ثلاثة ملايين غير لبنانيين في لبنان! كفى!

محمود الاحمدية

مثل شعبي عامي يتناوله الكثيرون: ” الظرف اللّي ما بْيِنْتِلي بيكونْ عايِبْ “ … بعيداً عن العنصرية وبعيداً عن بديهية احترام الإنسان لأخيه الإنسان… ولكن أن يكون عدد سكان لبنان ثلاثة ملايين والغير لبنانيين ثلاثة ملايين (حسب إحصائيات غير رسمية) من سوريين، مصريين، عراقيين، فلسطينيين، بنغلاديشيين، سيريلانكيين وجنسيات أخرى، فهذا يعني بكل بساطة تخيلوا الولايات المتحدة الاميركية الدولة الأهم على مستوى الكرة الأرضية وقد دخلها وبشكل مفاجىء حوالي ثلاثماية مليون غريب، فهل يستطيع هذا النظام الأقوى والأشد في العالم أن يتحمل هذا العدد المرعب من الغرباء … والأخطر بما لا يقاس أن يدخل منهم بشكل مفاجىء وخطير حوالي ماية وخمسون مليون مكسيكي مثلاً خلال سنتين، كما حدث مع الاخوة السوريين، فتخيلوا أي بلد سيصمد أمام هذا البحر من البشر يكتسح كل شيء المدن، القرى، البيوت، الوظائف، الشركات، الصناعة، التجارة، المهن التي كانت أشبه بالمستحيل الدخول إليها كالهندسة والطب… مطلق أي لبناني يطرح على نفسه نفس السؤال: هل أصبحت غريباً في وطني؟ هل أصبحنا جالية في وطننا؟؟ وأي وطن هذا الذي لا يسارع مسؤولوه إذا كان هناك من مسؤولين ويحصون الدقائق والثواني ويعملون ليلا” نهاراً لوضع حلول سريعة جريئة واقعية لهذا المصاب الجلل قبل أن تلعنهم أجيال قادمة !! رأينا كل الدول المحيطة بسوريا وقد أتخذت القرارات والقوانين وطبّقتها في دولها فمن رابع المستحيلات وهذا مثل واضح وقاطع وصريح أن ترى سورياً يحلّ محلّ الأردني أو التركي أو العراقي… من المستحيل أن ترى اللقمة في فمك أصبحت في فم غيرك… نحن نشعر وبالذات مع الأخوة السوريين ونحسّ بمعاناتهم الكبيرة وقد تدمّرت بيوتهم وتحطّمت لقمة عيشهم وتركوا أهلهم ممزقين مدمّرين مقتولين وأتوا لبنان بخفيٍّ حنين نحن لا نتكلم عن هؤلاء فالواجب الإنساني يفرض علينا مبادىء الأخوة والمحبة والتعاطف، ولكن حتى مع هؤلاء الأخوة مهم جداً أن يطبق القانون بكل أبعاده وذلك حفاظاً على ما تبقى من حقوق للبنانيين في وطنهم الأم، فمن يصدّق أننا لم نعُد نستطيع تطبيق مثلا شعار: (اللي بيحب لبنان بيحب صناعتو)… أي لبنان وأي صناعة مثل صغير يتعملق كي يحتل مشاعرنا وواقعنا، من أصل أربعة مصانع للسكر هناك ثلاثة أقفلت أبوابها ومصنع واحد فقط لاغير لايزال يعمل وهو على حافة الهاوية!! رائع أن تستقبل ضيفك في بيتك ولكن شريعة الحياة تقول هناك محرّمات لا تستطيع أن تسمح بها في المكان الذي يشكّل منبع كرامتك وعرضك ومساحة بيتك والشجرات بجانبه إذا وجدت والفرش الذي يجب أن يحافظ على عذريته وعلى ذوقك !! وهناك مثل روسي: الضيف يكون ذهباً ثم يصبح فضة ثم يصبح حديداً!! ومثل صغير يجسد كل الحقيقة على الصعيد البيئي ويختصر كل المسافات ومن خلال تخصصي البيئي… وبالذات في مجال البيئة… كان إنتاج لبنان اليومي للنفايات حوالي الأربعة آلاف طن ويذهب أكثر من نصفهم إلى مطمر الناعمة… أما وبعد مجيء الأخوة السوريين أصبح يستقبل زيادةً حوالي ألف وخمسماية طن يومياً!! والأخطر بما لا يقاس نطرحه على المسؤولين المعنيين: أين تذهب هذه الزيادة اليومية من النفايات؟؟ ومن الذي يستقبلها وكيف تعالج ؟؟ كلها أسئلة بلا أجوبة… والسؤال الأخطر: النفايات الطبية التي تعد بكل المقاييس الأخطر على البيئة اللبنانية، جزء كبير من النفايات الإضافية نفايات طبية لكثرة المشاكل والمصائب التي تقابل الأخوة السوريين بالبعد الصحّي!! لابدّ من وقفة تاريخية لرجالات دولة يرتقون إلى مستوى إنقاذ وطنهم وإلاّ ستلعنهم أجيال قادمة وسيكون الشعار: بئس بلد مسؤولوه غائبون عن القيام بواجبهم لإنقاذه وتركوه يموت وهم يبتسمون ويسرقون ويتعاطون ويتدلعون!!

وأَختُمُ بمحبة وإتزان وبعيدا” عن الإنفعال : أتمنّى على الذين ينظّرون عن الاخوّة والواجب وأنا معهم ولكني لست معهم بأن يبقى هذا الملف فالتا” من عقاله كعاصفة عاتيه تدمر الأخضر واليابس ونحن نتفرج عليها على طريقة المأساة الإغريقية .

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة