الانتخابات “المهزلة”.. و”الرياء” الاميركي

د. صلاح ابو الحسن

البراميل المتفجرة تتساقط.. والنسوة تنتحب وتتشح بالسواد حدادا على رحيل اطفالها واحبائها.. وفي المقلب الآخر يتفجّر “عرس” الديمقراطية داخل “مجلس الشعب”.. الذي يعجّ بـ”الزجّالين” وبـ”مباخر” اشباه “الممثلين” في محاولة لطرد رائحة الدماء وطرد “ارواح” الابرياء من الاطفال واالنساء والشيوخ الذين قاربت اعدادهم الربع مليون انسان..

الدماء التي تنزف.. لا تشبه دماء ساكني مجلس الشعب بشيء.. هؤلاء مسموح لهم فقط، مشاهدة وسائل الاعلام الرسمية، المرئية والمقروءة والمسموعة.. وهم ربما لا يعرفون بأن في بلدهم حرب.. ولم يسمعوا لا بالبراميل المتفجرة ولا بالكيماوي ولا بتدمير مدن وبلدات وآثار بلدهم ولا بنزوح وتهجير حوالي نصف شعبهم.. وعندنا ايضا، بعض “الرؤوس” مُبرمجة على “محطات” معينة.. الاذاعات والتلفزينات والصحف والراديوات خاضعة للألوان..

شرّ البلية ما يضحك، عندما تسمع رئيس “مجلس الشعب” يتلو “الفرمان”، الذي يدعو “الشعب” لانتخاب رئيس جمهوريته في الثالث من حزيران..

وشرّ البلية ما يضحك، عندما يعلن رئيس مجلس الشعب، فتح باب الترشيح لمن يرغب!!..

وشرّ البلية ما يضحك، عندما يتحدث رئيس مجلس الشعب، عن “المحكمة الدستورية العليا” المخوّلة النظر بالترشيحات وصحتها..

وشرّ البلية ما يضحك، عندما يحدّد الدستور، الميزات والمواصفات للمرشح الى الرئاسة، واليكم بعض هذه الشروط:

ان يكون مقيما في البلد عشر سنوات على الاقل اقامة دائمة.. ان يكون من أبوين متمتعين بالجنسية بالولادة.. ان يكون غير متزوج من غير جنسية بلده.. ان يكون مواطنا بالولادة.. ان لا يحمل جنسية اخرى.. ان يكون غير محكوم بجرم شائن.. ان يحصل على تأييد 35 نائبا من مجلس الشعب.. ان يكون قد اتمّ سن الاربعين بداية السنة و..

وشرّ البلية ما يضحك، عندما يُقال: ان الانتخابات ديمقرطية ونزيهة وشفافة وعادلة.. ومراقبة من قبل “الحزب”.. وطبعا الرقابة من مهمة اجهزة المخابرات..

هذه المواصفات لا يتمتع بها الا شخص واحد “أحد”.. في كل الجمهورية.. سواء كان معارضا او مواليا.. حتى زوجته لا تتمتع بكل هذه الميزات..

رغم كل هذا، غدا سيظهر اكثر من مرشّح لرئاسة الجمهورية من “معارضة النظام”.. لاثبات “المصداقية”.. احدهم سيسقط بالضربة القاضية بسبب سجله “الاسود” في المخابرات و”سيتبخر”.. أخر لم يتمم الاربعين في بداية السنة او لم يحصل على العدد الكافي من اعضاء مجلس الشعب.. وغيره ستثبت سجلات المخابرات – عفوا المحكمة الدستورية – انه غادر البلاد “خلسة” او ربما بمهمة “رسمية” الامر سيان.. القانون قانون.. ولا ميزة لمواطن على آخر.

الذين لا تنطبق عليهم مواصفات الترشح.. يتساوون مع نتيجة الرئيس الفائز: 99%.. الاوراق في صندوق الاقتراع يجب ان تتساوى مع عدد الناخبين.. ولذلك لا حاجة للفرز ولا للتأكد من الذين لم يدلوا بأصواتهم سواء كانوا مهاجرين او نازحين.. فالمخابرات تتولى الأمر..

الانكى.. وهنا “المهزلة”.. ان يصدّق هذا المرشح المعارض “الكذبة”.. بان “قبول” ترشيحه جاء نتيجة تاريخه الحزبي والنضالي والقومي “العظيم”.. فينتظر النتائج بفارغ الصبر!!..

وفي كل الحالات، اما ان يكون “المرشح” من صنف “البلّه”.. او أن يكون صورة بشعة لما يُسمى “ديمقراطية”.. او انه ممن همست في أذنه المخابرات.. ولا يجرؤ على ردّ الطلب.. وربما خُيّر بين “صيدنايا” أو الترشح للرئاسة.. وحتما لن يختار الاسوأ.. ولكن في النهاية سيبقى على الأقل مرشحا واحدا “تتويجا” للديمقراطية.. “الأصيلة”.. في الانظمة الديكتاتورية..

لا ادري، اذا كانت “المحكمة الدستورية العليا” ستفاجىء الجميع، برفض طلب ترشيح “الرئيس” الحالي واللاحق.. بسبب جنسية زوجته.. او انها سبق وتخلت عن جنسيتها الاجنبية بعد ان اصبحت “السيدة الاولى”.. او لأن الرئيس متزوج من سيدة لا تحمل جنسية بلدها بالولادة””!!.. لننتظر “عدالة” المحكمة!!..

