من يسأل عن الاقتصاد اللبناني؟

رامي الريس

لولا تحركات هيئة التنسيق النقابية والتصعيد الذي تمارسه لنيل مطالبها وحقوقها، لغاب النقاش الإقتصادي تماماً في لبنان، على الرغم أنه في كل دول العالم المتحضر يحتل الحيز الأكبر من العمل الحكومي والتغطية الإعلامية.

صحيح أن التعقيدات التي تعيشها المنطقة ترخي بظلالها على لبنان، وصحيح ان الإنقسامات الداخلية اللبنانية لم تترك مجالاً للتفاهم حول قضايا في غاية الأهمية، الا أن كل ذلك يفترض ألا يلغي الإهتمام المطلوب بالملفات الإقتصادية والإجتماعية، لا بل الأصح أن عناصر التعقيد هذه، كونها غير قابلة للحل يفترض أن تحفّز المجتمع السياسي اللبناني على الاهتمام بالمجال الإقتصادي.

في الحقبة التي تولى فيها الرئيس الشهيد رفيق الحريري رئاسة الحكومة، لا سيما في حقبة التسعينات، إحتدم النقاش الإقتصادي في البلاد. مع أو ضد سياسات الحكومات المتتالية. البعض وافق والبعض الآخر إعترض ولكن كان هناك رؤية إقتصادية لمناقشتها سواءً أيدها المرء أم رفضها.

ولكن في السنوات القليلة المنصرمة، غاب تماماً هذا النقاش مع العلم أن نمو الدين العام لم ينحسر، أما الموازنات العامة فلم تقر أساساً منذ سنواتٍ، الكهرباء لا تزال على عجزها السنوي الذي يفوق الملياري دولار، الترهل الإداري على حاله، الصادرات الزراعية والصناعية الى تراجع، القطاعات الإنتاجية على تباطؤها، والمؤشرات الإقتصادية الأخرى كلها تدور في فلك السلبية.

آن الأوان لفصل الإعتبارات السياسية عن الملفات الإقتصادية فهي ملفات علمية وتقنية بطبيعة تكونها، فلماذا تسييسها؟ ثم، ألا تصب خطط رفع مستوى المعيشة في مصلحة كل القوى السياسية التي تتعرض لمصاعب جمة نتيجة مطالبة الناس المحقة لها بالخدمات الصحية والاجتماعية والتربوية التي تقع أساساً في صلب وظيفة الدولة، أي دولة؟

قد يشكل الملف الإقتصادي مناسبةً للنفاذ نحو تحقيق القليل من التقارب بين اللبنانيين، فلماذا لا نسلك هذا المسار؟ هل من الضروري أن نغرق جميعاً، ليل نهار، في مناقشة خطط “داعش” ومشاريعها المستقبلية؟

 ———————————–

(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة

Facebook: Rami Rayess II

Twitter: @RamiRayess

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس

عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!

التسوية شجاعة وإقدام!

الأحزاب وبناء الدولة في لبنان

أعيدوا الاعتبار لـ “الطائف”!

الإعلام والقضاء والديمقراطية!

وفروا مغامراتكم المجربة… واقرأوا!

عن “الأقوياء في طوائفهم!”

ما بعد الإنتخابات النيابية!

لمن سأقترع في السادس من أيّار؟

إنه السادس من أيار!

لائحة المصالحة: قراءة هادئة للعناوين والتطلعات

لا، ليست إنتخابات عادية!

عن تجاوز الطائف والأكلاف الباهظة!

الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!

الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح!

للتريث في قراءة مفاعيل التريث!

كيف ستنطلق السنة الثانية من العهد؟

تغيير مفهوم الإصلاح!

“حبيبتي الدولة”!

من حقّ الناس أن تتعب!