ماذا بعد المصالحة الفلسطينية بين “فتح” و”حماس “؟

ما كادت المصالحة الفسلطينية – الفلسطينية المنتظرة تبصر النور حتى تسابقت كل من اسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة على إعلان المواقف الشاجبة والرافضة للمصالحة الفلسطينية، وكأن هذه المصالحة أتت في السياق الخاطئ للحسابات الإسرائيلية والأميركية التي لديها على ما يبدو مصلحة دائمة في ابقاء الإنقسام والإختلاف الفلسطيني قائما أبدا ودائما طالما أن هذا الأمر يضعف القضية الأساس أي قضية فلسطين، ومن خلال هذه المواقف المستغربة والمستنكرة من كل انسان منحاز بحق إلى القضية الفلسطينية، تكشف كل من اسرائيل والولايات المتحدة عن حقيقة نواياها السيئة تجاه قضية فلسطين وشعبها المناضل في سبيل طرد المحتل الغاشم من أرض فلسطينواستعادة الحقوق المشروعة المغتصبة بقوة الحديد والنار التي تضرب بعرض الحائط جميع المواثيق والأعراف الدولية،والتي تتعارض جملة وتصيلا مع مبادئ الحرية والقيم الإنسانية كافة.

وفي هذا السياق، أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية “حماس” بالأمس تنفيذ اتفاق للمصالحة بما في ذلك تشكيل حكومة توافق وطني خلال خمسة أسابيع.جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك لإسماعيل هنية رئيس حكومة حماس في قطاع غزة وعزام الأحمد القيادي في منظمة التحرير الفلسطينية، بعد جلسة حوار استمرت قرابة خمس ساعات في منزل هنية بمخيم الشاطئ.

وشدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس على عدم وجود “تناقض بين المفاوضات والمصالحة” مؤكدا التزام الفلسطينيين بالسلام القائم على الشرعية الدولية.واكد عباس في بيان رسمي صدر عنه “لا تناقض بتاتاً بين المصالحة والمفاوضات، خاصة اننا ملتزمون باقامة سلام عادل قائم على اساس حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية”.وتابع “ان مصلحة الشعب الفلسطيني تتطلب الحفاظ على وحدة الارض والشعب”.

واضاف البيان ان الرئيس الفلسطيني قال تعقيبا على اعلان وفدي المصالحة الوطنية انهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الذي جرى في مدينة غزة ظهر الاربعاء “ان مصلحة الشعب الفلسطيني في الحفاظ على وحدة الارض والشعب ستقوي وستساهم في تعزيز اقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.
وتابع الرئيس الفلسطيني “ان مثل هذه الخطوة المدعومة عربيا ودوليا ستعزز من قدرة المفاوض الفلسطيني على انجاز حل الدولتين، وهو الامر الذي ينسجم تماما مع مبادرة السلام العربية واتفاقيات مكة والدوحة والقاهرة، ومع الشرعية الدولية وقرار الجمعية العامة للامم المتحدة في العام 2012 الذي اعترف بدولة فلسطين بصفة مراقب على حدود عام 1967”.

وأفاد بيان المصالحة الفلسطينية الذي تلاه هنية أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيبدأ مشاورات “تشكيل حكومة التوافق الوطني بالتوافق من تاريخه وإعلانها خلال الفترة القانونية المحددة خمسة أسابيع استنادا إلى اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة.”

وأكد البيان على تزامن الانتخابات التشريعة والرئاسية والمجلس الوطني (…) ويخول الرئيس بتحديد موعد الانتخابات بالتشاور مع القوى والفعاليات الوطنية على أن يتم إجراء الانتخابات بعد ستة أشهر من تشكيل الحكومة على الأقل.
وفور الاعلان عن المصالحة، خرج الاف الفلسطينيين الى الشوارع في غزة احتفالا بانهاء الانقسام الفلسطيني.

وتجمع مئات الفلسطينيين قرب ساحة الجندي المجهول على مقربة من مقر المجلس التشريعي في مدينة غزة، كما تجمع مئات اخرون في ميدان خان يونس ومثلهم في رفح في جنوب القطاع وهم يرفعون الاعلام الفلسطينية ويرددون الهتافات ومنها “وحدة وحدة وطنية”

كما تظاهر المئات في شوارع شمال القطاع بينما اطلقت مئات السيارات العنان لابواقها في الشوارع احتفالا بالاتفاق الذي كان اعلن قبل دقائق.

وكانت حركتا “فتح” و”حماس” اتفقتا ليل الثلاثاء ـ الأربعاء على تاليف حكومة كفاءات في غضون خمسة أسابيع، وذلك خلال اجتماع عقد في قطاع غزة بين “حماس” ووفد من منظمة التحرير الفلسطينية.

إلى ذلك، أعلنت الولايات المتحدة أنها تشعر بخيبة أمل بسبب اتفاق حركة المقاومة الاسلامية “حماس” في غزة ومنظمة التحرير الفلسطينية التي يقودها الرئيس الفلسطيني محمود عباس على تنفيذ اتفاق مصالحة، وقالت إنه يمكن أن “يعقد جهود السلام بشكل خطر”.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين ساكي للصحفيين “التوقيت مثير للمشاكل ونشعر بالتأكيد بخيبة أمل ازاء الاعلان”، مضيفةً “يمكن أن يعقد ذلك جهودنا بشكل خطر، ليس فقط جهودنا وإنما جهود كل الاطراف”.

كما قال مسؤول كبير بالإدارة الأميركية إن الولايات المتحدة سيكون عليها إعادة النظر في مساعدتها للفلسطينيين إذا شكلت منظمة التحرير الفلسطينية التي تقودها حركة فتح حكومة مع حركة المقاومة الإسلامية حماس.
وأوضح المسؤول لـ “رويترز” طالباً عدم نشر اسمه، أن “أي حكومة فلسطينية يجب ان تلتزم بلا غموض وبوضوح بنبذ العنف والاعتراف بدولة اسرائيل وقبول الاتفاقات السابقة والالتزامات بين الطرفين” في المحادثات الاسرائيلية الفلسطينية، مشيراً إلى أنه “إذ شكلت حكومة فلسطينية جديدة فسنقيمها اعتماداً على التزامها بالشروط الموضحة أعلاه وسياساتها وتصرفاتها وسنحدد أي انعكاسات على مساعدتنا حسب القانون الأميركي”.

وفور الاعلان عن تنفيذ المصالحة الفلسطينية، شن الطيران الحربي الاسرائيلي غارة جوية على شمالي قطاع غزة ما ادى الى اصابة 6 أشخاص بجروح، في وقت ألغت سلطات الاحتلال جلسة مزمعة في مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، ما يُعتبر رداً من قبل الاسرائيليين على اعلان انتهاء الانقسام الفلسطيني.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الناطق باسم وزارة الداخلية في حكومة حماس اياد البزم قوله أن “ستة موطنين اصيبوا بصاروخ اطلقته طائرة استطلاع اسرائيلية على دراجة نارية قرب نادي بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة”، موضحاً ان احد الجرحى في حالة خطرة”.

وقد نقل الجرحى الى مستشفى “كمال عدوان” في بيت لاهيا لتلقي العلاج وفق مسعف.

وذكر شهود عيان ان سائق الدراجة النارية “نجا” من الاستهداف الجوي الاسرائيلي، من دون اي تفاصيل اخرى.
وجاءت الغارة الجوية بعد قليل من اعلان حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر صحافي في غزة انهاء الانقسام واتفاق المصالحة الذي ينص على تشكيل حكومة توافق وطني برئاسة الرئيس محمود عباس خلال خمسة اسابيع.
ولاحقاً، اعلنت سلطات الاحتلال الاسرائيلي الغاء جلسة مزمعة في مفاوضات السلام مع الفلسطينيين.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان أن “إسرائيل جلسة مفاوضات كان من المتوقع انعقادها هذا المساء”.

وفي سياق متصل، أكدت مصادر في قطاع غزة بأن حركتي فتح وحماس اتفقتا رسميا على تشكيل حكومة كفاءات وطنية في غضون خمسة أسابيع.
وجاء الاتفاق أثناء اجتماع وفد الرئاسة الفلسطينية -الذي ترأسه مسؤول ملف المصالحة في حركة فتح عزام الأحمد- مع قيادة حماس بحضور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي، وأحمد بحر نائب رئيس المجلس التشريعي، ورئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية.

وقالت المصادر إن هنية استقبل الوفد في منزله، وألقى كلمة ترحيبية أكد خلالها أن “الوقت والظروف الحالية التي تمر بها القضية الفلسطينية لم تعد تحتمل استمرار الانقسام”، داعيا إلى بدء التنفيذ الفوري لكل ما تم التوقيع عليه من اتفاقيات في القاهرة والدوحة بشأن المصالحة.
وذكر أبو مرزوق في لقاء أن الملفات التي سيبحثها الطرفان ليست جديدة، بل هي ملفات تم التوافق عليها مسبقا سواء خلال لقاءات القاهرة أو الدوحة.وأشار إلى أن الملفات المطروحة على الطاولة ثلاثة، أولها تشكيل حكومة كفاءات وطنية وما يتبعها من تفصيلات تتعلق بآليات تنفيذها وبمهامها، لافتا إلى أن التشاور بشأن الحكومة سيهدف إلى تشكيلها في أجل أقصاه خمسة أسابيع.

ويتصل الملف الثاني -حسب أبو مرزوق- بلجنة منظمة التحرير وكل ما يتبعها من إعادة تشكيل المجلس الوطني أو المهمات المتعلقة بلجنة المنظمة كإطار قيادي مؤقت للشعب الفلسطيني.

أما الملف الثالث فيبحث الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتحديد مواعيدها والأسس التي ستقوم عليها ومقتضياتها، وفق أبو مرزوق الذي أعرب عن أمله في إنجاز هذه الملفات الرئيسية “بروح طيبة”.وكانت حركتا فتح وحماس اتفقتا الأسبوع الماضي على عقد لقاء هذا الأسبوع في غزة لبحث المصالحة.وتعود حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية إلى الاشتباكات التي وقعت في قطاع غزة عام 2007 وانتهت بسيطرة حركة حماس على القطاع. وقد أخفق الطرفان في الاتفاق على كيفية تنفيذ اتفاقات المصالحة التي تمت بينهما، وعلى رأسها اتفاق القاهرة المبرم عام 2011.
________________________

(*) – هشام يحيى