حرب الشروط والوساطات في حرب غزة
رفيق خوري (الانوار)
22 يوليو 2014
لبنان المنقسم العاجز عن ملء الشغور الرئاسي والمهدّد بكل مخاطر الصراعات في المنطقة، موحّد في التضامن مع غزة بالصوت والصورة. وشوارع المنطقة والعالم ليست خالية من التضامن الشعبي مع غزة التي تواجه بشجاعة وصمود وصبر أشرس عدوان اسرائيلي. لكن من الصعب توقع الدعم العملي الذي تتمناه وتطلبه غزة ويتمناه ويطلبه الذين يستغربون ويدينون عجز الجامعة العربية ومجلس الأمن والصمت الرسمي في عواصم عدة. فالدنيا تغيّرت في العالم العربي الذي ازداد ضعفاً بمقدار ما كثرت مشاكله وقضاياه، بحيث تقدمت على قضية فلسطين، وان تنامت قدرة غزة على مقاومة الاحتلال.
ذلك ان غزة في حاجة الى دعم، ولكن السؤال هو: ممن تطلبه ومن القادر عليه؟ من سوريا الغارقة في حرب تجمع مقاتلين من كل أنحاء العالم ضد النظام المدعوم من ايران وحزب الله؟ من العراق ونوري المالكي الذي انهار جيشه أمام مسلحي داعش والعشائر؟ من دولة الخلافة التي تحتل أجزاء من سوريا والعراق وتجبر المسيحيين على مغادرة الموصل؟ من ليبيا التي بلا دولة والمضروبة بحرب الميليشيات؟ من ايران المشغولة بحرب سوريا وحرب العراق وحرب الحوثيين في اليمن؟ من مصر التي تواجه في سيناء ارهاب متشددين تقول إنهم على اتصال مع أطراف في غزة وتواجه في الداخل عنف الإخوان المسلمين الذين كانت حماس ولا تزال فرعاً منهم؟
قدر غزة أن تواجه عدواً لا يرحم ولا يتردد في ارتكاب المجازر، في حين أن الصديق لا يستطيع أن يساعد. ولم يكن من المفاجآت أن تدور الى جانب حرب غزة حرب الوساطات والوسطاء. لكن الكل عاد الى مصر في النهاية بعدما جرّبت قطر وتركيا حظهما في تقديم مبادرة لتفشيل المبادرة المصرية. ففي القاهرة بان كي مون وجون كيري بعد الرئيس محمود عباس. والأولوية لوقف النار ثم البحث في الشروط.
والشروط معلنة. حماس تريد وقف النار بشروطها التي هي شروط المنتصر في الحرب وعنوانها العام، حسب خطاب اسماعيل هنية، وقف العدوان وانهاء الحصار الظالم. واسرائيل تريد وقف النار بشروطها التي هي، حسب خطاب نتنياهو، شروط المنتصر في الحرب. وما يحاوله الوسطاء هو ترتيب هدنة بشروط يحقق فيها كل طرف شيئاً ما، بصرف النظر عن الفارق بين المعتدي والمقاوم. وما يتحكم بمسار الحرب هو استعداد اسرائيل توسيع العملية البرية حتى تدمير الأنفاق واستعداد حماس وبقية فصائل المقاومة لقتال العدو ومنعه من تحقيق أهدافه، واجباره على تغيير حساباته والتراجع عما يسميه استراتيجية جز العشب.