وليد بيك وحماية الرئاسة والكيان

رياض الاسعد (مختار نيوز)

دخل الاستحقاق الرئاسي مرحلة ربع الساعة الاخيرة من السباق الى قصر بعبدا. إلى اليوم لا “طحشة” واضحة خلف أي مرشح. هناك الاقوياء من بين الموارنة، مرشحو الصف الاول ميشال عون وسمير جعجع وأمين الجميل وسليمان فرنجية. والحكيم أحرجهم بترشحه المعجل وبرنامجه الاعجل، ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.

وخلف الصف الاول، أو الممتاز، تطول السلسلة الى أطول من سلسلة الرتب والرواتب واللجان، تبدأ اللائحة بأقطاب الوظائف الاولى من الطائفة الكريمة كرياض سلامة وجان قهوجي، ولا تنتهي حتى آخر ماروني في أبعد جرد على أقصى نقطة من الجمهورية اللبنانية.

الاكيد مع تحديد الاربعاء المقبل موعدا أول لانتخاب الرئيس، ان الانتخابات حاصلة، حاصلة، حاصلة. ليس من أول محاولة، وربما ليس من الثانية، وربما لا تتحقق بتصويت طبيعي، ربما تحتاج الى تلقيح اصطناعي، او نضطر الى حمل خارج الرحم، لكنها في مطلق الاحوال حاصلة، وقبل نهاية ايار المقبل ستنعم بعبدا بساكن جديد.

وليد بيك جنبلاط بيضة قبان كعادته. كيفما بدّل أو غيّر من مواقفه، تبقى الثابتة الوحيدة انه بيضة قبان، حالت أكثر من مرة دون انهيار البلد عبر الخيارات الخاطئة لـ”تيوس” الرابع عشر والثامن من أذار الاشاوس.

وليد بيك قال علناً انه لن يعلن عن مرشحه الا في جلسة الانتخاب الموعودة. وفي كلامه احتار المحللون الاقربون والأبعدون. هو “ينام ملء عيونه عن شواردها ويسهر الخلق جراه ويختصم”. لكن لصمت البيك معنى أخر. وبدأ يبوح بما يفكر فيه. بالأمس سأل وهو بين حلقة من الاصدقاء لماذا لا نفكر خارج الصندوق؟ قال ما معناه ان الاسماء المطروحة معروف خيرها من شرها. ليس من بينها ولا اسم واحد يريح اللبنانيين، ويرفع يدهم عن قلبهم.

الرئاسة في لبنان ليست مجرد المنصب السياسي الأول. هي رمز وحدة البلد، ورمز صيغته. ليست مبالغة القاعدة التي تقول “لبنان لولا المسيحيين ما قام، ولولا المسلمين ما دام”. الموقع المسيحي الاول أو الماروني هو الموقع اللبناني الأول في لبنان الذي لن يكون للاستعمار مقرا أو ممرا الى اخوانه العرب بل وطناً سيداً حراً عربي الوجه. الرئاسة اللبنانية هي حامية الكيان وحافظة التوازن الدقيق لتعددية لبنان في زمن العصبيات والجهل المذهبي.

برأي وليد بيك الطوائف اللبنانية مأزومة. هذا الكلام تحصيل حاصل. الشيعة أسرى ثنائية أمل وحزب الله. والسنة اسرى احادية المستقبل، والدروز اسرى المختارة والاضطهاد الاقلوي. يبقى الموارنة في حال أفضل. هم يبكون ملكا زائلا، ولكن مراكز القوى بينهم لا تسمح بحالة الغائية. ويبقى ان التوازنات اللبنانية بعد الحرب الأهلية معطوفة على الدور المناط بموقعهم الكياني لم تعد تسمح بجنوح قياداتهم نحو التطرف.

الدينامية المارونية المستجدة قادرة على اعادة انتاج زعامات او مرشحين للمنصب الاول من خارج الاسماء المتداولة. فبرأي وليد بيك ان في صفوف المجتمع المدني اللبناني الذي نجح في خوض معارك اصلاحية عابرة للطوائف، في صفوفه مؤهلون للرئاسة، ومن بينهم أسماء لامعة خارج لبنان، تعرف كيفية التعاطي مع المؤسسات الدولية، وخرجت بتفكيرها من شرنقة الحسابات المحلية الضيقة والقابضة على النفس ونجحت في الاختبارات الوطنية والعملية.

كلام وليد بيك ليس هروبا الى الامام بل دعوة للتفكير في الخيارات الممكنة من خارج العلبة التقليدية، ودعوة للتفكر في سبيل لحماية الكيان الذي تنخره شيخوخة مبكرة.