أي خطر داهم يتهدد المسيحيين في بلاد ما بين النهرين؟

هي حروب التقسيم والتفتست وحروب القضاء على ما تبقى من تعدد وتنوع عربي في بلاد ما بين النهرين في زمن الخلافة الإسلامية المزعومة التي أطلقها طليق أقبية سجون النظام السوري أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الذي يطلق العنان لإجرامه الذي لا يمت بصلة لا للعروبة الإنسانية التي ناضل من أجلها جميع مكونات الشعوب العربية بمن فيهم المسحيين وسائر الأقليات كتف إلى كتف مع المكون الإسلامي، وكذلك لا يمت بصلة إلى الإسلام دين الإعتدال والسلام والإنفتاح والتسامح.

إلى ذلك، كان تنظيم داعش الإرهابي قد نشر بيانات وطلب من خطباء المساجد نقل مضمونها عقب صلاة الجمعة الاخيرة دعا فيها المسيحيين الى مغادرة مدينة الموصل خلال 24 ساعة”. وتضمنت البيانات تأكيداً أنهم “إذا أرادوا البقاء فعليهم دخول الإسلام أو دفع الجزية وقدرها 250 دولاراً لكل أسرة تود البقاء في المدينة، أما بالنسبة للمغادرين فلن يكون مسموحاً لهم نقل أي من مقتنياتهم معهم”.واشار إلى أن “المسلحين في الموصل، قاموا بكتابة حرف نون على أبواب منازل المسيحيين في المدينة، ويعني ذلك أن المنزل يعود للنصارى وقد تمت مصادرته وبات من ممتلكات الدولة الإسلامية”.

ومن جانبه، اكد المطران بطرس موشي رئيس اساقفة الموصل أن مركز مدينة الموصل بات خالياً تماما من المسيحيين بعد أن انذرهم تنظيم داعش باعتناق الإسلام أو دفع الأموال مقابل حمايتهم في ما يعرف باسم الجزية أو أنهم سيواجهون الموت.

كما اكدت مفوضية حقوق الانسان أن عدد النازحين داخل العراق يبلغ مليوناً و250 الف نازح . وقال عضو المفوضية هيمن باجلان في مؤتمر صحافي في بغداد اليوم إن التوقعات تشير الى أن هذا العدد قابل للزيادة، مشيرًا الى “النازحين يعانون من وضع انساني متردٍ يتمثل بقلة الخيم ومياه الشرب وقلة الخدمات الطبية المقدمة، بالاضافة الى بقية الخدمات الضرورية.وطالب باجلان الحكومة بتجاوز البيروقراطية في تعاملاتها والاسراع بصرف المبالغ المخصصة للمهجرين .. ودعا وزارة النقل بتأمين رحلات جوية الى العوائل العالقة من النازحين الراغبين مغادرة اطراف اربيل الى المحافظات الجنوبية. وشدد على ضرورة قيام وزارة التربية بحل مشكلة الطلبة النازحين من طلاب المدارس والجامعات .. واوضح أن المساعدات المقدمة الى العوائل النازحة تقدم بها عدد من المنظمات المحلية والدولية بالاضافة الى عدد من الدول مثل بريطانيا وتركيا وقطر وحكومة كردستان .

أعلنت جمعية الهلال الاحمر العراقي نزوح اكثر من 200 عائلة من مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى (375 كم شمال بغداد)  بعد أن تعرضت للتهديد من قبل تنظيم الدولة الاسلامية “داعش”.

وقال الامين العام المساعد في الهلال الاحمر محمد الخزاعي إن العوائل المهجرة تعرضت إلى سلب ممتلكاتها اثناء هروبها من الموصل حيث بدأت بالوصول إلى مدينة أربيل عاصمة اقليم كردستان وتم إسكان معظم افرادها بأبنية المدارس في بلدة عينكاوة ذات الأغلبية المسيحية فيما افترش آخرون الأرصفة والبنايات تحت الإنشاء انتظاراً لنقلهم إلى مخيمات أو أماكن سكن لائقة. واوضحت مصادر محلية ببلدة عينكاوة أن الكنائس لم تعد تستوعب المزيد من عوائل اللاجئين والعدد الهائل من القادمين الجدد وبشكل يومي من مدن العراق.

وبدأت مئات العوائل المسيحية في مدينة الموصل، بمغادرة منازلها بعد تهديدات لتنظيم  الدولة الإسلامية “داعش” لها بمغادرة المدينة أو إعلان إسلامها أو دفع الجزية بحسب بيانات وزّعها التنظيم في المدينة. وقال سكان في المدينة إن عناصر “داعش” وسموا كنائس وأديرة ومدارس دينية مسيحية وكاتدرائية تاريخية بعلامة وقف للدولة الإسلامية.

ومن جهته، قال مسؤول إعلام الحزب الديمقراطي الكردستاني في محافظة نينوى سعيد مموزيني إن 200 أسرة مسيحية غادرت مدينة الموصل خوفاً من تعرضها للاستهداف على يد عناصر داعش”.

وأوضح أن “تنظيم داعش الذي يسيطر مع جماعات مسلحة أخرى على مدينة الموصل، التي يقطنها قرابة مليوني نسمة كان قد نشر بيانات وطلب من خطباء المساجد نقل مضمونها عقب صلاة الجمعة دعت المسيحيين إلى مغادرة المدينة خلال 24 ساعة”. وتضمنت البيانات تأكيداً أنهم “إذا أرادوا البقاء فعليهم دخول الإسلام أو دفع الجزية وقدرها 250 دولاراً لكل أسرة تود البقاء في المدينة أما بالنسبة للمغادرين فلن يكون مسموحاً لهم نقل أي من مقتنياتهم معهم”.

وأشار إلى أن “المسلحين في الموصل، قاموا بكتابة حرف نون على أبواب منازل المسيحيين في المدينة، ويعني ذلك أن المنزل يعود للنصارى، وقد تمت مصادرته وبات من ممتلكات الدولة الإسلامية”.

ويقطن في مدينة الموصل حوالي 200 ألف مسيحي تناقصت أعدادهم بشكل كبير بعد سقوط النظام العراقي السابق ربيع عام 2003.  حيث غادرت مجاميع منهم إلى السويد وفرنسا وكندا بعد قيام تلك الدول بمنحهم تأشيرة واقامة دائمة على أراضيها. وينقسم مسيحيو الموصل إلى الكلدان والسريان والكاثوليك وتضم الموصل واحدة من أقدم الكنائس في العالم وهي كنيسة ماركوركيس التي شيّدت عام 800 للميلاد.

 وقد دعا بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس رؤفائيل الاول ساكو المسيحيين إلى التكاتف إلى حين انتهاء ما اسماه بالعاصفة. وحذر من كارثة انسانية وحضارية مقبلة في العراق.

وقال في بيان “أوجه ندائي إلى أصحاب الضمير الحي في العراق وفي العالم إلى صوت المعتدلين من أخوتنا المسلمين في العراق وفي العالم بأن هذه الاشتراطات على المسيحيين تسيء إلى المسلمين وإلى سمعة الدين الإسلامي وتتناقض مع ألف وأربعمئة سنة من تاريخ وحياة العالم الإسلامي الذي تعايش مع ديانات مختلفة وشعوب مختلفة شرقاً وغرباً واحترم عقائدها وتآخى معها.

وحذر ساكو من كارثة انسانية وحضارية وتاريخية في العراق.. وقال “حرام أن يعامل المسيحيون بالرفض والطرد ولا يخفى ما لذلك كله من نتائج وخيمة على التعايش بين الأكثريات والأقليات لا بل بين المسلمين أنفسهم على المديين القريب والبعيد”.

وازاء ذلك، فقد شدد المرجع الشيعي الشيخ محمد اليعقوبي على ضرورة البدء بمعالجات فورية ناجعة للمشاكل التي يعاني منها العراق.. ورفض خلال استقباله ممثل الامين العام للأمم المتحدة ميلادينوف بمكتبه في النجف الأشرف “ما تقوم به الجماعات المسلحة التي تدّعي الاسلام من قسرٍ وإكراه للأقليات وتهديدهم للمسيحيين باعتناق الاسلام أو مغادرة أراضيهم وهذه جريمة كبرى ومخالفة للشريعة إذ يقول القرآن الكريم (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ).

اما الحزب الشيوعي فقد أشار إلى أنّ مئات العائلات المسيحية قد نزحت عن ديارها حيث استولى الإرهابيون على ممتلكاتها من منازل وأموال وقاموا بتسليب النازحين من حاجياتهم التي حاولوا أخذها معهم كما قاموا بإحراق الكنائس بالكامل وكل ما يتعلق بها.

