.

وأضاف رمضان ضاحكاً “أذكر أن هناك شعاراً على احد الفانات لفتني وما زال عالقاً في ذهني وهو “جوز بنتك لقرد بنط وما تجوزها لشوفير خط”.

van-06

أما عن رأي ركاب الفانات بهذه الظاهرة الإجتماعية التي بدأت بالإزدياد مع إرتفاع عدد الفانات الموجودة وربما المتشابهة… قالت رنا غسان “هذه الشعارات هي حرية شخصية، وكل سائق يحق له وضع الشعار الذي يريده، ولكن أحياناً هناك شعارات تزعجني، أو ربما لا أتقبلها إن كانت من الناحية الدينية أو غيرها… ولكن يجب أن أحترمها، ولكن لو كان لدي “فان” لن أفعل هذا الأمر!”

أما رانيا المصري فرأت أن “هذه الظاهرة هي “مضيعة للوقت”، وممكن أن يشرد السائق بها وتسبب بحادث سير، ولكن ربما هناك أشخاص تفيدهم”.

وقالت ديانا أن “السائق حر ويحق له وضع الشعار الذي يريده ولكن الأهم أن يوصلني بأمان”.

van-03

على أمل أن ينظم قانون السير هذا الموضوع يمكن ان يشكل أحياناً تشويهاً للمنظر العام… ويشتت نظر السائقين ويعرض سلامة المواطن إلى خطر!!…

وأخيراً يمكن القول بأن هذه العبارات الطريفة والمضحكة… والتي تحمل خلفيات دينية وثقافية متعددة… وتجارب عاطفية وحياتية… تجعلنا نستخلص قولاً جديداً ألا وهو “خذوا الحكم من شعارات الفانات”!!…