أزمة اوكرانيا تضرب الاقتصاد الروسي

ارتفعت الترجيحات بأن تغرق روسيا في حالة من الانكماش الاقتصادي خلال العام الجاري، انعكاسا لتأثيرات الأزمة مع الغرب بسبب اوكرانيا والتي تلحق الضرر باقتصاد يعاني اصلا من مشاكل هيكلية.

واظهرت بيانات نشرت الاسبوع الماضي، ان روسيا بدأت تعاني من تأثيرات اسوأ ازمة سياسية بينها وبين الغرب منذ الحرب الباردة.

وادى تهديد بفرض عقوبات على روسيا من قبل الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الى هروب رؤوس اموال بشكل كبير من روسيا في الاشهر الثلاثة الاولى من العام الحالي.

الا انه وقبل اندلاع الازمة، بدأ نمو الاقتصاد الروسي يتباطأ بسبب مشاكل داخلية مثل انخفاض انفاق المستهلكين وضعف الاستثمار وضعف الطلب على صادرات روسيا من الطاقة.

وحذر وزير المالية الروسية انطون سيلوانوف، هذا الاسبوع من ان الاقتصاد الروسي قد لا يسجل اي نمو خلال العام الحالي.

وقال سيلوانوف في بيان، ان بلاده تواجه اصعب ظروف اقتصادية منذ العام 2009 عندما دخلت في تباطؤ عميق.

وكشف وزير الاقتصاد اليكسي اوليوكايف حينها ان الاقتصاد الروسي سجل تراجعا بنحو 0,5 في المئة في الربع الاول من العام الحالي مقارنة مع الربع الاخير من العام 2013.

وادت حالة عدم الاستقرار الاقتصادي التي خلقتها الازمة الاوكرانية الى تصاعد حركة هروب رؤوس الاموال الصافية والتي تضاعفت مقارنة مع العام السابق لتبلغ قيمتها 50,6 بليون دولار في الربع الاول.

كما تواجه روسيا مشاكل هيكلية طويلة المدى من بينها ضعف دور القطاع الخاص في الاقتصاد الذي تهيمن عليه الدولة، وانخفاض انتاجية العمال، والاعتماد الخطير على صادرات الطاقة الذي اصبحت مكشوفة بشكل كبير.

وقال اوليوكايف ان “الوضع الاقتصادي اصبح اكثر صعوبة، كما تفاقمت العوامل الداخلية بسبب المستوى المرتفع لعدم اليقين في ما يتعلق بالعملات والاسواق المالية، وهروب رؤوس الاموال بشكل خطير، وعدم استعداد المستثمرين لاتخاذ قرارات في هذا الوضع الدولي الحرج”.

واشارت مؤسسة “كابيتال ايكونومكس” الى ضعف النمو في الانتاج الصناعي، وضعف مبيعات التجزئة في الربع الاول، وهو ما يرسم صورة مستقبلية “قاتمة” للبلاد.

وحذرت المؤسسة من ان انخفاض عملة الروبل الروسية التي سجلت ادنى مستوى لها مقابل الدولار في 3 اذار(مارس) بعد تصويت موسكو على السماح للرئيس فلاديمير بوتين بارسال قوات الى اوكرانيا، يمكن ان يؤدي الى التضخم.

وقالت المؤسسة ان “الاقتصاد الروسي ليس في طور الانهيار كما يخشى البعض، ولكن مع تصاعد الازمة في اوكرانيا، يمكن ان يشهد تدهورا”.

واضافت ان “صمود الاقتصاد الروسي امام كل هذا هو امر مبالغ فيه غالبا”.

وقال خبراء اقتصاد في مؤسسة “في تي بي كابيتال” ان بيانات الربع الاول تظهر ان الشركات “تمتنع عن انفاق راس المال” بينما كثفت العائلات من شراء البضائع المستوردة.

وراى الخبراء ان “النظرة المستقبلية تدل على انه من المرجح ان تظل الاستثمارات تحت الضغط، بينما من غير المرجح ان يتواصل صمود المستهلكين في بيئة تشهد تباطؤا في نمو الدخل”.

اما اكثر ما يخيف المستثمرين فهو احتمال فرض عقوبات يمكن ان تضر بالاقتصاد الروسي بشكل كبير اذا ما تجاوزت تجميد الارصدة وحظر منح التأشيرات الذي اعلن عنهما الغرب.

وتعتمد ميزانية روسيا بالكامل على صادرات الطاقة خاصة الى الغرب ولكن حتى مخزوناتها الهائلة من الطاقة “يمكن ان تقوض بشكل كبير” اذا توقفت اوروبا عن شراء الغاز الروسي، وفقا لكابيتال ايكونوميكس.

ووعدت روسيا بزيادة الرواتب والمعاشات التقاعدية بشكل كبير لسكان منطقة القرم، كما تعتزم الحكومة الاستثمار في البنية التحتية وقطاع السياحة في شبه الجزيرة قبل حلول الصيف.

وقد يتلقى الاقتصاد الروسي بعض العون من الاتفاق الذي وقعته موسكو مع اوكرانيا والغرب في جنيف الخميس الماضي، ولكن يبدو تنفيذ هذا الاتفاق غير اكيد حتى الان.

كما ان ما يعزي بوتين هو ان البنك المركزي الروسي لديه اكبر احتياطي من العملة الاجنبية والذهب في العالم بحيث تصل قيمتها الى 473,9 بليون دولار.