والسؤال الذي “يشغل البال”، كيف سيتم التعامل مع المغتربين.. الذين يحملون جنسية أجنبية ومقيمون خارج بلدهم.. اذا خطر في بال أحدهم ان “يُخاطر” ويتخطى “الخطوط الحمر”؟؟..

ولماذا الانتظار حتى الثالث من حزيران لاعلان فوز “سيادة الرئيس”.. طالما النتيجة معروفة.. وخير البرّ عاجله..

ولكن، لا يجوز الاغفال عن “المهزلة” الاميركية، والمهزلة التي نسمعها من الامين العام للامم المتحدة ومن الأخضر الابراهيمي عندما تتحدث الاولى عن “لاشرعية” الانتخابات السورية، والآخرين عن ان الانتخابات هي “تقويض” للحل السياسي للازمة.. فيما لم نسمعهم من قبل ينتقدون التوريث من الاب للإبن.. بل رحّب الاميركيون بالتوريث “السلس”!!..

النظام لم يتغيّر.. فالسجون وقمع الحريات والتصفيات والاغتيالات وتصدير الارهاب.. هي ذاتها منذ خمسين سنة.. الاميركي هو الذي تغير وتخلّى عن مبادىء الحرية والعدالة..

وغدا ستعترف اميركا واوروبا وبعض العرب بـ”شرعية” الانتخاب.. وسيسحبون تهويلاتهم!!..

الذين يعترفون برئيس “الكرسي” المتحرّك.. سيعترفون برئيس “الكيماوي والبراميل”..

واخيرا، لا بد من الاشارة الى ان “الاصدقاء والاشقاء” الذين خاضوا المعارك نيابة عن النظام وأنقذوه يوم كان يحتضر.. هم من سيقطفون “النصر الالهي”.. وعلامات الريبة بين “الصديقين اللدودين” بدأت تظهر للعلن.. وما على “النظام”، الا ان يستعد للمعركة القادمة بينه وبين أولياء نعمته.. وهو لولاهم لما كان اليوم موجودا لكي يترشح!!..
الناخب الاكبر هو من يخوض المعارك نيابة عنكم من اجل بقاء نظامكم.. سيكون نظاما من دون جيش.. بعد ان قُتل من قُتل وانشق من انشق واستشهد من استُشهد.. اصدقاءكم يقولون ان لا جيش لديكم يمكن الاتكال عليه.. وعناصر قوة “ممانعتكم” الكيماوية والعسكرية تبخّرت..

قبل سنوات.. كان هؤلاء، هم الاوصياء على اشقائهم لثلاثين سنة وهم لا زالوا يحلمون بالوصاية.. اليوم جلبوا “الدبّ الى كرمهم.. وباتوا تحت الوصاية.. وصاية الشقيق والصديق..

الجهات التي فوضتهم بالوصاية على اشقائهم لحوالي ثلاثة عقود.. قد تكون هي ذاتها التي ستفوّض “الشقيق والصديق” بالوصاية عليكم نتيجة “الصفقة النووية” المنتظرة.. والذين حرّروكم من مواطنيكم “العملاء والارهابيين” سيتحولون الى قوات “ردع” ثابتة لتحريركم من سيادتكم..

نعم، من زرع الإرهاب وصدّره الى دول الجوار.. سيحصد اليوم الوصاية.. وغدا سترون “ثقل” الوصاية.. وقد أذقتم أشقاءكم المرّ والعلقم منها..

النار التي أشعلتموها ستلتهمكم.. و”راجح” الحرب الكونية الذي اخترعتموه سيبتلعكم.. هل ستقولون غدا: الحمد لله خسرنا النظام والشعب والتاريخ.. ولكننا ربحنا الرئاسة..

وأخيرا، حرام هذا الشعب العظيم وهذه الدولة الرمز العربي الكبير.. أن يحكمهم جهلة وأغبياء.

وكل انتحابات وانتم بخير..

اقرأ أيضاً بقلم د. صلاح ابو الحسن

“الدروز” الى أين؟؟!!

هل “هزة” حماة وحلب تُبدل قواعد اللعبة

الى رفاقنا وأهلنا وأصدقائنا في المتن الأعلى “تجربتكم مع هادي سبقت نيابته”

ترامب ومصير الإنتخابات

الناخب بين “الحاصل” و”المحصول”

قانون الإنتخاب “الإلغائي” و”شفافية” التزوير..

لا تصدّقوا وعود الإنتخابات

لا تستخفوا بالمعترضين

بعد الغوطة.. الإرهاب أرحم

ولماذا الإنتخابات؟!

انقلب باسيل على تفاهم مار مخايل.. وقضي الأمر!!

هكذا صهر يُعفي العهد من الأعداء

مصائر الديكتاتوريات متشابهة!

بين نداء الحريري ونداء “صاحب الزمان”!!

ما أحوجنا اليك

وأخيرا… “طفح الكيل”!

“كأنه حُكم على اللبنانيين أن يحكمهم دائما الجهال”..

رسالتي الى الرفيق تيمور

إنتصار “الأوهام” الكاذبة!

صنّاع الإرهاب هم صنّاع تقسيم سوريا!