موسوعة “حرب الجبل” مشروع فتنة في الجبل

محمود الاحمدية

“إذا كان أعمى يقود أعمى فكلاهما يسقطان في حفرة” (الإنجيل المقدس)

منذ ثمانية شهور تقريبا” جاءني هاتف من دار للنشر قائلا” بالحرف الواحد: “إنك من الذين تعاونوا معنا في شراء عدة موسوعات خلال السنوات الماضية … وأملنا هذه المرة أن نتابع تعاوننا ” فقلت على طريقتي الدائمة معهم : أهلا” وسهلا” بكم تفضلوا… أكملوا قائلين:

“عندنا موسوعة جديدة مهمة جداً وتشكل ذاكرة لجبل لبنان وللبنان كلّه اسمها “حرب الجبل” وفيها وصف دقيق لكلّ المجازر التي حدثت في الجبل وبالخصوص “كفر متى ” لم أتمالك أعصابي من هذا الجهل المستطير فقاطعت صاحب الصوت قائلاً: من هو صاحب هذه التحفة الأدبية ؟؟ بكل حماس قال: المؤلف كلوفيس شويفاتي وهناك قسم مهمّ بتوقيع وكتابة العماد ابراهيم طنوس… فقلت بصوت واضح وواثق: ياعزيزي باختصار شديد هذه الموسوعة مشروع فتنة جديد… بالأمس البعيد كانت الزيارة التاريخية التي قام بها نيافة البطريرك صفير إلى الشوف وإلى المختارة ولقاؤه مع الزعيم وليد جنبلاط شكل نقلة تاريخية في إعادة اللحمة إلى كل أرجاء الجبل ومشاركة الجماهير كانت خير دليل على ذلك كصلح تاريخي… وأردفت قائلاً: أنا أنبّهكم أيّاكم وعرض هذه الموسوعة في لبنان بشكل عام والجبل بشكل خاص لأنها تنكأ الجراح وتعيدنا عشرات السنين إلى الوراء وتذكّر كلّ من فقد شهيداًمن الفريقين وكل من فقد عزيزاً سواء كان رجلاً  أم إمرأة ستقيم الدنيا ولن تقعدها!! وإذا وصلت هذه الموسوعة إلى أحد في الجبل فلا تتفاجأوا من ردة فعل قاسية حيال حامل الموسوعة البريء والذي لا ذنب له ولكن لكل شيء حدود في اللياقات والتقاليد الأصيلة، وللناس كراماتها!!

واتصلت بعد يوم واحد بالإذاعي هادي الجبالي وأطلقت الصرخة مرتفعة”وبصوت عالٍ في برنامجه على الهواء” محطات “في إذاعة الشرق وهذا ليس من باب الدعاية ولكن لوضع النقاط على الحروف!! وعلى مدى ثمانية شهور لم أعد أسمع بهذه الموسوعة ومنذ أسبوع جاءني من جديد صوت أنثوي هذه المرة يقول: أستاذ محمود أجبت نعم ياهلا! وتفاجأت بأنها تعرض عليّ نفس الموسوعة وتصفها بنفس الطريقة على دلع ممجوج وقلة تحمل مسؤولية فكان جوابي حاداً: انبهكم من جديد هذه الموسوعة مشروع فتنة! يا جماعة الخير لم يمض شهران على اللقاء الأخير في بريح حيث اجتمع الزعيم وليد جنبلاط بفخامة الرئيس سليمان ونيافة البطريرك الراعي وسماحة الشيخ نعيم حسن وفضيلة الشيخ محمد علي الجوزو وتشابكت الايادي وعادت بريح إلى حضن كل الأهالي والكل واحد فكانت المناسبة عرساً حقيقياً للوطن حيث توحّدت القلوب وارتفعت الهامات وأثبتت هذه العقدة انها من الماضي وعلينا التطلع للمستقبل وبناء هذا الوطن يداً واحدة وقلباً واحداً، والماضي مضى بكل مآسيه مرة” واحدة” ونهائية وتابعت خافوا ربكم كدار وكموسوعة وكمؤلف ونصيحة من جديد أوقفوا هذه الموسوعة!! ولابد لي أن أختم بأنه وستثبت الأِيام ان كل من عمل لتوحيد هذا الوطن وللحمته ولاندمال الجراح ولدفىء اللسان والمسيرة سيذكره التاريخ كأحد بناة إعادة الوطن إلى أحضان أبنائه سواء كانوا حسين أو معروف أو انطوان أو عمر… إنها جولة الحق ولا بدّ منتصرة باذن الله… وهي مناسبة لكل من يتعاطى في التأريخ أن يراعي ضميره ويترك هذه المهمة للجنة مستقبلية تحفظ ذاكرة الوطن بتعالٍ عن الصغائر وبذكر المراحل بطريقة سامية تضع مصلحة الوطن فوق كل مصلحة ولا تزيّف الحقائق بل تقولها بطريقة حضارية تجعلنا نستفيد من قراءتها بعدم تكرارها… ندائي لكل لبناني في لبنان وفي كلّ انحاء الدنيا وليس من باب المزايدة: لبنانكم قطعة فردوس مرّت عليها كل الجحافل والغزاة والظالمون وبقي كل لبناني صامد في أرضه وبيته من آخر نقطة في الجنوب إلى آخر نقطة في الشمال وكم كان رائعاً كمال جنبلاط عندما قال: “إن لبنان الذي نريد هو لبنان العربي الديمقراطي العلماني الواحد وليس لبنان الطائفية والاستغلال والعمالة “

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة