تأجيل السلسلة يدفع بالسباق الرئاسي نحو الواجهة

دفع تأجيل البتّ بسلسلة الرتب والرواتب خمسة عشر يوماً بملف الإنتخابات الرئاسية إلى واجهة الحراك السياسي والنيابي، فحدد الرئيس نبيه بري الثالث والعشرون من نيسان جلسة اولى لانتخاب رئيس الجمهورية، بعد حسم الجدال الدستوري حول دور المجلس وعدم التضارب بين صلاحياته التشريعية والانتخابية قبل الخامس عشر من أيار، وإمكانية الدعوة لإنتخاب رئيس دون تطيير إمكانية الاتفاق على تشريع قوانين إقرار السلسلة بعد دراستها من قبل اللجنة النيابية الوزارية التي تشكلت عقب اليوم النيابي الطويل، كما تأتي الدعوة للجلسة الإنتخابية الأولى بعد حسم النقاش أيضاً حول النصاب القانوني للجلسة الانتخابية والذي حدد بثلثي أعضاء المجلس أي (86 عضو)، ما يعني ان الجلسة الاولى لا تعدوا كونها جلسة اختبار نوايا.

تحديد موعد الجلسة الانتخابية بالتزامن مع دخول البلاد عطلة الأعياد المجيدة، أزاح عن كاهل اللبنانيين أعباء ضغط الاضرابات والاعتصامات التي زامنتها هيئة التنسيق النقابية مع مواعيد مناقشة السلسلة، وبالتالي فإن تحديد موعد الإضراب العام يوم 29 نيسان يريح الأجواء العامة ويعطي فرصة للنقاش الهادئ والمداولات السياسية بين الاطراف كافة تجاه حسم خيار شخصية الرئيس العتيد للجمهورية والذي لا تزال تحوم حول إمكانية دخوله قصر بعبدا في الـ25 من أيار الكثير من الشكوك، على الرغم من المواقف السياسية الداخلية والاقليمية المطمئنة إلى ضرورة احترام المواعيد الدستورية.

إلا أن مصادر سياسية مطلعة ترى أن إمكانية تمرير الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية تشكل فرصة ذهبية لإعلاء الدور اللبناني في رسم خيارات البلاد بنسبة تفوق نسبة التأثير الخارجي، وإن كان هذا الامر مرتبط أيضاً بتوافق إقليمي بين طهران والرياض بمباركة أميركية، وربطت المصادر بين الحراك السياسي الذي تستضيفه الرياض، وبين الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الايراني الى الإمارات العربية، ما يشير الى التناغم الإقليمي حول لبنان، وهذا ما لم ينعكس بعد على الأجواء الداخلية بحيث ان القوى المختلفة في 14 و8 لم تحسم خياراتها ولم تسمي مرشحيها.

ورأت المصادر ان الجلسة الاولى التي دعا إليها الرئيس بري، تأتي بمثابة جث نبض للكتل النيابية التي بدت في جلسة التصويت على السلسلة متحررة من قيود التحالفات الكبرى، ما يوفر إمكانية تحقيق إختراق ما في الجلسات الانتخابية اللاحقة حول شخصية توافقية تأتي في النصف+1، على غرار جلسة انتخاب الرئيس سليمان فرنجية الجد في سبعينيات القرن الماضي بخيار داخلي ومباركة عربية ودولية.

ضمن هذا السياق ترى المصادر ان الأيام القادمة ستدفع القوى الأساسية الراغبة في خوض غمار الانتخابات الرئاسية لا سيما (الزعماء المسيحيين الأربعة) باتجاه إعلان أسماء مرشحيها، فيما تبقى الشخصية المحتمل انتخابها رهن الدقائق الاخيرة من العملية الانتخابية.

في هذا السياق كشفت مصادر في قوى 14 آذار “أن إطلاق بري السباق الرئاسي سيحتم عليها أن تنهي مشاوراتها حول توحيد موقفها بدعم ترشح جعجع للرئاسة قبل انعقاد الجلسة. وهي ستواصل هذه المشاورات في اليومين المقبلين. وقالت المصادر إن أولويتها هي الدخول الى الجلسة موحدة الموقف حول ترشيح جعجع ودعمه لأن هذا يساعد على دخولها المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية بعد أن تجرى الدورة الأولى منها بعدم حصول جعجع على أكثرية الثلثين (كما ينص عليه الدستور)،بموقف قوي وموحد أيضاً بعد دراسة الموقف حول بقائها على دعمها لترشيح جعجع للدورة الثانية التي تتطلب أكثرية النصف زائد واحداً، أو انها تدخل بمفاوضات حول مرشح توافقي.

أما من جهة قوى 8 آذار فإنها لم تحسم ما إذا كانت ستطرح المرشح الذي تدعمه في جلسة الأربعاء المقبل والذي هو رئيس تكتل التغيير والإصلاح النيابي العماد ميشال عون، أو انها تكتفي بترك الحلبة لترشيح جعجع فيفشل في الحصول على أكثرية الثلثين ليطرح عون بعدها ترشيحه وتؤيده قوى 8 آذار في الدورة الثانية من الانتخاب… وفي جلسة أخرى يدعو إليها بري.

الى ذلك، افادت مصادر نيابية مواكبة لعمل اللجنة التي انبثقت من الجلسة العامة الاخيرة لمتابعة البحث في سلسلة الرتب والرواتب، “ان اللجنة ستنطلق الى العمل بعد عطلة الفصح ابتداء من الثلثاء المقبل وسط توقعات أن تكون جاهزة لعرض صيغة معدّلة للسلسلة في الاول من ايار المقبل بحيث يتم التزاوج بين المطالب المعقولة والواردات المحسوبة، سيما وان التباين في الارقام بات كبيراً وأن تكاليف كبير ستدفعها الدولة على قطاع من المتقاعدين سينعكس سلبا على قدرة المواطن وعلى الاقتصاد الوطني دون إمكانية الإستفادة من هذه المدفوعات في مشاريع إنمائية أو في تحريك الاقتصاد الداخلي المجمد.