هل يشتعل لبنان بعد سوريا والعراق؟
رامي الريس
23 يونيو 2014
لم يعد بالامكان النظر الى التطورات الاقليمية الدراماتيكية من منظور كلاسيكي او تقليدي لان طبيعة الصراع المتفجر هي غير كلاسيكية وغير تقليدية، فالنزاع القائم هو وليد سنوات طويلة من الحروب بالواسطة بمسميات وأشكال مختلفة، لكنه يعكس في مكان ما ذاك الانقسام التاريخي الدفين.
لقد سبق أن شهد الغرب حروباً دينية بعد أن غامر نحو الشرق بحروب دينية أيضاً، وما نظرية صدام الحضارات التي فصلها الباحث الاميركي الراحل صموئيل هانتينغتون في كتابه الشهير الا أحد تفسيرات تلك الحروب، ولو أن نظريته قد سقطت في أكثر من بقعة جغرافية حول العالم وهي تسقط الآن مجدداً في الشرق الأوسط وتحديداً في العراق حيث أخذ الصراع طابع التفجر الداخلي ضمن “الحضارة” الواحدة، إذا صح التعبير، وليس بين حضارتين متنازعتين.
مهما يكن من أمر، فإن هذا التمرين النظري قد لا يتطابق مع الواقع المشتعل مؤخراً في العراق والذي يرتبط بطبيعة الحال بالحرب السورية وتداعيات الاحتلال ثم الانسحاب الاميركي فضلاً طبعاً عن النفوذ الايراني المتنامي في عدد لا بأس به من الساحات العربية كسوريا ولبنان واليمن والبحرين وسواها.
لبنانياً، قد يبدو من الصعب تخيل إستمرار النقاشات السياسية في حالة المراوحة العقيمة خصوصاً بعد الأحداث الأمنية المقلقة التي حصلت أواخر الأسبوع الفائت كتفجير ضهر البيدر والتوقيفات المفاجئة (التي يطرح حولها بعض علامات الاستفهام بالمناسبة) فضلاً عما كشف من مخطط لاستهداف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يمثل سياسة الاعتدال والحوار والانفتاح.
فإذا كانت هذه الانذارات الأمنية والاشتعال الاقليمي والازمات الاجتماعية المتفاقمة بفعل ملفات ساخنة كسلسلة الرتب والرواتب والتردي الاقتصادي عموماً والتعثر المؤسساتي بسبب الشغور الرئاسي والمقاطعة التشريعية والتردد الحكومي؛ إذا كان كل ذلك لن يدفع اللبنانيين للتفاهم فيما بينهم، فما الذي سيدفعهم للقيام بذلك؟
على الرغم من كل المشاكل التي تعتري النظام اللبناني إلا أنه، في ظل الغيوم السوداء الملبدة التي تعيشها المنطقة برمتها، يبقى بمثابة بارقة أمل لما يمثله من تنوع وتعددية وديمقراطية ولو غير مكتملة العناصر.
——————————————-
(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة
Facebook: Rami Rayess II
Twitter: @RamiRayess