درغام في لقاء “منتدى الفكر التقدمي”: ما معنى انتصار الأسد والبلد ممزّق

رأت الزميلة راغدة درغام أن “الادارة الأميركية تتعاطى مع الأزمة السورية انطلاقاً من موقع المتفرّج وسياسة تعتمد مفهوم “يقبروا بعض”، أي سياسة استنزاف جماعات التطرف السني وجماعة المحاربين مع النظام السوري”، متسائلة: “ما معنى الانتصار إذا بقي بشار الأسد، فالبلد ممزق والشعب مشرذم، وهناك خوف من التقسيم في ظل عدم رغبة الشعب الأميركي وادارته بالتورّط في حروب الآخرين، انطلاقاً من أنه إذا كانت إيران تعتقد أن انتصارها يتوقف على سوريا فلتتورط فيها وإن كانت روسيا تعتقد أنها استعادت العظمة من سوريا وتخشى من التطرف الإسلامي، فلتتحمّل فاتورة محاربة الإرهاب والتطرف التي تدفعها الولايات المتحدة منذ سنوات”.

> كلام درغام جاء خلال لقاء حواري نظمه منتدى الفكر التقدمي في مقره في وطى المصيطبة، وذلك في حضور مفوض الاعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي الزميل رامي الريس وأمين السر العام السابق في الحزب شريف فياض ورئيس الأركان السابق في الجيش اللبناني اللواء شوقي المصري ورئيس المنتدى خليل أبو سعد وفعاليات.

 غازي
> ترحيب من مسؤول الاعلام في المنتدى ياسر غازي الذي قال: “من لبنان ومشهد الديموقراطية البائدة لا بل ديموقراطية النكايات، والذي لم يفشل فقط في انتخاب رئيس للبلاد، إنما نجح في ايقاظ آلام الحرب وتعبئة النفوس، إلى سوريا حيث لا يزال العالم يتفرّج على المجزرة ويجري تنظيم حفلة للانتخابات الرئاسية فوق الجماجم وتنطلق طوابير الناخبين من تحت أنقاض الحضارات، إلى فلسطين والحصار العسكري والعراق واحتدام الصراع إلى باقي الأزمات العربية والشرق أوسطية والتي يتم تحميل وزر معظمها إلى الربيع العربي”.

 درغام
وإذ لفتت درغام إلى أن “الأمم المتحدة تعتبر مطبخاً لصناعة القرار أثناء استكماله على الساحة، وإلى أن بعض القضايا العربية لا يزال يتأرجح بين أروقة الأمم المتحدة”، أكدت أن “الموضوع السوري هو سيّد الساحة وأنه لا يجوز القول إن الأمم المتحدة منظمة فاشلة أو متحيزة، فهي تقدم المساعدات الانسانية للاجئين والأطفال والمشرّدين ولها فضلها في قوات حفظ السلام”.

raghda drgham0274

ورأت “أننا حالياً في أوج العلاقة الأميركية-الروسية الجديدة، حيث أن الولايات المتحدة الأميركية تحت إدارة الرئيس باراك أوباما انكمشت على نفسها وقرّرت ألا تكون القائد في أي منطقة في العالم ولا حتى دولة عظمى ذات مسؤولية، وأتت فكرة الانسحاب، فالشعب الأميركي لا يريد أن يكون جزءاً من حروب الآخرين ولا يريد التورّط فيها، وهذا رد فعل على ما قام به الرئيس السابق جورج بوش في العراق وأفغانستان، ما أدّى إلى صعود روسيا”.

وأضافت: “أما بالنسبة للعلاقة الأميركية-الخليجية، فالولايات المتحدة، شعبا وإدارة، تريد أن تصل إلى التهادنية مع إيران ولا تريد أن تدخل في حرب معها، وترى أن ذلك مطلوب سعودياً قبل أن يكون مطلوب أميركياً، ولكن هذا لا يعني أنها باتت جاهزة لاعطاء إيران الدور النووي والاقليمي الذي تريده في المنطقة”.

> وأشارت إلى أن “أوباما أعطى نوعا من التعهد لإيران بقبول النظام في طهران كما هو، وأن الرسالة الأميركية للخليجيين وتحديداً للسعوديين فحواها أعطوا الاعتدال الإيراني فرصة، غير أن أوباما لا يمتلك الإجماع حول إيران، فهناك من يتخوّف من أن تقع الاجراءات لصالح التطرف وليس الاعتدال”.

> وإذ لفتت درغام إلى أن “إيران تريد نظاماً أمنياً بديلاً في المنطقة العربية عن نظام مجلس التعاون الخليجي”، حذّرت من “الغياب العربي عن موازين القوى الدولية، الذي سيكون لصالح إسرائيل ولصالح تصالح تركيا مع إيران، ما يعني شرذمة القوى العربية”.

وتوقفت عند “أهمية التغيرات الأخيرة في المملكة العربية السعودية والتي قلبت الصفحة في العلاقة الأميركية-السعودية. وهذا ينعكس على سوريا. كما أنه في حال انتصار الاعتدال ستتغيّر الطموحات الإيرانية إقليمياً”.

وعن الموضوع السوري، قالت درغام: “قرّر أوباما اعتماد سياسة “يقبروا بعض”، أي سياسة استنزاف نزولاً عند رغبة شعبه، وأصبحت الادارة الأميركية في موقع المتفرّج والتخلّي عن الأخلاقية الحقيقية، وهذا غير مبرّر، إلا أنها لا تريد أن ترى ولا أن تتورّط”.

> وأضافت: “إذا كانت إيران تعتقد أن انتصارها يتوقف على سوريا فلتتورط وإذا كانت روسيا تعتقد أنها استعادت العظمة من سوريا وتخشى من التطرف الإسلامي، فلتكن في الواجهة ولتتحمّل فاتورة محاربة الإرهاب والتطرف التي تدفعها الولايات المتحدة منذ سنوات”.

وشدّدت على “أننا حالياً أمام منعطف جديد، فالجميع دون استثناء ساهم في تدمير سوريا وفي مأساتها، ولكن مع إعلان الانتخابات الرئاسية السورية تمّ نسف الإجماع الدولي بأن الحل السياسي هو الحل الوحيد، وهناك تحوّل وقرار لإعطاء المعارضة المعتدلة أسلحة كانت حُجبت عنها ولتلعب دوراً عسكرياً، غير أن هذا سيحمّل المعارضة المعتدلة عبء النظام والسلفيين وغيرهم، وسينهكها”.

وتساءلت درغام: “ما معنى الانتصار إذا بقي بشار الأسد، فالبلد ممزق والشعب مشرذم، وهناك خوف من التقسيم في سوريا. كما أن هناك من يعتقد أن مجرد إجراء الانتخابات في ظل الظروف غير العقلانية سيسحب عن النظام شرعيته”.
——————————————–

(*) تصوير: إبراهيم بيكال / جريدة المستقبل