وأشار إلى أنّ الحزب دان “الجرائم البشعة والمروعة التي يرتكبها الإرهابيون وحلفاؤهم ضد أبناء مدينة الموصل وخاصة أبناء شعبنا من تركمان ومسيحيين وازيديين وشبك”، معربًا عن التعاطف مع الذين يواجهون هذه المحنة الصعبة. وشدد على ضرورة القيام بأوسع حملة اعلامية وتضامنية ممكنة على الصعيدين الوطني والعالمي لفضح الجرائم والممارسات الهمجية والانتهاكات البشعة الواسعة لحقوق الإنسان الأساسية التي تقوم بها عصابات داعش والعمل على توفير المساعدات الإنسانية الكافية للنازحين في مختلف مناطق البلاد وتوفير مأوى مناسب لهم.

اما رئيس وزراء إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني فقد دعا أهالي اقليم كردستان إلى نجدة ومساعدة العوائل المسيحية النازحة من مدينة الموصل. ونقل بيان لحكومة اقليم كردستان عن بارزاني قوله “إن الشعب الكردي يتمتع بعلاقات جيدة مع المسيحيين وجميع القوميات الأخرى ويفتخر بحماية التنوع القومي في كردستان وأثبت ذلك خلال السنوات الماضية بشكل فعلي، والآن أيضًا على شعب كردستان مساعدة هذه العوائل المسيحية التي إضطرت إلى ترك منازلها وممتلكاتها”.

وأضاف “أن حكومة إقليم كردستان وبالتنسيق الكامل مع المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقزم بمساعدة مئات الآلاف من اللاجئين الذين توجهوا إلى إقليم كردستان  ولكن أعداد اللاجئين في تزايد يومًا تلو الآخر وأن الحكومة العراقية فضلاً عن قطع حصة إقليم كردستان من الموازنة العامة لم تتحمل في الوقت نفسه مسؤولياتها تجاه هؤلاء النازحين المقيمين في إقليم كردستان”.

وعلى الصعيد نفسه، أعلن الامين العام للعتبة العباسية المطهرة السيد احمد الصافي عن استعداد العتبة لاستقبال النازحين من الطائفة المسيحية من الموصل. وقال معاون رئيس قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية عقيل الياسري لمراسل الوكالة الوطنية العراقية للانباء “أن السيد احمد الصافي اوعز إلى الجهات المعنية بشؤون النازحين عن استعداد العتبة العباسية لاستقبال النازحين من الطائفة المسيحية من مدينة الموصل وباقي المدن الساخنة “.

وأضاف “أن العتبة العباسية مستعدة لتهيئة المستلزمات كافة لهم واستقبالهم في مدن الزائرين وباقي الاماكن المخصصة للنازحين واستعدادنا لاحتضان جميع الطوائف في هذه المدن المقدسة”.

وأمس أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية عن تسجيلها نزوح أكثر من 65 ألف عائلة مؤخرًا من المحافظات التي وصفتها بالساخنة أمنياً. وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة  ستار نوروز إنه تم اعداد قاعدة بيانات لأعداد العائلات التي نزحت عقب سيطرة تنظيم  الدولة الاسلامية “داعش” ومسلحين متحالفين معه في العاشر من الشهر الماضي على مدينة الموصل بمحافظة نينوى شمالي العراق وأجزاء من محافظات ديإلى (شرق) وصلاح الدين وكركوك (شمال) والانبار (غرب).

وأضاف أن أعداد العائلات التي نزحت من المحافظات الساخنة أمنياً بلغت أكثر من 65 ألف عائلة، مؤكدًا أن الرقم الحقيقي أكبر من ذلك بكثير إلا أن عمليات النزوح والانتقال غير المنظم تصعّب من عملية الحصول على بيانات دقيقة. وقال إن الوزارة لديها معلومات تشير إلى هجرة العديد من العائلات العراقية النازحة هذه إلى خارج البلاد مثل تركيا والأردن للاستقرار فيها بعد أن خضعت مناطقهم لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.

وتعتبر مدينة الموصل ثاني أكبر مدن العراق وأقدمها والمرتكز السكاني للعراقيين المسيحيين، ومن بعدها بغداد والبصرة. وهي تضم 13 كنيسة وديراً، فضلاً عن كاتدرائية موغلة في القدم، وكانت قبل الاحتلال تضم أكثر من 600 ألف مواطن مسيحي مقابل 900 ألف مسلم، لكن معظم المسيحيين هاجروا البلاد إلى السويد وفرنسا وكندا وكردستان ليصبح عددهم نحو 200 ألف تفرقوا في قرى تلكيف وسهل نينوى ومركز الموصل. وينقسم مسيحيو الموصل إلى الكلدان والسريان والكاثوليك، وتضم المدينة واحدة من أقدم الكنائس في العالم هي كنيسة مار كوركيس التي شيّدت في العام 800 ميلادياً.

______________

(*) هشام يحيى