جلسة الأوراق البيضاء… ما لها وما عليها!

عادة يكون إسقاط ورقة بيضاء أو “احتجاجية” في صناديق الإقتراع قد يشكل مخرجا دستوريا “وقانونيا” لمن يرغب في تسجيل موقف بعيداً عن خيار الإستنكاف والمقاطعة الذي يرفعه عدد متنام ممن فقدوا الأمل بإصلاحات سياسية حقيقية خارج “ديكورات” عملية التحديث الدائرة في حلقات مغلقة.

فإلقاء الورقة “البيضاء” ممارسة لحق المواطنة، وعمل سياسي منظم ووسيلة مجدية ترفع معدل المشاركة، لكنها لا تحتسب لمصلحة أي جهة أو أي من المرشحين، في الوقت ذاته، تؤشر هكذا ممارسة إلى أن من يتبع هذا الخيار يعني أنه يريد المشاركة في الحياة السياسية عبر الإحتجاج الإيجابي بهدف لفت نظر أصحاب القرار إلى إستيائهم المتعدد الأسباب، كما تصب في إطار حث السلطات على تغيير سياسة الأمر الواقع.

فالورقة البيضاء تعني ببساطة أن أياً من المرشحين لم ينل ثقة “الناخب” وهو ما حصل في أول جلسة إنتخاب لرئيس الجمهورية، حيث عمد النواب الناخبون ولأغراض سياسية تختلف عن أغراض “المواطن الناخب” في الإنتخابات النيابية-الذي يسعى من خلال الورقة البيضاء إلى التغيير- إلى الإقتراع بورقة بيضاء منعاً لوصول المرشح سمير جعجع إلى سدّة الرئاسة، فكانت الورقة البيضاء (52 ورقة) سيدة التنافس في الجلسة الإنتخابية.

فيما مضى في الأربعينيات والخمسينيات كانت الإنتخابات تشهد طرائف وتعبيرات عن مواقف تعبر عن سخرية واستهزاء أحيانا وكان كثيرا ما يكتب بعض الناخبين أسماء فنانات وراقصات غير مرشحات سواء في الإنتخابات العامة أو إنتخاب رئيس المجلس للنيابي أو رئيس للبلاد، وكانت هذه الظاهرة تتكرر في برلمانات سوريا ولبنان ومصر قبل الثورة، وهو امر قد يكون من باب الطرافة ولكنه تعبير عن عدم قناعة بالمتنافسين، كما يقول أحد الفنانيين الظرفاء لـ”الأنباء”.

 وتقول دراسة أعدّها أحد الباحثين الفرنسيين عن الإقتراع بالورقة البيضاء في دول أوروبا حيث يشير إلى أن هذا النوع من الإقتراع تزايدا منذ العام 1993 حتى اقترب من الـ 5%. وخلافا للقوانين اليونانية والسويدية او البلجيكية “حيث الانتخاب الزامي”، فإن القانون الفرنسي يحتسب الأوراق البيضاء بين المقترعين، ليحوّلها عمليا إلى إمتناع عن التصويت، بيد أن دستور الجمهورية الثانية كان قد اعتمد الخيار المعاكس بإسم حق الناخبين في التعبير عن خياراتهم، ومنذ العام 1988 تم تقديم 12 اقتراح قانون من اجل الإعتراف بالإقتراع الأبيض، وكان آخرها عام 2003، لكن أياً منها لم تقر، وتتحرك الجمعيات من أجل التمييز بين الأوراق البيضاء وتلك المعتبرة “ملغاة” كي تحتسب على حدة.

وهذا السلوك “بالإقتراع الأبيض” لايقتصر على أوروبا، فكثيراً ما شهدت دول العالم العربي “إقتراعاً بالأبيض” وما حصل في الإنتخابات الجزائرية منذ أيام خير دليل على ذلك، حيث إحتل “الإقترع بالأبيض” المرتبة الثالثة بين المرشحين الأربعة، وسجلت نسبة الأوراق البيضاء ما يقارب المليون ورقة من مجموع أكثر من 10 ملايين انتخبوا وأدلوا بأصواتهم.

> وعليه وفي خضم الصراع السياسي القائم في بلادنا بات إستخدام الورقة البيضاء تعبير عن رفض الناخبين للطاقم السياسي الموجود في ظل غياب الإصلاحات الديمقراطية التي تؤمّن التمثيل الصحيح، أما أن يستخدّم النواب هذا الخيار في إنتخابات رئيس للجمهورية إعتبره كثيرون على مواقع التواصل الإجتماعي عمل غير مسؤول “لأن نواب الأمة بدهم ورقة بيضاء”كما قال البعض، فيما اعتبر آخرون أن النواب “عملوا بما يمليه عليهم ضميرهم الوطني !! Looooolllllll كتب أحدهم ساخراً من ضمير السياسيين ليضيف معلقٌ آخر على تطيير نصاب الدورة الثانية:”ما حدا يخاف عالنصاب، في 128 نصّاب نصبوا الكراسي!”

——————————

 (*) رحاب حمد