السيبة الثلاثية والخيال المريض

محمود الاحمدية

“الأبطال الذين خلقوا من الرماد والحطام أمة ، إنما خُلقوا من طينة البشر … ولكن كانت فيهم كرامة” 

منذ فترة تفاجأ اللبنانيون بتصريح للعماد ميشال عون يقول فيه: اقترح سيبة ثلاثية: السيد حسن والشيخ سعد وأنا!! حتى تسير عجلة الحكم في البلاد… ومن باب الحوار المنطقي وإظهاراً للحقيقة نقول وبموضوعية لا شك أن السيد حسن نصر الله شكل حالة” حقيقية”واقعية” عند إخواننا الشيعة ولكن تجاوز الرئيس نبيه بري فيه شيء من الاجحاف بحقه وبحق تاريخه وتاريخ العلاقة مع الامام موسى الصدر أحد الزعماء التاريخيين اللبنانيين الذين تركوا بصمة في مسيرة الوطن بالبعد السيادي والإنتمائي والرئيس بري هو من رحم هذه المسيرة … وأسجل اعتراضي المبدئي على تجاوز كل الأصوات المثقفة في الطائفة الشيعية وتجاوز جمهور كبير من المتنوّرين الذين يحملون رأياً آخراً ولهم وجودهم في كل المفاصل التي يمر فيها الوطن وعلى جميع الأصعدة.

أما بالنسبة للشيخ سعد الحريري فهو أبن هذا البيت اللبناني العظيم أبن باني النهضة العمرانية الشهيد الكبير الرئيس رفيق الحريري الذي وعبر المؤسسات في كل الاتجاهات ومنها التربوية التي وصلت إلى أكثر من أربعين ألف تخصصوا على حسابه في كل أرجاء الدنيا بدون العودة إلى الطائفة أو المذهب وكانت وصيته الوحيدة لهم: لا أريد منكم شيئاً عندما تعودون قدموا لشخص ما قدمته لكم وينتعش الوطن… لبنان قبل كل شيء… ولكن يبقى أن نقول أن البيوتات السنية الأخرى لها ثقلها ووجودها حتى لو سلّمنا جدلا” أن حوالي 70 % يرتبطون بإسم آل الحريري فهناك نسبة محترمة لها وجودها وتاريخها… والشيخ سعد كانت له مواقف وطنية يقرّ بها القاصي والداني.

أما عن (وأنا) أي العماد عون فليسمح لنا بها وقد تجاوز غريمه التاريخي د.جعجع والقوات اللبنانية ومسيحيي 14 آذار وشخصيات مسيحية كبيرة يفتخر بها الوطن وجديرة بهذا المنصب مع تقديرنا الكلي للعماد عون وشعبيته الكبيرة التي ليس عليها أي غبار ولكن اختصار المعادلة السياسية اللبنانية في مرحلة إنتخابات رئيس جديد بأسماء ثلاث أقولها وضميري مرتاح جدا” هي الغاء الألف باء للسياسة إنطلاقا” من سياسة مختار الضيعة إلى رئيس البلدية إلى رئاسة الجمهورية، فمجرّد طرح الأسماء واقتراحها هو فرض وتسقيط (باراشوتي) لا يمتّ للديمقراطية بصلة وإستعداء لكل الناس حتى لجزء من الطامحين في مجموعة العماد عون … أنا لا أستطيع أن أفهم إنسانا” تمرس بالسياسة نصف قرن من الزمن يسقط بهذه الخفّة في توصيف الأمور…

ونأتي الآن إلى بيت القصيد ويشهد الله أنني بطبعي لست طائفيا” ولا مذهبيا” بل أحمل فكر كمال جنبلاط العلماني وأؤمن بوسطية وليد جنبلاط والرؤيا التي يملكها ونقطة على السطر… ولكن أن يتجاهل مسيو (عون) بشكل كامل الطائفة الأساسية في لبنان… فرغماً عنه وعن تجاهله وأفكاره غير الواقعية، فليقرأ التاريخ ولْيراجع مَنْ حكم لبنان وليعلم أن الطائفة الدرزية شكلت العمود الفقري عبر التاريخ لكينونة الوطن وكانوا أسياد وحكام هذا الوطن لعدة قرون مضت… وخاصة “عندما نرى أن تجاوز طائفة بني معروف أصبح موضة!!

نقولها بالفم الملآن هذه الطائفة التي عاشت العمر كله في مسيرة وطنية نضاليه ضد المستعمر وضد المحتل ولبنان الكبير رأى نموذجه على يد الأمير فخر الدين الثاني وكانوا أسياد الاستقلال وفي مقدمة الذين دافعوا عن شرف الوطن وشهادة الجنرال ديغول بأن الدروز هم الوحيدون الذين أذلوا الجيش الفرنسي في ثورة سلطان باشا عام 1925 وأن كمال جنبلاط وشكيب ارسلان وعادل أرسلان هم الذين أسسوا للبنان المستقبل وكمال جنبلاط قاد ثورة للحركة الوطنية كادت أن توصل إلى أهم نظام ديمقراطي حر في الشرق العربي.

ولم يتعود الدروز وخاصة في لبنان على ألسنةٍ جاهلة للتاريخ تتجاوزهم بهذه الخفة فإذا كان الأستاذ وليد جنبلاط يعض على الجرح حتى يسلم الوطن وإذا كان وليد جنبلاط احتضن الوسطية مع فخامة الرئيس سليمان وبنى الجسور مع الجميع مستلهماً سياسة جدوده التي تقدم الأهم على المهم حتى يسلم الوطن، وتضع سلّم أولويات أولها لبنان الوطن ووحدة أرضة وشعبه وعروبته… فيا حضرة العماد عُدْ إلى تاريخك اقولها بمحبة وبدون أي إنفعال ترى من هم بنو معروف!! لذلك هذه السيبة الثلاثية وحتى تسلم الأمور مجرد طرحها خاطىء وزاد الطين بلّة تجاوز بني معروف … وتأكد أنك كلما زلت بك الأمور وأخطأت فسيكون ذلك رصيدا” إضافيا” لتاريخ هذه الطائفة الكريمة التي قال عنها الجنرال ديغول في البرازيل: “أشرف العرب، لا تظلم ولا تنام على ضيم”…

سيبتك جنرالي الكريم سواء كانت زلة لسان أو معتمدة هي تكملة لأخطائك التاريخية التي شكلت بشكل مباشر أو غير مباشر العمود الفقري لإنهيار الوطن على الشاكلة التي نراه فيها هذه الأيام … قلت ما يمليه علي ضميري والله ولي القصد.

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة