لماذا ترشيح هنري حلو؟

رامي الريس

لم تخالف مجريات وقائع الجلسة البرلمانيّة لانتخاب رئيس جديد للجمهوريّة اللبنانيّة التوقعات المرتقبة، بل سارت وفق ما كان مرسوماً بدقة. نواب الوسط صوتوا لمرشح جبهة النضال الوطني واللقاء الديمقراطي النائب هنري حلو، فيما صبّت معظم وليس كل أصوات فريق الرابع عشر من آذار لمصلحة رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع بعد أن توترت بعض مناخات مدينة طرابلس إستذكاراً لدم الرئيس الشهيد رشيد كرامي، فيما صبّت معظم أصوات (وليس كلها) لمصلحة الورقة البيضاء بعد أن أحجم فريق الثامن من آذار عن ترشيح العماد ميشال عون لعدم توفر التوافق حول إنتخابه.

مهما يكن من أمر، فمن الواضح أن الأداء الدستوري لن تكتمل عناصره قبل بناء تفاهم سياسي أو تسوية رئاسيّة ما تُترجم داخل قاعة الهيئة العامة للمجلس النيابي. ولكن، هل عناصر هذه التسوية متوفرة في هذا الوقت؟ وهل المؤثرات الخارجيّة لأي تسوية محتملة باتت متوفرة لتحقق الدفع المطلوب في الملف الرئاسي اللبناني؟

لبننة الاستحقاق شعار مهم، لا بل في غاية الأهميّة، لا سيّما أنها المرّة الأولى التي يكون فيها الهامش المحلي الأوسع منذ زمن بعيد بعد أن أفرغ الاستحقاق الرئاسي تدريجيّاً من بعده الداخلي على مدى سنوات وأخذ بعداً دراماتيكيّاً بعد إتفاق الطائف حيث لم تعد سلطات الوصاية تراعي حتى الاعتبارات الشكليّة في إختيار رئيس الجمهوريّة.

حالة الانقسام العامودي العميقة في البلاد والتي تجذرّت على كل المستويات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة حتمّت إعادة رفع الصوت الوسطي الذي لا بد أن يكون له مساحة سياسيّة ما، فكان ترشيح كتلة جبهة النضال الوطني للنائب هنري حلو.

كتلة جبهة النضال الوطني التي عادت وتوسعت لتصبح اللقاء الديمقراطي مجدداً، هي كتلة سياسيّة متنوعة وتملك الحق بترشيح شخصيّة سياسيّة وطنيّة للموقع الأول في الدولة الذي هو موقع للبنانيين جميعاً وليس لطائفة أو مذهب، لا بل محاولة “حشر” هذا الموقع لمصلحة طائفة أو مذهب هو إنتقاص من دور هذا الموقع كمرجعيّة سياسيّة ودستوريّة عليا في البلاد.

المعركة الرئاسيّة مستمرة داخل وخارج أروقة المجلس النيابي مع ما قد تستدعيه من تعرّج على بعض العواصم حول العالم لتسهيل الولادة المنتظرة للعهد الرئاسي الجديد. لكن الأكيد أن الفراغ هو عدو الاستقرار، وهو سيؤدي إلى المزيد من الاضطراب السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي. أما تولي الحكومة السلاميّة السلطة في حال خلو سدة الرئاسة فهو تدبير دستوري إحترازي لتسيير عجلة الدولة لكن لا يمكن أن يشكل بديلاً عن إنتخاب رئيس جديد للجمهوريّة.

لكل هذه الأسباب مجتمعة، كان ترشيح هنري حلو!

—————————————-

(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة

Facebook: Rami Rayess II

Twitter: @RamiRayess

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس

عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!

التسوية شجاعة وإقدام!

الأحزاب وبناء الدولة في لبنان

أعيدوا الاعتبار لـ “الطائف”!

الإعلام والقضاء والديمقراطية!

وفروا مغامراتكم المجربة… واقرأوا!

عن “الأقوياء في طوائفهم!”

ما بعد الإنتخابات النيابية!

لمن سأقترع في السادس من أيّار؟

إنه السادس من أيار!

لائحة المصالحة: قراءة هادئة للعناوين والتطلعات

لا، ليست إنتخابات عادية!

عن تجاوز الطائف والأكلاف الباهظة!

الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!

الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح!

للتريث في قراءة مفاعيل التريث!

كيف ستنطلق السنة الثانية من العهد؟

تغيير مفهوم الإصلاح!

“حبيبتي الدولة”!

من حقّ الناس أن تتعب!